أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الشروط العشرة لسلامة إيران.. مزن مرشد*

أرشيف

لم نعد سُذجاً، فقد ولت الأيام التي كنا نصدق فيها شعارات إيران: "الموت لأمريكا والموت لإسرائيل"، إذ كشفت لنا الأيام الكثير مما كان مُخبأً بين السطور، وتحت الطاولات، وكيف ساعدت هذه الأمريكا والغرب بتمكين نظام الملالي من طهران لتكون حجة حرب واستنزاف دائم في المنطقة.


فلولا إيران وطموحها بإقامة الهلال الشيعي لما حصلت أمريكا وغيرها من الدول على مليارات الدولارات من صفقات السلاح الخليجية.


وعلى ما يبدو أن الغزل، بين طهران وواشنطن، مستمر رغم التجييش الإعلامي ونقل حاملات الطائرات، ووضع الأهداف الأمريكية على خارطة الاستهداف الإيراني.


لكن الأكيد وبرغم كل هذا التصعيد غير المسبوق، أن لا مصلحة للبلدين بالمواجهة العسكرية بينهما، فثمة قطع للأرزاق ووقف لحالات الابتزاز، واستنزاف لأموال ونفط ودم المنطقة.


آخر الأخبار، وبعد إرسال رقم ترامب الخاص لطهران عبر وسطاء، بدأت واشنطن ترسل شروطها، والمرفوضة إيرانيا على ما يبدو، ليعود الابتزاز وبأثمان أكبر هذه المرة فمن بين الشروط المسربة على سبيل المثال لا الحصر وقف تخصيب اليورانيوم وعدم القيام بتكرير بلوتونيوم، بما في ذلك إغلاق مفاعلها العامل على الماء الثقيل مع تقديم تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول البعد العسكري لبرنامجها النووي والتخلي عن القيام بمثل هذه الأنشطة، ومنح مفتشي الوكالة بالوصول إلى كل المواقع في البلاد.
وهذا ما رفضته طهران أكثر من مرة.


كما اشترطت أمريكا أيضاً وقف نشر الصواريخ الباليستية والتطوير اللاحق للصواريخ القادرة على حمل الأسلحة النووية، إضافة لإخلاء سبيل كل المحتجزين من الولايات المتحدة والدول الحليفة والشريكة لها، من سجون طهران.


ولم تنسَ واشنطن إرهاب إيران فاشترطت حل التشكيلات الشيعية المسلحة ونزع سلاحها، مع سحب جميع القوات، التي تخضع للقيادة الإيرانية، من سوريا، ووقف تقديم الدعم لـ"التنظيمات الإرهابية"، الناشطة في الشرق الأوسط، بما في ذلك "حزب الله" اللبناني، وحركة "حماس"، وحركة "الجهاد الإسلامي"، ووقف الدعم العسكري للحوثيين في اليمن، ولحركة "طالبان" و"الإرهابيين" الآخرين في أفغانستان، وعدم إيواء مسلحي "القاعدة، ووقف "دعم الإرهاب" بواسطة قوات "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني.


وهذا ما يصعب على إيران قبوله بعد أن مكنت أذرعها في المنطقة عبر هذه التنظيمات، بحسب ما يجمع عليه المحللون.


ولا تكتفي واشنطن بالمسائل النووية والإرهاب، بل تتجاوزها إلى شروط تحسين لغة إيران أيضاً من خلال شرط أن تتخلى إيران عن لغة التهديد في التعامل مع دول مجاورة لها، بما في ذلك الكف عن التهديدات بالقضاء على إسرائيل والهجمات الصاروخية على السعودية والإمارات، والتخلي عن تهديد عمليات النقل البحرية الدولية.


تزامناً مع تسريب هذه الشروط يعلن ترمب أنه لا يريد حرباً مع إيران، فعلى ما يبدو ما يزال بحاجتها كفزاعة ناجحة لدول المنطقة بما يخدم المصالح الأمريكية فيها.


فقد كان العداء الإيراني الخليجي دائماً دجاجةً تبيض ذهباً بالنسبة للغرب، وقد يكون دونالد ترمب الرئيس الأمريكي الوحيد الذي أفصح وبوقاحة عن غايات بلاده المالية من السعودية خاصة، وباقي دول الخليج عامة.


وفي حرب التصريحات التي تصل اليوم إلى أشدها، لم يكن عشوائياً أن تُستهدف أربع سفن في المياه الإقليمية الإماراتية إضافة لمنشآت نفطية في الرياض، رغم إنكار إيران مسؤوليتها عن الحادثتين إلا أن طريقة الاعتداء وأهدافه لا تدع مجالاً للشك في هوية الفاعل، فالمعادلة تكمن في أن تقابل طهران معاقبتها بتقييد تصدير النفط وتقييد القطاعين المالي والمصرفي فيها، بالرد عبر عمليات تخريبية كهذه لجر أمريكا لإعادة التفاوض معها.


يبدو أن إيران أجادت اللعب على حبل الاحتمالات، وأجادت أكثر معرفة أساليب عدوها المزعوم بتعامله مع الأزمات فهي تدرك جيداً أن خوضها حرباً اليوم في هذه الظروف بالذات، ستكون نهاية ما سمي بالجمهورية الإسلامية الإيرانية. وسينتهي حكم الملالي وأحلامه إلى الأبد.


قد تكون هذه المواجهة هي الأمل الوحيد لنا كسوريين بالخلاص من الوجود الإيراني في سوريا ودعمها للأسد، لكن- ما كل ما يتمناه المرء يدركه- فإيران تعرف حجمها جيداً وإن حاولت ومنذ نشأتها أن تظهر بمظهر العملاق الموازي لأعتى القوى في العالم.


وأمريكا تدرك أيضاً بأنها قادرة على تحجيم إيران ومناورتها بالعقوبات من دون أن تتكلف أي خسائر عسكرية أو بشرية، وفي ذات الوقت ما يزال أمام أمريكا الكثير لتأخذه من دول الخليج بمقابل حمايتهم من الخطر الإيراني.


وباعتقادي ستبقى إيران ذلك الشرير الذي ستسخدمه أمريكا مراراً وتكراراً لابتزاز المنطقة، وربما وهذا الأقرب للواقع أن تقوم أمريكا بتوجيه ضربة عسكرية متواضعة لإيران كتلك التي وجهتها لمطار الشعيرات، والتي لم تغير أي من موازين القوى على أرض الواقع، ولكنها بالتأكيد ستجبر نظام الملالي على مواصلة التفاوض.

* من كتاب "زمان الوصل"
(181)    هل أعجبتك المقالة (183)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي