أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

موقف دول الخليج من اللاجئين السوريين.. سليمان النحيلي*

الكاتب: دول الخليج أعطت منظمة الأمم المتحدة ملايين الدولارات من أجل مساعدة اللاجئين السوريين

ربما يستغرب القارئ هذا العنوان، فالإنسان الذي أصبح لاجئا لأن الرصاصة أو القذيفة أخطأته فقتلت أخاه، لا يشغله بعد ذلك ربما إلا البقاء على قيد الحياة، واللاجئ الذي دكّت البراميل المتفجرة بيته، فحمل من نجا من أولاده، ويمّم وجهه صوب بلدٍ مجاور ٍلا يطمح بقصر منيف، بل تكفيه خيمةٌ مؤثثةٌ بالأمان، وسماء تحوّم فيها الطيور لا الطائرات.


ولأن اللاجئ إنسان مضطهد، فقد شغلت حقوق اللاجئين اهتمام القانون الدولي الإنساني، إضافةً للمنظمات الدولية الإنسانية، فكانت معاهدة اللاجئين عام 1951 -وما تلاها من اتفاقياتّ دوليةٍ وقّعت عليها معظم دول العالم- بمثابة الإطار الأساسي القانوني الذي حدّد مفهوم اللاجئ وحقوقه.


فاللاجئ هو مَن غادر بلاده خوفا من التعرص للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أوجنسيته أو انتمائه إلى فئة معينة أو بسبب آرائه السياسية ولايستطيع العودة أو لا يريد العودة إلى بلاده بسبب ذلك الخوف.


ولقد كرّست الاتفاقية المذكورة أعلاه للاجئين جملةً من الحقوق التي يتمتعون بها في البلد المضيف أو بلد الملجأ، والتي تعتبر واجبات ملقاة على عاتقه، أهمها:


1- استقبال اللاجئين وعدم إعادتهم إلى بلدانهم قسراً: ويأتي ذلك ضمن "مفهوم الحماية المفترضة للّاجئ" التي تعتبر جوهر الغاية من اللجوء.
2- عدم ملاحقة اللاجئين بتهمة الدخول غير القانوني للبلد المضيف، حيث إن ما يحصل على الأرض أنّ اللاجئ يكون مضطراً إلى دخول البلد المضيف عبر المنافذ غير الرسمية خوفاً من الاعتقال أو القتل، وخاصة ً في حالة تجاورِ البلد المضيف مع بلد الاضطهاد أو (البلد الأصلي)، وهذا يشكل جرماً يُعاقب عليه قانون أي دولة تخترق حدودها، لكن مفهوم الحماية يعود مجدداً ليشكل ظرفاً مبرراً يحول دون ملاحقة آلاف اللاجئين بالدخول غير القانوني للبلد المضيف.
3 - الحق في السكن: وهذا الحق تحدده الدولة المضيفة، ويكون إما في مخيمات تُعدُّ بالتعاون مع المفوضية السامية لحقوق اللاجئين، أو في البيوت والمساكن ضمن المدن والبلدات.
4- الحق في التعليم: وخاصة الأطفال وذلك بالتنسيق بين المفوضية السامية للاجئين ومنظمة اليونيسيف من أجل تأمين المدارس والمناهج الدراسية ومقاعد الجامعات بالمجان، ففي الأردن مثلاً يجلس الطالب السوري على مقعد واحد بجانب الطالب الأردني.
5- حق الحصول وثائق الهوية:
حيث تقوم السلطات المختصة في البلد المضيف بإصدار بطاقاتٍ رسميةٍ خاصةٍ باللاجئين بمثابة هويةٍ، تسمح لهم بالتنقل وتسهل عليهم الحصول على المساعدات والخدمات المقدمة لهم كلاجئبن.
6 - الحصول على المساعدات العامة: حيث يتم ذلك بالتنسيق بين المفوضية السامية لحقوق اللاجئين وبين البلد المضيف.
7 - الحق في العمل: ولايقُصد من ذلك أنٍ من واجب البلد المضيف تأمين فرص العمل لللاجئ، إنما كل ماعليه هو السماح له بالعمل وإصدار وثيقة (رخصة عمل) تسمح له بالعمل وبحرية التنقل في البلد المضيف بشكل ٍ قانوني، كما تحفظ حقوقه العمالية تجاه رب العمل، على اعتبار أن العامل وهو اللاجئ الغريب يعتبر طرفاً ضعيفاً في علاقة العمل.
8- ضمان الحق بالتقاضي أمام المحاكم: بأي حق له مالي أو شخصي، وخاصة حقوقه العمالية، لأنّ من يملك الأصل، وهو العمل يملك الفرع (المطالبة بالحقوق العمالية).
9 - حرية ممارسة الشعائر الدينية لللاجئين وأبنائهم، وكذلك فإن حقوق الملكية الأدبية والصناعية والتجارية مصانة لللاجئ في البلد المضيف.
10 -الحصول على الجنسية: فمن حق اللاجئ اكتساب جنسية البلد المضيف إذا كانت قوانينه تسمح بذلك.


ولعل ما يثير التساؤل لدى اللاجئين السوريين في سياق الحديث عن حقوق اللاجئين بشكلٍ عام، هو عدم استقبال بعض دول الخليج للاجئين السوريين بالرغم من اتساع هذه الدول وغناها ومقدرتها على القيام بأعباء استقبالهم، فمن الموضوعية أرى توضيح مايلي:


- إنّ دول الخليج العربي ليست طرفاً في المعاهدة الدولية الخاصة باللاجئين عام 1951 ومكملاتها، فبالتالي هي غير ملزمة من الناحية القانونية باستقبالهم.
- ومع ذلك -وللإنصاف - فإن دولة قطر منحت (حق الإقامة المتجدّد دون رسومٍ مالية) لعشرات الآلاف من السوريين المقيمين على الأراضي القطرية الذين انتهت مدة إقامتهم، أو الذين دخلوا قطر بعد اندلاع الثورة السورية وتداعياتها. كما قدمت لهم المساعدات الإنسانية بشكل كبير.
- إنّ دول الخليج أعطت منظمة الأمم المتحدة ملايين الدولارات من أجل مساعدة اللاجئين السوريين.
- إنّ دول الخليج نظرت إلى قضية اللاجئين على أنها (قضية أمن داخلي) يخصّ الخليج كدولٍ تجمعهم منظمة إقليمية دولية خاصة بهم.
(وكقضية أمن دولي) وخاصةٍّ بعد انتشار الإرهاب، الأمر الذي يؤثر على الأمن الخليجي المستقر، إضافةً للتحديات الدائمة المتربّصة بدول الخليح من الشاطئ الشرقي له.


وبشكل ٍ عام، فإنّ الحقوق الممنوحة لللاجئ مهما كانت عالية الإيجابية لن توفر له وطناً، إنها موقف إنساني من البلد المضيف يضمن حياته وأمنه ريثما تنتهي الظروف التي أجبرته على مغادرة وطنه.

*من كتاب "زمان الوصل"
(177)    هل أعجبتك المقالة (177)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي