أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عندما يفتش اللاجئون السوريون عن أدوات لعيشهم في أوروبا..!

صورة تعبيرية - جيتي

بعد مرور سنوات عديدة على المأساة السورية، ما يزال وضع اللاجئين السوريين في أوروبا بشكل عام مقلقاً للاجئين أنفسهم وللجمعيات والمؤسسات التي تهتم بشؤونهم.

وفي الوقت الذي يعلم فيه اللاجئون ومتابعو شؤونهم أن الوضع في سوريا لا يزال غير سانح لعودة أي لاجئ مهما كان سبب لجوئه أو مغادرته لبلده، بدأ السوريون يشعرون في أوروبا أنهم من بين الضيوف غير المرحب بهم، أو من الأشخاص الذين مل العالم من بحث مأساته.

وفي فرنسا على وجه الخصوص، بدأت أوراق اللاجئين السوريين وخاصة من هم تحت الحماية تتأخر في الإنجاز، وعلى سبيل المثال لا الحصر مواعيد تجديد الإقامات، وتجديد جوازات السفر، والمرتبطة أيضاً ببطاقة التأمين الصحي، وتقديم المساعدات المالية الضرورية لعيش العائلات المهجرة.

لكن كي يبتعد اللاجئون عن مشكلة المساعدات وتأخرها، بدؤوا بالبحث عن فرص عمل ممكنة تتناسب مع تحصيلهم الدراسي، أو مع خبرتهم أثناء تواجدهم في دول اللجوء الأولى كتركيا أو لبنان.

يشير السيد "أبو صلاح" المقيم في مدينة "ليموج" الفرنسية إلى أنه يسعى لافتتاح مطعم سوري صغير في هذه المدينة، لكنه سأل عن تكاليف هذا المطعم فوجد أن مجرد استئجار مكان مساحته 50 مترا مربعاً تتطلب إيجاراً شهرياً لا يقل عن 500 يورو، بالإضافة إلى تأمين شهر آخر. كما أن الإيجار المهني أي المتعلق بأي عمل كان يفرض على المستأجر توقيع عقد مستمر لا يقل عن ثلاث سنوات، إن لم يكن ستة، وهذا الأمر يجعل حتى المستثمر الفرنسي يهرب إلى بلد أوروبي آخر كاسبانيا، أو يتهرب ضريبياً بطريقة أو بأخرى.

أما السيد "خليل" الذي أنشأ بالشراكة مع سوريين آخرين وعرب محلاً في سوبرماركت لبيع المواد الغذائية السورية فيقول لـ"زمان الوصل":"لم نكن لنستطيع أن نفتح مثل هذا المحل لو لم يكن لدينا شركاء من المغرب يقيمون في فرنسا منذ سنوات كثيرة.. فهم اهتموا بالأوراق الأولية لتأسيس الشركة، ولدفع الإيجار السنوي، في حين أعمل أنا وشبان آخرون في الجزارة وإعداد الوجبات المطبوخة ومحاسبة الزبائن. وكانت البداية صعبة خاصة وأن السوبرماركت كبيرة، ويحتاج الزبون لفترة طويلة للتعرف على المحال الجديدة، كما أن المنافسة موجودة حتى على مواقع الإنترنت المخصصة للبيع".

الأستاذة "عبير" -التي درست الأدب العربي- رأت أن العمل في فرنسا أمر شبه مستحيل، فتعلم اللغة الفرنسية وحده يحتاج سنوات عديدة، والدخول في سلك التعليم يتطلب أن يكون المعلم منخرطاً في المدارس مسبقاً، ومعترف به في وزارة التربية الفرنسية. أما الأعمال الأخرى كالخياطة والتطريز وما شابه، فهناك فرنسيون يحتكرونها بدءاً من بيوت الأزياء العريقة في باريس، وانتهاء بمحال بيع الملابس في المدن الصغيرة. ولذلك يحاول اللاجئ أن يتأقلم بالعمل كمتطوع في بعض الجمعيات التي تقدم الملابس للفقراء، من خلال إعداد تصليحات للملابس أو للستائر الموجودة، ما عدا ذلك، فلا يبدو أن طريق العمل مفتوح أمام اللاجئ السوري الغريب الذي ما زال الشعب الفرنسي لا يعرفه بشكل جيد.

أبو محمود يؤكد أن ما يقلق اللاجئ السوري حالياً هو التأخر تجاهه بكل شيء، كتأخر تجديد الإقامة السنوية، وتأخر تحديد موعد مع البريفكتور(مركز الشرطة المسؤول) لتجديد البطاقة، وتأخر أوراق المساعدات المادية وضياع الملفات وتأرجحها بين مدينة وأخرى، بشكل يجعل اللاجئ يخشى أن يصبح غير قادر على شراء قوت عائلته اليومي.

السيدة "أسما" تتحدث لـ"زمان الوصل" بلهجتها المحكية:"صرنا نعجز ويضيق خلقنا.. الحياة هنا متعبة وتجعلنا نفقد صبرنا أحياناً.. كل يوم ذات الروتين، أوصل ابني إلى المدرسة وأعود إلى التنظيف والغسيل وما شابه.. ثم يأتي وقت إعادته من صفه.. حياة مملة وقاسية، لا ندري كيف نحتملها وإلى متى؟.. المساعدات أيضاً تنقطع لا ندري لأي سبب، سوى من خلال موعد نأخذه مع المساعدة الاجتماعية".

وفي صالة صندوق المساعدات (كاف) في مدينة "ليموج" التي تستقبل 30 شخصاً على كراسيها، ترى الكثيرين ينتظرون دورهم بشغف لمعرفة مصير ملفاتهم، قد يكون بعضهم لاجئاً سورياً انقطعت عنه المساعدات بقدرة قادر، أو مريضاً أو فرنسياً لا يعمل.. يتساءلون بوجوههم الواجمة إلى متى سيتأملون بمساعدة قد تأتي أو لا تأتي، أو عملاً يسدون به رمق أيامهم.

رنا حاج إبراهيم -زمان الوصل
(202)    هل أعجبتك المقالة (196)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي