تروي هذه الأحداث السجينة السابقة عائدة الحاج يوسف، التي كانت مسجونة مع الفتاة صاحبة القصة...
كما هو معروف في كل المجتمعات فإن للزفاف يوما مميزا جميلا يُوثّق لحظةً بلحظة على خلاف الأيام العادية الروتينية.
الفتاة "مروة" (اسم مستعار) تنحدر من مدينة حمص، تبلغ من عمرها 20 عاماً، ابتسامتها لا تغيب، أُحضرت إلى جناح الإرهاب في "سجن عدرا المركزي" بعد أن قضت ستّة شهور في "فرع فلسطين"، وقبلها ثلاثة أيّام في زنازين لجان "ميليشيا الدفاع الوطني" وثلاثة أيّام في "فرع الأمن العسكري".
بعد أربع سنوات من علاقة حب قرّرت "مروة" وخطيبها الزواج أخيراً، وبعد حفل الزفاف في حمص توجّه العريس مُصطحباً زوجته إلى منطقة "النبك" في ريف دمشق ليحتفل مع عائلته، لكن في الطريق أوقفها حاجز أمنيّ يتبع للجان ميليشيا "الدفاع الوطني" وطلبوا منهما "حلوان" الزفاف، وحين رفض العريس ذلك قاموا بطلب صيغة العروس، إلّا أنّها هي الأخرى رفضت ذلك، فقام عناصر الحاجز بإنزالهما من السيارة وأخذوا منهما تحت تأثير العنف كُلّ ما لدى العروسين من مال ومصاغ ذهبي، وطلبوا من الفتاة المُرتدية ثوب الزفاف الأبيض الرقص لهم، فلجأت مُحتميةً بعريسها الذي لا حول له ولا قوة في ذاك الموقف، فتلقّيا ضرباً مُبرحاً من وبعد توجيه السلاح إلى صدر عريسها رقصت مُرغمةً على ذلك، ولم يُرض كُلّ ذلك غرور عناصر الحاجز فأكملوا وظيفتهم في ضرب العروسين الأعزلين حتى أُغمي عليهما.
استفاقت "مروة" بعد ثلاثة أيّام واجدةً نفسها في زنازين "اللجان الشعبية"، مُقيّدة في أحد الأسرّة الحديدية، وجسدها النحيل مليءٌ بالكدمات، وثوبها الأبيض مُلطّخٌ بالدماء، وتمّ تحويلها بعد ذلك إلى "فرع الأمن العسكري" بالعاصمة دمشق بعد أن استبدلت ثوب الزفاف المُمزّق بطلب من العناصر.
قضت خمسة أيّام في إحدى الزنازين الفردية في "فرع الأمن العسكري" لا تعلم أيّ شيءٍ عن عريسها، ومن ثُمّ حُوّلت إلى "فرع فلسطين" لتقضي فيه ستّة شهور مُتتالية تعرّضت خلالها لأبشع أشكال التعذيب المعنوي والبدني بوسائل إجرامية عديدة، كما تعرّضت للاعتداء الجنسي من قبل مُحققي الفرع مراراً وتكراراً فاقدةً عُذريتها، إضافةً لتشويه جسدها بالماء المغلي حين حاولت المقاومة، وبعد ذلك رُحلت إلى فرع "الأمن القومي"، ثُمّ إلى مخفر "شرطة ركن الدين"، لتنتهي رحلة مأساتها في جناح الإرهاب بـ"سجن عدرا المركزي".
هناك حاولت الاتصال بذويها في مدينة "حمص" دون جدوى بسبب انقطاع الاتصالات عن "المنطقة الوسطى" جراء عمليات قصف الطائرات الحربية الروسية ومدفعية الميليشيات الإيرانية الطائفية، لكن سرعان ما طُلبت للمثول أمام "محكمة الإرهاب" حيث التقت بعريسها الذي يشاركها ذات الملف والتهم، وبمرونةٍ من العريس تحمّل التهم الموجّهة إليهما "حيازة أسلحة والتعامل مع جهات إرهابية" وتلقّى حكماً بالسجن اثني عشر عاماً، وأُعيدت هي إلى "سجن عدرا" بعد تحويلها إلى محكمة الجنايات.
سيطر على "مروة" الإحباط واليأس والقهر، وتحاول دائماً العودة إلى الماضي سائلةً نفسها ونظيراتها في ذات الجناح يا ترى لو أعطت مصاغها لعناصر حاجز "اللجان الشعبية" دون أيّ مقاومة لكانت هي وعريسها بخير مُحقّقين خطّة طريقهم وأحلامهم في مستقبلٍ جميلٍ يلفّهما برفقة أطفالهما.
استطاع أهل العريس المحكوم الوصول إليه وزيارته بعد دفع مبالغ مالية طائلة، وقاموا بتعيين محامٍ "صوري" لـ "مروة" استطاع إخراجها بعد ما طلب الكثير من المال، وما زالت تعيش مع ذوي عريسها القابع في "سجون الأسد" زوراً وبهتاناً، فقط لأنّه دافع عن شرفهما وكرامتها في ليلتهما المنشودة.
زوجة أمير في تنظيم الدولة "أميرة" بسجن عدرا
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية