أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل يستطيع النظام تجريد اللاجئين السوريين من جنسيتهم؟*

من درعا - جيتي

بعد سيطرة نظام الأسد على الجنوب منذ أشهر مضت، وفشل مساعيه الدولية في دفع اللاجئين السوريين للعودة تماماً مثلما فشلت روائح المناسف -التي تفوح منها روائح اللحم البشري التي أعدّها النظام على الحدود الجنوبية السورية - في استدراج اللاجئين للعودة إلى حضنه الكيماوي.


ومنذ ذلك الفشل، وبين ليلة وضحاها، تنتشر أخبار غير مؤكدةٍ بين أوساط اللاجئين مفادها أنّ وزارة داخلية النظام تُعدّ الإجراءات لإصدار بطاقات ٍ شخصيةٍ جديدة، وأن من يتقاعس من السوريين سواء في الداخل أو الخارج عن تجديد بطاقته سيُجرّدُ من الجنسية، كما يُشاع بأن "لجنة الحريات" في مجلس الشعب تناقش مشروع قانون لسحب الجنسية من السوريين الذين في الخارج.


وفي الواقع القانوني لا يخفى مالذلك من آثار أقلّها مصادرة كل ممتلكات اللاجئين وبيوتهم وأراضيهم، ووقوعهم في حالة انعدام الجنسية.


وحيال ذلك، يرشح من مخاوف اللاجئين سؤال بأنه هل يحق لنظام الأسد من الناحية القانونية تجريد ملايين السوريين من جنسيتهم؟
ولسان ُ حالهم يقول إنّ من قتلَ قرابة مليون سوري لن يتورّع عن تجريد عشرة ملايين من جنسيتهم.


وعلى صعيد القانون الدولي فإن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أقرّ مبدأ حق كل شخص بالتمتع بجنسية ٍ ما، وعدم جواز حرمانه من جنسيته.
وحسب قانون الجنسية السوري، فإن تجريد السوري من جنسيته يقع وفقاً لطريقتين:


الأول -وهو التجريد الوجوبي أو القضائي، وهو ينحصر بالسوري المتجنّس الذي ثبت اكتسابه الجنسية بناء على بيان كاذب وبطريق الغش والتدليس.


الثاني -وهو التجريد الجوازي أو الإداري ويشمل كل من يحمل الجنسية السورية سواء بالولادة أم بالتجنّس.


ويصدر التجريد من الجنسية بمرسومٍ رئاسي خاص بناءً على اقتراح وزير الداخلية في الحالات التالية:
1- إذا اكتسب السوري جنسيةً أجنبية ً قبل السماح له بالتّخلّي عن جنسيته السورية.
2 -إذا دخل باختياره في الخدمة العسكرية لدى دولةٍ أجنبيةٍ دون ترخيص سابق من وزير الدفاع.
3 -إذا استُخدم َ لدى دولةٍ أجنبية سواء داخل القطر أو خارجه ولم يلبِّ طلب وزير الداخلية بترك الخدمة خلال مدة يحددها الوزير.
4- إذا أبدى نشاطاً أو عملاً لصالح بلد هو في حالة حرب مع القطر.
5- إذا أُثبتت مغادرته الأراضي السورية بصورة غير مشروعة إلى بلد هو في حالة حرب مع القطر.
6 - إذا غادر البلاد نهائياً بقصد الاستيطان في بلد غير عربي وجاوزت غيبته ثلاث سنوات وأُخطرَ بالعودة ولم يرد، أو ردّ بأسباب غير مقنعة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تبليغه الإخطار.
7- يجوز تجريد من اكتسب الجنسية السورية بالتّجنّس إذا كان التجريد في مصلحة أمن البلاد وسلامتها.


والجدير ذكره أنه في تلك الحالات تسقط الجنسية عن الشخص المسحوبة جنسيته دون أولاده، كما تجوز مصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة إذا جُرّد من الجنسية وفقاً للفقرتين (4-5) فقط.


وفي استخلاص الآثار والنتائج القانونية مما سبق يمكننا القول:
- إن الحالات السابقة تفترض مغادرة السوري البلاد طواعية دون ضغط، والثابت واقعاً، أن جميع السوريين الذين غادروا القطر بعد اندلاع الثورة السورية لم يخرجوا طواعية، بل فرّوا من القتل والاعتقال على أيدي قوات النظام، وعليه فإن ذلك بحد ّ ذاته يكفي لنسف الأساس القانوني لأي قرارٍ قد يتخذه النظام بتجريدهم من جنسيتهم، وكما أنهم حسب القانون الدولي يعتبرون لاجئين وهذا يمنحهم الحماية من تجريدهم من الجنسية.


- كما أن التجريد وفق القانون السوري يكون بشكل إفرادي وباسم كل شخص، وعليه فإنه من غير المتخيل عملياً أن يصدر عشرة ملايين مرسوم باسم كل لاجئ يقضي بتجريد كل واحد منهم من جنسيته، لأنه لو تمّ ذلك ستكون تلك سابقة دولية لم تحصل في التاريخ مطلقاً وستعرّض النظام للمساءلة الدولية، كما سيظهر للعالم بأن النظام هو من هجّر السوريين، وهذا مخالف ٌ لروايته بأنّ من هجّرهم هم المجموعات الإرهابية التي يقاتلها.


- وبخصوص الحالتين (4-5) فإنه وعلى مدار خمسين عاماً من الممانعة والمقاومة، يُعتبر العدو الرسمي ـ لا الواقعي ـ للنظام السوري هو "إسرائيل"، ولم يصدر أي بيان أو تصريح رسمي من النظام باعتبار الدول التي ينتشر فيها اللاجئون معادية.


لكل تلك الأسباب فإن مسألة سحب الجنسية من اللاجئين السوريين لاتتعدى كونها ضغطا إعلاميا من النظام الهدف منه دفع اللاجئين إلى العودة كي لا يظل حاكماً لجمهورية مدمرة بنصف شعب.

*سليمان النحيلي - من كتاب "زمان الوصل"
(234)    هل أعجبتك المقالة (207)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي