أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

فقط، فتش عن إسرائيل.. عدنان عبد الرزاق*

عنصران للنظام في ريف درعا - جيتي

أعتقد أن التصريح الأهم والأكثر استراتيجية، منذ انطلقت الثورة وحتى اليوم، هو ما قاله رامي محمد مخلوف لصحيفة "نيويورك تايمز" بتاريخ 11 أيار من عام 2011، أي بعد أقل من شهرين على انطلاقة الثورة "النظام السوري لن يستسلم بسهولة و"سيقاتل حتى النهاية، ولن يكون هناك استقرار في اسرائيل اذا لم يكن هناك استقرار في سوريا، وأن السلفيين هم البديل عن النظام".

أي "مولينكس" ثلاثة تصريحات بتصريح واحد، الأول، النظام السوري لن يستسلم بسهولة، بمعنى الأسد أو نحرق البلد، وسيقاتل حتى النهاية طلاب الحرية والعدالة، وهو تماماً الذي رأيناه، حتى اليوم، وربما فات مخلوف الابن أن يقول، سيقاتل حتى النهاية ولو استعان بقرود الأرض وشياطينها، على الشعب السوري.

وأما التصريح الثاني، وهو الأخطر والأكثر دلالة "أمن إسرائيل من أمن سوريا" ما يعني دعوة إسرائيل لمشاركة الأسد بقتل الثورة، وإلا ستفقد الاستقرار، وهنا جملة ذات نهاية مفتوحة، يمكن أن تُقرأ على غير وجه واحتمال، بيد أن الاحتمالات والوجوه جميعها، تدلل، أن نظام الأسد حامٍ لحدود إسرائيل ولا يرى فيها عدوا، في حين البديل عن النظام، سيسبب خللاً باستقرارها، وخاصة إن كانوا من السلفيين.

وهو التصريح الثالث "السلفيون بدلاء الأسد" ومتى هذا التصريح، قلنا منتصف الشهر الخامس، أي وقت لم يكن أي سلفية ولا تطرف ولا أسلمة للثورة، ليس بشهادتي أنا، بل باعتراف رأس النظام خلال كلمته على مدرج جامعة دمشق في كانون الثاني 2012.

وأما لماذا تصريح رامي مخلوف هو الأقوى والأكثر استراتيجية، فلأن الأحداث أكدت صوابيته، في حين خابت جميع التنبؤات والتصريحات وحتى التوقعات، سواء ما أطلقها منظرّو الثورة أو أصدقاؤها، أو حتى ما رأته الدول الكبرى لصيرورة الأحداث وديمومة نظام الأسد.

المهم، لن نغوص بالتوقعات ولا بالتأليف والتجني، بل سنأتي على ما هو ظاهر ومعلن بعلاقة بشار الأسد بإسرائيل، ولن نأخذ من كلام رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي بلبنان، وليد جنبلاط، الذي قاله على قناة روسيا اليوم "R T" قبل أيام، من أن بشار الأسد هو أكذب رجل بالعالم ولديه علاقات ومفاوضات مع إسرائيل منذ عام 2012.

بل سنسأل، كيف استعاد جهاز الاستخبارات الإسرائيلية، الموساد، العام الفائت، ساعة الجاسوس"إيلي كوهين" الذي تم إعدامه بدمشق، عام 1965، وكيف يتم البحث اليوم عن رفاته التي قيل إن حافظ الأسد دفنها بكهف قرب القرداحة مسقط رأس الأخير.

وأيضاً، كيف استعادت إسرائيل منتصف 2016 دبابة "ميركافا" التي شاركت في معركة "السلطان يعقوب" إبان حرب لبنان الأولى في حزيران 1982 وتم نقلها إلى المتحف العسكري في موسكو، ليتم تسليمها لتل أبيب خلال الذكرى السنوية الـ25 لقيام العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين.

وكيف لا تنتهي، وأخيرها وليس آخرها، تسليم رفات الجندي "زخاريا بوميل" المقتول منذ معركة السلطان يعقوب عام 1982، والذي أنكر نظام الأسد معرفته بالصفقة، بل وحاول إلصاقها بـ"المتطرفين" قبل أن تنجلي بعض الحقائق أخيراً، وأن رفات "بوميل" ستكون مقابل الأسيرين "أحمد خميس وزيدان الطويل" اللذين تم إطلاق سراحهما أمس.

ليست بالصفقة النكتة والفضيحة، بل بما قاله الأسيران، بأنهما يرفضان العودة إلى "حضن الأسد" فالصحف الإسرائيلية نقلت عن الأسيرين "أحمد خميس" محكوم بالسجن 18 منذ عام 2005 بعد أن عبر الحدود ودخل موقعاً عسكرياً إسرائيلياً في مرتفعات الجولان لاختطاف جنود، و"زيدان الطويل"، المحكوم 11 عاماً والذي قبض عليه في يوليو/ تموز 2008 بسبب عبوره إلى إسرائيل بينما كان يحمل كميات كبيرة من المخدرات" رفضهما العودة إلى بلادهما بعد الإفراج عنهما...وفي هكذا تصريح، وجبة شهية للتحليل والاستنتاج، مقبلاتها، أن العيش لدى العدو، أرحم من العيش بحضن الأسد.

نهاية القول: ثمة حقيقة باتت جلية بعد انقشاع غبار التصريحات وضباب دعم الثورة وأصدقاء الشعب السوري، مفاده باختصار، أن قرار الثورة السورية بيد إسرائيل، ولعل فلاديمير بوتين، من أهم من فهم "كلمة السر" وربما أهم أسباب تسلطه بسوريا واحتلالها، رغم إيذاء الولايات المتحدة، هو بكسبه إسرائيل وتحقيق جميع مطالبها، إن بعودة رفات الأسرى وأغراضهم، أو بمحاولات إبعاد إيران عن حدود إسرائيل، أو حتى منذ عام 2015، وقت دخلت روسيا أرض المعركة، لمنع الثورة من الانتصار وبالتالي إقامة نظام مدني ديمقراطي إلى جوار إسرائيل، لأن بذلك التهديد الوحيد للكيان الصهيوني.

ولكن، هذا لا يعني أن يكون السوريون جميعهم "كمال اللبواني" الذي زار إسرائيل مطلع 2016 وأضاف جرعة انبطاح إضافية، لأن بتلك الهرولة، هدايا مجانية لإسرائيل وذلا سيبقى على جبين التاريخ، أياً كانت المآلات ووصل العرب بالمستقبل، من تطبيع وتقارب وعلاقات مع الكيان المحتل.

وربما، من سوء حظ السوريين، جغرافيتهم المجاورة لإسرائيل، والتي كانت السبب الأهم، باتخاذ قرار دولي، بتحويل مسار الثورة ومنع انتصارها، إلا أنه وبمقياس التاريخ الذي لا يتجلى بسرعة، أن ثورتهم -السوريون- عرت الأنظمة الممانعة التي سرقت الشعوب بحجة محاربة إسرائيل، وكشفت زيف العالم الديمقراطي الذي يتشدق بموازرة الشعوب والوقوف إلى جانب حريتها ومطالبها.. ولعمري بذلك أكبر انتصار للثورة السورية التي ستنتصر بالمعنى العملي ـ إسقاط النظام- ولو بعد حين.

*من كتاب "زمان الوصل"
(248)    هل أعجبتك المقالة (245)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي