أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

السياحة واكتشافات الغاز تبقي قبرص التركية عائمة بوجه أمواج الاقتصاد والسياسة 3-3

تعاني جزيرة قبرص الشمالية من قطيعة شبه دولية، بعد أن دخلتها تركيا عام - زمان الوصل

أصاب شح المياه وتراجع هطول الأمطار جزيرة قبرص التركية، بمقتل، فتراجعت الزراعة ومساهمتها بالناتج الإجمالي، وبدأت التبدلات تتجلى على وجه الجزيرة الجميلة، للحد الذي دفع بكثير من طاقاتها البشرية للهجرة نحو تركيا وأوروبا وقبرص الرومية، قبل أن تسعف تركيا الموقف وتمد الجزيرة بالمياه والكهرباء، بحسب ما أكد "ايردار يرغين" لـ"زمان الوصل" من العاصمة "لفكوشا".


*المياه وتراجع الزراعة
يقول المتخصص بالشأن الزراعي "يرغين"، تراجع معدل هطول الأمطار من نحو 800 ملم إلى أقل من 500 ملم خلال السنوات الأخيرة، ما دفع الفلاحين، لعدم الزراعة بل وللهجرة أو تبديل عملهم والاتجاه إلى السياحة والخدمات، فاستهلاك المياه بقبرص، ومنذ آلاف السنين، وهي محدودة المساحة، أثر حتى على المياه الجوفية التي لم تعد تكفي لمياه الشرب، ولولا أن تمدنا تركيا بمياه الشرب، لامتدت الأزمة حتى للمنازل والفنادق والمنشآت السياحية.


ويلفت القبرصي "يرغين" خلال حديثه لـ"زمان الوصل" إلى أن هذا العام شهد هطول أمطار غزيرة، ما سيؤمن، على الأقل، علفاً للثروة الحيوانية التي تعتمد عليها قبرص، سواء للاستهلاك المحلي ولزوم السياحة، أو تصدير اللحوم والجبن القبرصي الشهير.


وحول أنواع الزراعات في الجزيرة، يضيف المتحدث القبرصي "تراجعت مساهمة القطاع الزراعي بالإنتاج المحلي، إلى أقل من 10%، بسبب تراجع المساحات الزراعية وقلة المياه، ولكن تبقى أصناف الثمار بقبرص، والفواكه منها خاصة، ذات جودة عالية ومطلوبة محليا وللتصدير".


ويقدر متوسط إنتاج الحمضيات السنوي بنحو 120 ألف طن والقمح بنحو 4 آلاف طن والشعير 3 آلاف طن، وهي الزراعات الرئيسية، إلى جانب زراعات أخرى، كالموز والتفاح والبطاطا والعنب الذي يتحول معظم إنتاجه، لصناعة النبيذ.


وما يتعلق بالثروة الحيوانية، يشير "ايردار يرغين"، أنها بتراجع مستمر، لكنها لم تزل تكفي الاستهلاك الداخلي من لحوم ومشتقات الألبان، وبعض التصدير، لتركيا ومنطقة الخليج العربي.


*طاقة السلام
تعاني جزيرة قبرص الشمالية من قطيعة شبه دولية، بعد أن دخلتها تركيا عام 1974، ضمن ما عرف "حركة تحرير قبرص الشمالية" بعد أن قام الرئيس القبرصي وقتذاك، الأنبا مكاريوس، بمهاجمة القرى ذات الأغلبية التركية جراء معارضتها الانضمام إلى اليونان، ما دفع رئيس حزب "السلامة الوطنية"، نجم الدين أربكان، المتحالف بالحكومة مع "بولنت أجاويد"، للتدخل العسكري وإعلان "الحكم الذاتي" ومن ثم إعلان الاستقلال عام 1983، بعد تعثر المفاوضات، لتكون قبرص دولة برئاسة رؤوف دنكطاش، على مساحة 3.355 كم2 وسكان لم يزيدوا حتى اليوم، عن 1.2 مليون نسمة.


وأثرت القطيعة، وخاصة مع التوأم الجنوبي "قبرص الرومية" على إمدادات المياه والكهرباء، ما أوصل الجزيرة لوضع خطر، لولا التدخل التركي وتوقيع اتفاقية التعاون المشترك في مجال الطاقة في اكتوبر/تشرين الأول 2016، الذي وصلت الكهرباء التركية جراءه لقبرص، العام الماضي.


وسبق إمداد قبرص بالكهرباء التركية، ما سمي عام 2015 "مشروع العصر" وهو مشروع مد الجزيرة بمياه الشرب وبعض الري، من ولاية "مرسين" التركية، عبر أنابيب تصل بين سد "ألاكوبرو" في "مرسين" وسد "غيجيت كوي" في جمهورية شمال قبرص التركية، بطول 106 كم، 80 كم منها يمتد تحت مياه البحر، نفذته المديرية العامة لأعمال المياه التركية الحكومية، ليساهم في توصيل 75 مليون م3 من مياه الشرب والري سنويا.


*سياحة وخدمات
يساهم قطاع السياحة والخدمات بقبرص، بنحو 65% من الناتج المحلي الإجمالي البالغ نحو 4.2 مليار دولار، ويلعب دور الرافعة، بعد انتعاش قطاع الفنادق وتأجير وبيع الشقق، كما تقول لـ"زمان الوصل" مصادر من وكالة "ديمتر" السياحية، بالعاصمة "لفكوشا".


ولم تخف المصادر أن ما تدره "الكازينوهات" الموجودة بفنادق العاصمة ومدينة "جيرنة"، الأثر الأهم بالعائدات وزيادة القدوم على الجزيرة المشهورة بأماكن القمار على مستوى المنطقة، فضلا عن شهرة قبرص الشمالية بآثارها التي تعاقبت عليها حضارات عدة، من بيزنطينيين وإغريق وعثمانيين، قبل أن تعود للحضن التركي عام 1974.


وتستقطب أسواق ومعالم العاصمة "لفكوشا"، ذات المطار الوحيد بالجزيرة "إرجان"، الطلبة والسياح، إذ لم تزل تحتفظ بمعالمها العثمانية وآثارها الإسلامية، كجامع "السليمانيّة" الذي كان كنيسة القدّيسة "صوفيا"، وشارعها الرّئيسي "عثمان باشا" المكتظ بالمقاهي والمطاعم ذات اللون والمذاق التركي، وفي آخر الشّارع يوجد الخط الأخضر وهو الذي يفصل بين قبرص اليونانيّة وقبرص التّركيّة.


وقد يكون لمدينة "فاماغوستا" الواقعة على الحدود مع قبرص اليونانيّة، دورومساهمة بالسياحة، نظراً لوجود مسجد "آيا صوفيا" الذي أصبح اسمه جامع "لا لا مصطفى باشا"، ومتحف "نامق كامل" وجبالها المرتفعة ومرفأها الواسع.


إلا مدينة "جيرنة"، الأكثر زيارة واقبالاً، فهي تسرق الأضواء السياحية بقبرص التركية، فعدا قلاعها الثلاث "سانت هيلاريون، وكنتارا، وبوفي فينتو" التي تعكس الحضارات الإغريقيّة، والرومانيّة، وكذلك البيزنطيّة، والعربيّة، فيها الشاطئ الأجمل والأسواق الأكثر نشاطاً، وربما كلمة سرها باستقطابها السياح من أصقاع العالم الذين يسكنون بفنادقها التي تنوف عن أربعين فندق، معظمها ترفق "الكازينو" إلى جانب أي ترويج وإعلان.


*الخلاف على الغاز
زادت اكتشافات الغاز من أهمية جزيرة قبرص، بشطريها التركي واليوناني، ما خلق توترات بين تركيا واليونان، خاصة بعد ما يصفه الأتراك بإقصائهم عن منتدى "غاز شرق المتوسط" الذي استضافته مصر الشهر الفائت، ودفع الرئيس التركي لتحذير أي دولة من التنقيب بمياه قبرص التركية، دون التوافق وعدالة اقتسام الثروة.


ويرى الاقتصادي التركي، "خليل أوزون" أن اكتشافات الغاز قبالة السواحل القبرصية، ومحاولات استلاب حقوق القبارصة الأتراك، زاد من تصميم تركيا على الوقوف إلى جانب قبرص، وهو ما قاله الرئيس "رجب طيب أردوغان" من العاصمة "لفكوشا"، أن قبرص هي قضيتنا الوطنية، وإيجاد حل عادل ودائم هدفنا، مؤكداً أن "تركيا لن تسمح بأن يكون القبارصة الأتراك ضحايا لأية مآزق".


واعتبر المحلل التركي أوزون خلال تصريحه لـ"زمان الوصل" أن قرار تركيا هو الوقوف إلى جانب القبارصة تحت جميع الظروف، ولا تسمح بضياع حقوقها بالغاز، بل السعي لتقسيم الثروات بشكل عادل، وستبدأ في التنقيب عن النفط والغاز، في المياه الإقليمية لجزيرة قبرص، عبر سفن التنقيب التركية التي ستنتقل من عمليات المسح إلى التنقيب، بناء على التصريحات التي منحتها جمهورية قبرص التركية، لشركة "البترول التركية المساهمة"، المعروفة في البلاد باسم "TPAO".


وتعاظم الاهتمام بجزيرة قبرص، بعد أن أعلنت شركة "نوبل "إنرجي" الأميركية، عام 2011 عن أول من اكتشف للغاز قبالة السواحل القبرصية في حقل تقدر احتياطاته بـ 127.4 مليار م3 من الغاز، لكن أعمال الاستخراج لم تبدأ في هذا الحقل رغم إعلان جدواه تجاريا.


ويتزايد الصراع على المنطقة، بعد تقارب "قبرص الرومية" مع مصر واليونان وإسرائيل، وإعلان شركتي "إيني" الإيطالية و"توتال" الفرنسية اكتشاف مخزون جوفي كبير من الغاز في المياه الإقليمية للجزيرة الواقعة في البحر المتوسط.


وتشير نتائج مسوحات جيولوجية جرت في مطلع الألفية الثانية إلى أن حوض دول البحر المتوسط يحتوي احتياطات ضخمة من الغاز والنفط، ووفق تقديرات هيئة المساحة الجيولوجية الأميركية والشركات العاملة في التنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط، فإن المنطقة تعوم فوق بحيرة من الغاز تكفي لسد حاجة الأسواق الأوروبية لمدة ثلاثين عاما والعالم لمدة عام واحد على الأقل.


وتقع هذه البحيرة داخل الحدود البحرية الإقليمية لست دول هي تركيا وقبرص ولبنان ومصر وسورية والأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك قطاع غزة.

الجزيرة العائمة على التاريخ والجمال والتناقضات.."زمان الوصل" في قبرص: مشاهدات وانطباعات 1-3

 

التعليم العالي في قبرص التركية.. قطاع استثماري يعيد التوازن للاقتصاد بعد تراجع الزراعة 2-3


 


 

عدنان عبد الرزاق - قبرص التركية - زمان الوصل
(512)    هل أعجبتك المقالة (505)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي