أظهرت أرقام رسمية أن القسم الأعظم من المساعدات المالية والعينية ما يزال يتدفق على سوريا خارج إطار برنامج "نداء الاستجابة" الذي عكفت عليه الأمم المتحدة منذ سنوات، في محاولة منها لتدارك الآثار الكارثية المحيقة بهذا البلد وشعبه.
الأرقام الصادرة عن وحدة التتبع المالي الملحقة بالأمم المتحدة، والتي اطلعت عليها "زمان الوصل" وتفحصتها، أوضحت أن الوكالات الرسمية الأممية المعنية بالوضع السوري لم تتلق خلال ما مضى من عام 2019 سوى 217 مليون دولار، من أصل الإجمالي الذي طرحه برنامج الاستجابة والمقدر بـ3.10 مليارات دولار، وهذا التمويل الضعيف يمثل فقط 6.6%.
لكن بالمقابل، وصل إجمالي ما تدفق من مساعدات إلى سوريا نحو 1.31 مليار دولار خلال الفترة المنصرمة من العام الحالي، وهو ما يمثل ثلث المبلغ المستهدف هذا العام، والمقترح من قبل الأمم المتحدة وبرنامجها.
وتكشف الأرقام أنه مقابل 217 مليون دولار تم ضخها في قنوات الأمم المتحدة وبرنامجها الرسمي، فقد تم ضخ نحو 911 مليون دولار خارج هذه القنوات، وهو ما يوضح أن كثيرا من المانحين ما يزالون يفضلون العمل بعيدا عن الأمم المتحدة ووكالاتها، تماما كما هو الحال منذ إطلاق برنامج نداء الاستجابة عام 2012.
ففي العام 2018 مثلا تدفقت مساعدات تقدر بنحو 6.1 مليار دولار (هي الأعلى على الإطلاق بين كل السنوات الماضية)، منها نحو 4 مليارات خارج قنوات الأمم المتحدة وبرنامجها، والبقية عبر قنوات المنظمة الأممية.
وفي 2017، تم جمع ما يقارب 5.8 مليارات لصالح الملف السوري، لم يمر منها عبر وكالات الأمم المتحدة سوى قرابة 1.8 مليار، بينما بقي القسط الأكبر من نصيب الممولين الذين يسلكون طرقهم الخاصة.
وما يسري على العامين الماضيين يسري كذلك على الأعوام الخمسة بين 2016 و2012، حيث كانت الغلبة دائما للتمويل خارج قنوات الأمم المتحدة، وبفوارق واضحة وكبيرة.
أما فيما يخص إجمالي المساعدات المارة تحديدا عبر قنوات الأمم المتحدة قياسا إلى الأرقام المستهدفة، فقد كشفت أرقام وحدة التتبع المالي عن مؤشرات تراجع كبير في تغطية الفجوة بين ما تم تقديمه وما تم اقتراحه، حيث لم تغط المساعدات المقدمة خلال الفترة الماضية من هذا العام سوى 6.6%، بينما كانت التغطية ضمن أعلى مستوياتها عام 2018، حيث تقلصت الفجوة بين الرقم المستهدف والرقم المحقق إلى مدى بعيد، واستطاع البرنامج (خلال 2018) الحصول على 65% من نسبة الأموال والمساعدات التي اقترحها.
وخلال 2018 أيضا استطاعت الأمم المتحدة ووكالاتها أن تحصل على أعلى مبلغ تمويل ومساعدات موجهة للشأن السوري منذ تأسيس برنامج الاستجابة، حيث ضخت الجهات المانحة في جيب الأمم المتحدة ووكالاتها قرابة 2.184 مليار دولار، وهو أعلى من المبلغ الذي تم جمعه في عام 2014 بنحو مليار دولار.
أما بالنسبة للدول التي تصدرت مشهد المساعدات المارة عبر قنوات "نداء الاستجابة"، فقد جاءت ألمانيا في الطليعة حيث قدمت تمويلا يقدر بنحو 103 ملايين دولار (من أصل 217 مليون تم جمعها خلال ما انقضى من 2019)، تلتها كندا ثم السويد فالمملكة المتحدة ثم الدنمارك والسويد، فالكويت التي تعد الدول العربية الوحيدة المدرجة في قوائم المانحين العشرة الأكبر لبرنامج الاستجابة لهذا العام حتى تاريخ هذا التقرير.
ولا يعطي مركز الكويت المتأخر نسبيا بين المانحين صورة حقيقية عن وضع هذه الدولة، التي كانت وما تزال تتصدر قائمة الدول المانحة والمساعدة للشعب السوري، لكنها تحرص على تقديم القسم الأعظم من مساعداتها خارج إطار البرنامج الأممي، تماما كما تفعل بقية الدول العربية التي انخرطت في إغاثة سوريا، مثل السعودية وقطر.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية