أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

قصته مع بشرى الأسد كادت تقتله... "رامي" وحكايات لم ترو تمتد إلى كواليس القيادة في سوريا وروسيا وفلسطين والعراق

صورتان لرامي حصلت عليها زمان الوصل - أنظر أدناه

الجزء الأول

خزانة بيت الأسد مليئة بالأسرار التي جرى دفن قسم منها مع من أصحابها، وكان مقدرا للجزء الآخر أن يدفن لولا أن اندلعت الثورة فعرّفت السوريين بتفاصيل ما كان لهم أن يفكروا فيها –فضلا عن أن يتداولوها- لو بقي النظام حاكما برعبه الذي يتخطى الحدود، ويلاحق كل من يمسه أو يكشف عوراته ولو في أقصى أطراف الأرض.

ومن خزانة بيت الأسد المحكمة الإغلاق، تنفرد "زمان الوصل" اليوم برواية قصة العشق الأول في حياة بشرى الأسد، ابنة حافظ الوحيدة والأنثى الحديدية التي لم يكن لأحد أن يقف في وجهها، والتي تجلت شراستها في مواجهة الجميع أيام انقلاب عمها رفعت على أبيها حافظ، حيث نزلت بنفسها لتمزق صور عمها، وتجلت (هذه الشراسة) بشكل أوضح عندما اصطدمت بأبيها وأخيها باسل بسبب إصرارها على الاقتران بـ"آصف شوكت"، فاستطاعت أن تنفذ رغبتها خلافا لأوامر والدها وشقيقها، اللذين كان اسمهما كافيا لإرعاب "الرجال" لشدة وحشيتهما.

*المرسيدس تبوح
خلافا للمشهور عند أكثر السوريين من أن "آصف" كان عشق بشرى الأول، الذي حاربت في سبيله الجميع، يطلعنا اليوم مصدر خاص وموثوق على تفاصيل تعود لأواسط سبعينات القرن الفائت، عندما كانت بشرى في أول شبابها، قاصا علينا بعض تفاصيل "حب عاصف"، لأنه كاد يعصف بحياة العاشق، وعصف بمستقبل أبيه في سوريا، كما كان له –أي لهذا الحب العاصف- علاقة بواحد من أشهر مرافقي حافظ.

يقول مصدرنا إن القصة بدأت منذ اللحظة التي كان فيها "رامي الشاعر" الفارس الفلسطيني مشرفا على تدريب بشرى وأخيها باسل على الفروسية أواسط سبعينات القرن الفائت، وهو شاب كما وصفه المصدر "خيال بارع، أشقر بعيون زرقاء، طويل القامة، وبطل في الوثب العالي"، ويبدو أن هذه المواصفات كانت "كافية" لدفع ابنة أقوى رجل في سوريا لتقع في حبه وتتودد له.

وكونه مدرب بشرى وباسل، وكونه أيضا الابن الأكبر للعميد "محمد الشاعر" المقرب جدا من حافظ، فقد كان من الطبيعي أن يصبح رامي من "أهل البيت" يدخل متى شاء إلى بيت الأسد ويخرج متى شاء، وقد أعطى هذا بشرى مزيدا من الفرص للتقرب منه، حتى أنساها الهيام به كل "الحدود". كان "رامي"، كما يؤكد مصدرنا، أكبر من عمره، وقد أهله ذلك ليكون مدربا لباسل وبشرى، وبعدما كان يخوض بطولات سوريا ويتوج فيها، تنازل "الفارس" عن ذلك ليفسح الطريق أمام باسل، ما جعل بيت الأسد معجبين به، وكان كثيرا ما يرافق باسل كما يرافق الأخ الأكبر أخاه الأصغر، وذات مرة اصطحبه وعدة شباب إلى إحدى حمامات دمشق، وهناك أعلم "رامي" صاحب الحمام أن "ابن الرئيس" معه، وظن صاحب الحمام أن الشاب الفلسطيني الأشقر يمازحه، وعندما تأكد من الأمر أفرغ الحمام من كل زبائنه ليكون تحت تصرف رامي وباسل ومن كانوا يرافقونهما من "الأصدقاء".

وفي يوم من أيام آذار/مارس عام 1976، طلبت بشرى من سائقها ومرافقها إيصالها إلى بيت إحدى "صاحباتها"، ولدى وصولها أمرتهما بالانصراف فرفضا (تقيدا بتعليمات مشددة من حافظ)، فزجرتهما وأمرتهما بلهجة حازمة، فأوهماها أنهما انصرفا لكنهما بقيا يراقبانها من بعيد (خوفا من أن يحاسبا حسابا عسيرا إن تخليا عن مراقبتها).

اقتنعت المراهقة "بشرى" بأن المرافق والسائق ذهبا بالفعل، وأخبرتهما أنها ستتصل بهما حالما تفرغ من الزيارة، وما هي إلا برهة طفيفة، حتى رأى الرجلان ما أذهلهما، فقد شاهدا سيارة مرسيدس -يعرفان تبعيتها ولمن تكون- تقل "رامي الشاعر".. توقفت "المرسيدس" فخرجت بشرى من المبنى الذي فيه بيت صاحبتها وركبت معه، ومضيا!

ولأن المرسيدس تعود للعميد "محمد الشاعر"، العميد الفلسطيني في الجيش السوري، صديق حافظ وأحد الضباط الذين محضهم ثقته.. لذا كان من الصعب على الحارس والسائق أن يخفيا الأمر، فتوجهما مباشرة نحو "المعلم" –أي باسل- وأخطراه بما شاهدا، فجن جنونه، وأخبر بدوره والده حافظ فانتابه ما انتاب ابنه من الحنق.

ويرى مصدرنا أن مصدر جنون الأسد (الأب وابنه) كان من منطلق عشق بشرى لشخص "سني" و"فلسطيني"، وهو بكل المقاييس "عشق ممنوع" وكارثة وعار لا يمكن لبيت الأسد قبوله، ومن هنا صدرت أوامر حافظ الصريحة للمرافقة بإطلاق الرصاص على رامي في أول فرصة يقدم فيها لزيارته.

وكاد "رامي" أن يكون في عداد الأموات لولا أن تدخل أشهر حراس حافظ (من حماة)، ونقل لأهله (بطريقة نتحفظ على ذكرها) ما يحاك لولدهم الشاب، وأنه سيكون جثة هامدة إن داس "عتبة بيت الأسد".

*خروج عاجل
لكن وبعد يوم واحد، ارتأى حافظ الأسد محاصرة ما يعده "فضيحة" بطريقة أخرى، فاتصل بالعميد "محمد إبراهيم الشاعر" وأمهله أسبوعا ليغادر هو وجميع أفراد عائلته نحو روسيا، بعد الاتفاق مع "ياسر عرفات" من أجل تولية العميد "الشاعر" رئاسة ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في موسكو، وهكذا بدا الأمر -لمن لم يخبر كواليس القصة- مجرد حركة "إدارية"، أملت نقل العميد المشهور في أوساط القرار الفلسطيني من مكانه ومهامه في سوريا إلى "مهمة" أخرى في روسيا، في حين أنه كان وراء الأكمة ما وراءها.

ونظرا لقصر المهلة ولمعرفة "العميد الشاعر" ماذا تعني مهل حافظ الأسد، فقد غادر الرجل وعائلته إلى موسكو على وجه السرعة تاركين تدبر مسألة بيع المنزل وأثاثه لأحد الأقارب، حيث كان "أبو رامي" و"رامي" يعلما يقينا أن لا رجعة لهما إلى سوريا.

ولم يكن "العميد محمد إبراهيم الشاعر" شخصا عاديا، بل كان له وزنه المؤثر جدا في الساحتين السورية أو الفلسطينية، وهو الضباط الذي درس أربعينات القرن الماضي في الكلية الحربية بسوريا وتدرج في الجيش السوري حتى وصل رتبة عميد (يكبر حافظ الأسد بسنتين)، وكان له اليد الطولى في تأسيس "جيش التحرير الفلسطيني" الذي تحول فيما بعد من جيش لفلسطين إلى قوات تحت أوامر الأسد، كما كان الشاعر من مؤسسي ومسؤولي مؤسسة الإنشاءات العسكرية في سوريا، وتولى رئاسة "اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين" في سوريا، وألف عدة كتب في العلوم العسكرية، وبات بعد قضية الحب بين بشرى وابنه رامي، أول مندوب لممثلية منظمة التحرير في موسكو، واستمر فيها مدة 7 سنوات، حتى داهمته المنية نتيجة نوبة قلبية.

ويكشف مصدر "زمان الوصل" أن "العميد الشاعر"، إلى جانب كل هذه المناصب المعلن عنها، كان أحد العقول المدبرة لمنظمة التحرير وصانع قرار رئيس فيها، مؤكدا (أي المصدر) أنه شهد بنفسه ذات مرة كيف حضر إلى بيت "محمد الشاعر" كل من ياسر عرفات ونايف حواتمة وجورج حبش وأحمد جبريل واجتمعوا به واستمعوا له سوياً، وهو ما يشير إلى مكانته في أوساط الفلسطينيين عامة، والقيادات خاصة.

ولكن هل انتهت حكاية "آل الأسد" مع "آل الشاعر" بمجرد نفيهم إلى موسكو أو حتى وفاة عميدهم "محمد الشاعر"، يجيب مصدرنا بـ"لا"، منوها بأن "رامي" الذي كان يخطط الأسد لقتله يوما ما، هو اليوم من أشد المدافعين عن نظام الأسد وعن جرائمه، رغم أن الرجل لم يجرؤ طوال السنوات الماضية على العودة إلى سوريا ولو لمرة، لأنه يعرف أن هذه العودة ستكلفه حياته.
وقد بات "رامي" أكثر مجاهرة وأشد تبريرا لجرائم النظام، بعدما تدخل "بوتين" عسكريا في سوريا، فصار امتداح الأسد جزءا لازما من امتداح "حكمة القيادة الروسية"، ما جعل مصدرنا يقارن صورة "رامي" الستيني المدافع عن إجرام الأسد الابن، مع صورة الشاب "العاشق" الهارب من بطش الأسد الأب، وهما بلا شك صورتان شديدتا التنافر، ولا بد أن بين زمنيهما "مياه غزيرة" تدفقت في مجرى حياة "رامي الشاعر".. ولكن أي مياه؟

*الخيل، والخيل أيضا
في سبيل الإجابة على السؤال أعلاه، تحرك الفريق الاستقصائي لدى "زمان الوصل" لتتبع سيرة الرجل من يوم وصوله روسيا قبل 43 عاما وحتى اليوم، فحصلنا على مجموعة كبيرة وحساسة من المعلومات، فضلا عن صور توثق مراحل من حياة رامي الشاعر (منها لقطة نادرة جدا له مع ياسر عرفات، وأخرى مع يفغيني بريماكوف).

ففي عام 1976، وصل "رامي" روسيا مع جميع أفراد عائلته يتقدمهم والده "محمد الشاعر" الذي بقي في منصبه كأول سفير لمنظمة التحرير في الاتحاد السوفيتي، حتى داهمته المنية فانتقل المنصب إلى ولده "رامي"، الذي لم يمكث طويلا فيه (كان رامي قبلها -على حداثة سنه- يشغل منصب الملحق العسكري في الممثلية!). 

ورغم كل ما جرته الفروسية عليه وعلى عائلته من نقمة الأسد، فقد بقي "رامي" في هذا المضمار، مصرا على امتطاء الخيل والمشاركة في مسابقاتها رغم اقترابه من سن الرابعة والستين.. هذا في الواجهة، أما في الحقيقة فإن هواية الرجل كانت وما زالت "امتطاء" صهوات السياسة والمال وصناعة الرأي العام، في بلد قلما عرف من السياسة والمال وصناعة الرأي العام سوى وجوهها المشوهة.

صحيح أن "رامي" لم يبق في منصب "السفير" طويلا، إلا أن حراكه في ميدان السياسية والسياسيين لم يتوقف، وقد عرف الرجل الثري (سنتحدث عن بعض مصادر ثروته لاحقا) من أين تؤكل كتف الساسة، فأسس لذلك قبل نحو 20 عاما ما سماه "نادي صيد الدبلوماسيين"، ليستقطب خلال هذه السنوات مئات الدبلوماسيين من حوالي 25 دولة، واظبوا على ارتياد ناديه، فنسج معهم علاقات متشابكة، كثير منها خدمه، وبعضها (أي بعض هذه العلاقات) أدى لاحقا إلى طلب رأسه في 3 دول، منها العراق أيام رئاسة "صدام حسين".

وإذا كان "رامي" قبل انهيار الاتحاد السوفياتي يعول كثيرا على رمزية فلسطينيته ومنصبه السابق وشيوعيته، فقد بات بعد انهيار هذه الإمبراطورية -مطلع تسعينات القرن الماضي-، يعول على جنسيته الروسية التي نالها بعد سنوات من اقترانه بـالروسية "ج.س"، وعلى تسميته "خبيرا" في شؤون الشرق الأوسط.. وعلى "الخيل" أيضا وأيضا.

فقد أسس الرجل قبل نحو ربع قرن ناديا ضخما أسماه "الفارس" (سنعرف لاحقا من هم شركاؤه فيه وما علاقتهم بسوريا)، وعبر هذا النادي استكمل "رامي" حلقة التغلغل في الوسط السياسي والمالي الروسي، الذي كان في أوج هياجه للحاق بركب "البرستيج" بعد حرمان دام عقودا في ظل الحكم الشمولي.

وحتى نفهم هذا التغلغل الذي وصل في نهاية المطاف بـموسكو لاعتماد "رامي" مستشارا في الملف السوري ومنسقا له، لابد لنا أن نفتح هنا قوسين كبيرين لنعلق على الصورة النادرة التي تجمع بين "رامي" وبريماكوف"، لأنها تحمل بعض الإسقاطات التي لا يمكن تجاوزها.

*عراب غزو سوريا
فقد عرف "بريماكوف" في القاموس السياسي السوفياتي -والروسي لاحقا- بأنه نافذة موسكو الرئيسة على العالم العربي، بفضل "خبرته" العالية في شؤون المنطقة وإلمامه باللغة العربية، كما عرف بأنه المحارب الشرس عن فكرة "بقاء" روسيا في العالم العربي، بل وضرورة تمددها فيه.

ففي حين كانت النظرة السائدة بعد تفكك الاتحاد السوفياتي ترى حتمية انسحاب هذا الكيان المهزوم من المنطقة، خرج "بريماكوف" بنظريته التي تؤكد وجوب بقاء روسيا في المنطقة، بل وتدعيم قواعدها فيها، وكان مبرره "المنطقي" أن روسيا إن تخلت عن "وجودها" في العالم العربي فستخسر ورقة كبيرة رابحة، تحارب عبرها وتقايض من خلالها دون أن تدفع من جيبها شيئا.

وكلما كان "بريماكوف"، المتحدر من أبوين يهوديين، يتقدم في العمر كلما كان اعتماد موسكو عليه أكبر وكلما كان الأخذ بتوصياته أشد إلزاما، إلى درجة أن "بريماكوف" كان حتى وافته المنية المحرض الأول لبوتين على غزو سوريا والتدخل فيها عسكريا، وقد نوه "بوتين" بفضل "معلمه" بريماكوف وبنصائحه في هذا المجال (حصل الغزو الروسي لسوريا بعد وفاة بريماكوف بأشهر، حتى قال البعض إنه أبرز سياسي روسي ينفذ "مهمة ضخمة" بعد موته).

وكلمة "معلم" التي تجسد علاقة "بوتين" بـ"بريماكوف" ليست كلمة مجازية، ولا تقف عند حدود أخذ الأول بنصائح الأخير فقط، بل إنها تستند أيضا إلى أن "بريماكوف" الذي شغل مناصب حساسة جدا في العهدين السوفيتي والروسي، كان يوما ما رئيسا لجهاز الاستخبارات الذي كان "بوتين" ضابطا فيه.

أما عن علاقة "بريماكوف" بـ"رامي الشاعر" والتي توحي الصورة النادرة بها، فتؤكدها تقاطعات عديدة، منها الملف العراقي الذي نشط فيه "بريماكوف" بشدة، وأدى فيه مهمة كبيرة ولكنها فاشلة، تمثلت في إقناع "صدام" بالرحيل عن السلطة (لاحظ أن بوتين الذي كان رئيسا لروسيا حينها أوكل إلى بريماكوف نقل رسالة التخلي لصدام.. هو نفسه الذي وقف بشراسة مع بشار وأصر على بقائه في السلطة).

وإذا كان "رامي" يجاهر بل ويفاخر بأن رأسه كان مطلوبا لصدام حسين، فإنه يحاذر البوح بسبب حكم الإعدام الصادر بحقه من قبل الرئيس العراقي، لكن السبب متعلق على الأرجح بما يسميه رامي نفسه "النشاط التفاوضي"، الذي كان من صلبه طلب بوتين من صدام التنحي عن رئاسة العراق، وهو بلاشك طلب تم بعد استشارات أصحاب الشأن و"الخبرة" في المنطقة.

وكما كان "بريماكوف" يفرض نفسه على ساحة السياسة بوصفه "خبيرا" بشؤون العالم العربي، فإن "رامي" يقدم نفسه منذ سنوات غير قليلة بهذه الصفة التي أوصلته إلى درجة مستشار معتمد في الملف السوري ومنسق لشؤونه، يتولى مع غيره من ساسة موسكو رسم مستقبل السوريين على المقاس البوتيني... وهذا ما سنكشف عنه في الجزء القادم من تقريرنا، كما سنكشف عن علاقاته بمافيا مال سورية وثيقة الصلة بـ"معارض" أسس نموذجا "فريدا" من المعارضة... فإلى الجزء التالي.

الجزء الثاني

حب "بشرى الأسد" الأول.. خفايا استثماراته المتشعبة وشراكاته العميقة مع "جميل" إخوان


إيثار عبدالحق-زمان الوصل- خاص
(1556)    هل أعجبتك المقالة (1375)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي