أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

رشوة زاخاروفا... ماهر شرف الدين*

الكاتب: كأنَّ بوتين طلب من زاخاروفا أن تُبلسم مكان اللكمة التي سدَّدها للأسد توَّاً

قدَّم الرئيس الأميركي دونالد ترامب "هديةً" جديدةً لإسرائيل عبر الاعتراف بهضبة الجولان المحتلَّة أرضاً إسرائيليةً.

شعر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضرورة مجاراة نظيره، فقدَّم "هديةً" مماثلة لإسرائيل عبر تسليمها رفات الجندي الإسرائيلي المفقود منذ سنة 1982 أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان، معلناً -خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو- أنَّ هذا "الإنجاز" تمَّ بـ"التنسيق مع الجيش السوري".

لقد كان وقع هذه الفضيحة الجديدة لبشار الأسد (تسليم الرفات) من النوع الذي تفنَّنت اللغةُ العربيةُ في وصفه بالقول: القشَّة التي قصمت ظهر البعير.

فقد تمادى بوتين في إحراج الأسد بشكل علنيّ، وكرنفاليّ أيضاً، عبر إظهار تعاونه التامّ لتأمين المصالح الإسرائيلية.

وبسبب هذا التمادي، وهذه الاحتفائية المبالغ فيها لأسباب انتخابية تخصّ نتنياهو، لم يمرّ خبر رفات الجندي الإسرائيلي، في الإعلام، مرورَ خبر الدبَّابة الإسرائيلية أو خبر ساعة الجاسوس كوهين اللتين سلَّمهما نظام الأسد، من خلال الروس، إلى إسرائيل.

وحتى قبيل إعلان بوتين عن تعاون الجيش السوري في قضية الرفات، كانت صورة الأسد كـ"رئيس ممانع" قد هُشّمت ونُزعت من إطارها، وجاء تصرُّف الرئيس الروسي ليصنع منها طائرةً ورقيةً يلهو بها نتنياهو على مرأى من مؤيّدي الأسد وحلفائه.

وفي اللحظة التي بلغ فيها غضبُ الأسد منتهاه، دون أن يجرؤ على القيام بأي ردّ فعل تجاه هذا التمادي المتكرّر في إهانته أمام جمهوره، قدَّم بوتين رشوةً صغيرةً يعرف تماماً بأنَّ لعاب الأسد سيسيل لها:

خرجت المتحدّثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إلى الإعلام لتقول بأنَّ "مسألة رحيل الأسد باب مغلق"!

والحقّ أننا، لكي نفهم المغزى الحقيقي لهذا التصريح الذي أدلت به زاخاروفا لإذاعة "صدى موسكو"، نحتاج الالتفات لأمرين:

الأوَّل، أنَّ موضوع رحيل الأسد، في الإعلام والسياسة، لم يكن متفاعلاً أو مطروحاً على الإطلاق في الوقت الذي خرجت فيه زاخاروفا لتتحدَّث عنه! فقد كان الإعلام مشغولاً بحكاية رفات الجندي الإسرائيلي ولا وقت لتناول موضوع قديم ومكرَّر مثل موضوع رحيل الأسد.

الثاني، هو توقيت التصريح، حيث إنه جاء بعد الفضيحة مباشرةً! وكأنَّ بوتين طلب من زاخاروفا أن تُبلسم مكان اللكمة التي سدَّدها للأسد توَّاً.

وباختصار، لقد تمَّ افتعال تصريحٍ روسيّ لتطييب خاطر الأسد المكسور.

ومع أنَّ هذا التصريح لا يحمل قيمةً سياسيةً فعليةً، بسبب استعماله كرشوة، إلا أنه ينقل لنا، بدقَّةٍ، نظرة بوتين إلى بشار كمُرتشٍ صغير لا تتعدَّى قيمة رشوته بضع كلمات تقولها زاخاروفا.

**معارض وكاتب سوري - من كتاب زمان الوصل
(226)    هل أعجبتك المقالة (251)

معاوية الأموي

2019-04-15

الذي أريد أن أفهمه، كيف له نفس يضحك بعد كل هذه الإهانات التي توجه له بين الحين والآخر ؟ أية مذلة وصل لها هذا الشخص ؟.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي