يبدو أن ثمن الخلاص من عمر البشير وعبد العزيز بو تفليقة لن يكون وفق هوى السودانيين والجزائريين، وأن عليهم البقاء في الشارع لوقت أطول أو القبول بالأسماء التي سوف تفرج عنها سلطات الجيش التي أطاحت بهما.
وما يحصل حتى اللحظة في السودان، وما ترد منه من أخبار تشي بالحقيقة القاسية التي تؤكد أن الأسماء التي تم تسريبها لتولي السلطة بدلاً عن البشير لن ترضي الشعب السوداني فهم قد خرجوا من حضن النظام السابق الذي فشل برمته في تحقيق إرادتهم، ولم يكن البشير وحده معضلة التطور إنما زمرة متعاضدة كانت تحكم مؤسسات نظام فاشي وفاشل.
عنوان مستفز تردده المحطات نقلاً عن مسؤولين سودانيين في أن الجيش يدرس تشكيل حكومة انتقالية، وهنا تكمن المعضلة التي يخشاها الشعب، وعبر عنها محللون في أن البديل عن الخوف والقمع والفشل هو القبول بمن شاركوا فيه، ولهذا على الناس أن لا تعود إلى بيوتها حتى تشكيل حكومة ممن خرجوا على الطاغية.
في الجزائر ما زالت المظاهرات على حالها، وتم تعيين رئيسا مؤقت يشكك فيه الجزائريون من نفس المنطق في أن الرجل رغم انتزاع أظافره في الحكم هو ابن السلطة التي ستأتي بالتأكيد بعد هذه المرحلة الانتقالية بنفسها، وأن بوتفليقة هو فقط الرمز الذي تم انتزاعه وحده فيما بقيت كل منظومة الحكم الفاسدة التي يعاد تدويرها بمسميات جديدة، وبصناديق انتخابية مزورة.
المقولة المشتركة في حراك الشعبين التي يتغنى بها البعض على أنها أيقونة النصر هي وقوف الجيش في صف الشعب، وهو من حجز البشير في إقامة جبرية، وهو الذي يجتمع الآن لإخراج بيان يتضمن أسماء الحكومة مع (كليشة) انقلابية عربية تقاسمتها كل الأنظمة الإنقلابية العربية..وهنا هل سيكون البيان العسكري في مستوى تطلعات من خرجوا للتغيير؟.
الجزائريون رفضوا وجوه التغيير الجديدة، ومع ذلك سينتظرون تسعون يوماً لانتخابات رئاسية توصل رجلاً جديداً لسدة الحكم، وحكومة يعينها لتلبية مطالبهم الخدمية، وريثما تمر هذه الأيام سيتم ترتيب ذلك وفق أجندات خارجية اقليمية ودولية، ومحلية تراعي المصالح الداخلية التي تحكم على الأرض في الاقتصاد والسياسة.
السودانيون وقد بدأت -من اللحظات الأولى– هواجس ما سينتج عن الاجتماع الغامض للقيادة العسكرية المجتمعة لتقرير مصير البشير أولاً، ومن ثم البلاد ثانياً، والتسريبات عن هذه الاجتماعات ليست مبشرة فيما علت الأصوات لتسليم الأمر إلى سلطة مدنية، وهذا لن تسمح به الثكنات التي تقبض على البنادق وخبرت عسل السلطة.
في عالمنا العربي تجارب الانقلاب والتغيير لم تأت سوى بقادة يحملون أوسمة لم يكسبوها في معركة أوإنجاز وطني، ولكنها أعادت تدوير الطغاة الذين عادة ما يقدمون رشوات صغيرة لجمهور المعترضين، ومن ثم يعيدون القبض على مفاصل البلاد، ويعيدونها إلى ثكنات الجوع والذل...مع وافر التمنيات بالخلاص والنجاة للشعبين الجزائري والسوداني.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية