أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الغطاء القانوني لجرائم الأسد محلياً ودولياً 3/4*

أرشيف

بيّنّا في الحلقة السابقة من هذه السلسلة كيف ضَمِن نظام الأسد الأب والابن الإفلات من المساءلة القانونية والعقاب عن الجرائم التي يرتكبها كلّ من:
1- رئيس الجمهورية.
2- رئيس مجلس الوزراء والوزراء ونوّابهم.
3 - رئيس مجلس الشعب وأعضاؤه.
وذلك من خلال سلّة قواعد قانونية وفّرت الغطاء القانوني لهم.
ونتناول في هذه الزاوية باقي المناصب والوظائف والأشخاص الذين لم يبخل عليهم النظام بتوفير الحماية القانونية لهم ما داموا يدورون في فلك الولاء الأعمى له.
4- ضبّاط وعناصر الجيش والمخابرات والشرطة والجمارك.


لعلّه من الطبيعي لنظام وصل إلى الحكم عبر انقلاب عسكري -ويعتبر مؤسستي الجيش والأمن ضماناً لبقائه واستمراره - أن يولي ضباط وعناصر هاتين المؤسستين الحصانة القانونية الكاملة التي تدرأ عنهم أية مساءلة وعقاب.


وينص قانون أصول المحاكمات العسكرية السوري على أنه يُشترط لملاحقة أي عسكري أمام القضاء مهما كانت رتبته أو جريمته صدور "إذن"
بالملاحقة من قبل القائد العام للجيش الذي هو رئيس الجمهورية أو من وزير الدفاع، ويسمى حسب القانون المذكور "أمر لزوم محاكمة".


وهذا يعني أنه من حق من يملك هذه الصلاحية أن يأذن بملاحقة العسكري أو يمنع ذلك.


لا بل إنّ القانون المذكور ذهب أبعدَ من ذلك بحيث يحق لوزير الدفاع "وقف الملاحقة وحفظ ملف القضية" مهما كان الجرم المنسوب للعسكري، ومهما كانت رتبته بدون ذكر الأسباب.


كما أنه ومن صور الحماية التي كرّستها قوانين النظام للعسكريين، أنه إذا توفر في قضية واحدة متهمين بينهم عسكريون ومدنيون، فإن القضاء العسكري حصراً لا العادي هو المختص بنظر هذه القضية والحكم فيها، ولا يخفى ما للعسكري من حصانة ضد المساءلة حسبما ذكرنا أعلاه.


والجدير ذكره أن هذا الغطاء القانوني، لا يقتصر على العسكريين فقط وفق ما ذكرنا، إنما يمتدّ ليشمل أيضأ الموظفين والمستخدمين المدنيين التابعين لوزارة الدفاع.


وأما بالنسبة للأجهزة الأمنية اليد الباطشة الثانية للنظام، فقد جاء قانون إحداث إدارة أمن الدولة مطابقا لقانون أصول المحاكمات العسكرية المذكور أعلاه، من حيث توفير الحصانة لضبّاط وعناصر هذه الإدارة والمنتدبين والمعارين إليها والمتعاقدين معها، حيث ينص قانون إحداث إدارة أمن الدولة على عدم جواز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكولة إليهم، أو في معرض قيامهم بها "إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن مدير الإدارة"، وعليه فإن ألوان العذاب التي يوقعها العاملون في الإدارة بحق المعتقلين والتي تصل حدَّ الموت تعتبر مبررة قانوناً.


وما يجدر ذكره أنه بعد اندلاع الثورة السورية فُتحَ باب الإدارة على مصراعيه لتدفق سيل المندوبين والمتعاقدين، فاتسعت بذلك دائرة الحماية والإفلات من العقاب.


وكما هو معروف في سورية فإن شعبة المخابرات العسكرية وفروعها كافة تتبع لوزارة الدفاع، ما يعني أن نطاق الحصانة المذكور وشرط الإذن المسبق بالملاحقة يسري على جميع ضباطها وعناصرها.


وبعد قيام الثورة السورية عام 2011 وسّع بشار الأسد نطاق هذه الحماية لتشمل ضباط وعناصر الشرطة والأمن السياسي والجمارك مشترطاً لملاحقتهم توفر الإذن المسبق من وزير الدفاع ، مع العلم أن الأمن السياسي يتبع وزارة الداخلية، وإدارة الجمارك تتبع وزارة المالية.


فهل من المعقول بعد ذلك أن يصدر هذا الإذن بملاحقة من يقوم بالدفاع عن النظام مهما كانت جريمته؟!


5 - الموظفون الرسميون
فلقد حرص نظام آل الأسد على سحب هذه الحصانة حتى على الموظفين المدنيين الحكوميين، حيث نص قانون الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش على حصر حق إحالة أي ملف فسادٍ أو مخالفات إلى القضاء بيد رئيس مجلس الوزراء المعين من رئيس الجمهورية.
وعليه فإنه مهما كان ملف الفساد خطيراً لجهة النهب والرشوة واستغلال المنصبب، فإنه يحق لرئيس مجلس الوزراء ألا يحيل الموظف الفاسد إلى القضاء.


6 -القوات والميليشيات الخارجية الأجنبية
استقدمَ بشار الأسد بعد اندلاع الثورة السورية قوات وميليشيات أجنبية مرتزقة، ومنحهم توكيلاً لقتل الشعب الثائر دون أي مساءلة عن جرائمهم ماداموا يدافعون عن بقائه في الحكم.


ولا أدلَّ على ذلك سوى الاتفاقية التي وقّعها بشار مع روسيا ومما جاء فيها:
- أنه تتمتع الوحدات العسكرية الروسية بالحصانة القضائية والادارية في سورية.
- وإمعاناً في الحماية، فقد نصت الاتفاقية على أنه:
لا يجوز للجانب السوري رفع أي دعوى أو مطالبة تتعلق بنشاط مجموعة الطيران الروسية المتمركزة في مطار "حميميم" أو بنشاط موظفيها أيضا.
وهذا يعني منح رخصة قانونية للطيران الحربي الروسي بالقصف والتدمير ضمن الأراضي السورية دون أدنى مساءلة قانونية.


من كل ما سبق يتبين لنا نهج النظام السوري الاستبدادي في اعتماد الإجرام لتكريس حكمه، وفي سنّ ما يشاء من القوانين التي توفر الغطاء القانوني لجرائمه وتضمن له التنصل من المساءلة والعقاب من أدنى موظف حكومي إلى رأس الهرم السلطوي على الصعيد المحلي.

*سليمان النحيلي - من كتاب "زمان الوصل"
(139)    هل أعجبتك المقالة (147)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي