أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تحت أحذية الجنود.. آثار سورية بين الدمار ونهب "عظام رقبة" الأسد

خان السلطان (خان العروس)

لم تسلم الآثار السورية من وحشية وفساد آل الأسد، فالتي سلمت من الصواريخ والبراميل المتفجرة، تلقفته يد "شفيق فياض" أحد أهم أذرع الأسد، وأقربائه الآخرين مثل "ذو الهمة شاليش" وآل "مخلوف" وكبار الضباط الذين فتحوا أسواقا للمقتنيات الأثرية وهربوا إلى أوروبا وروسيا وإيران كميات هائلة من الإرث الحضاري السوري الضارب في عمق التاريخ.

ما سلم أيضا من الآثار التي تعاقبت عليها عشرات الحضارات، وعايشت عشرات الحروب، وضعها الجيش تحت سيطرته وأصبحت سجونا كما حدث مع القلاع العظيمة، ومثلها تحولت الخانات العريقة إلى مستودعات أو مهاجع للجنود.

*آثار تحولت لثكنات عسكرية
من الآثار التي يسيطر عليها جيش الأسد ويعتبرها خطا أحمر لا يجرؤ أحد التكلم حولها، "خان وحمام سنان باشا" أو ما يعرف بـ(معمورة سنان باشا)، والذي كان يعتبر سابقا أهم المعالم الأثرية الكثيرة في مدينة "القطيفة" بريف دمشق.

بنى هذا الخان في عهد والي دمشق الوزير العثماني "سنان باشا" سنة 1591 ميلادي الموافق سنة 1000 هجري، وذلك عندما وجد سنان باشا أن خان "النوري (خان نور الدين الشهيد)" القريب من موقع الحمام وقناة المياه التي يشرب منها السكان وتسقي أراضيهم، على وشك التهدم فأمر بترميمهما وبناء خان جديد عرف باسمه (خان سنان باشا)، حيث كان يستخدم من قبل المسافرين والحجاج، وسكان المناطق المجاورة، كما بني في مكان مجاور للخان مسجدا للعبادة لا يزال قائماً حتى اليوم ويعرف أيضاَ بمسجد "سنان باشا".

تم الاستيلاء على هذا الخان بالكامل وضمه إلى مباني قيادة الفرقة الثالثة، كما تم أيضاً بناء بعض الغرف المخالفة والملاصقة له، كما بنت قيادة الفرقة الثالثة بالقرب منه مهجعاً كبيراً للعناصر مع عدة مستودعات.

ويصعب تصديق أن قطعة عسكرية قد سيطرت على تحفة معمارية أثرية نادرة، والتي يفترض أن تكون ملكا لكل أفراد هذا الشعب، في الدول التي تقدر التاريخ والوطن يتخذ منها معلماً سياحياً تؤمه شعوب الأرض.

*خوفا من "شفيق فياض"
المبنى يتبع إدارياً لمديرية أوقاف ريف دمشق، وقد تمت المطالبة به في عهد العماد "شفيق فياض"، لكن الأخير قال لهم بالحرف: "انسوا الموضوع وإلا سوف أهدمه بالكامل وأبني مستودعاً جديداً مكانه، عم تطالبوني ببناء جربان مو عيب عليكم".

*الخان الأثري مستودع للأحذية
تستخدم الفرقة الثالثة مبنى هذا الخان كمستودع للمهمات (أحذية ولباس عسكري)، كما يقوم عناصر الفرقة بالتخريب الكبير في جدران وأرضية هذا الخان، دون وعي لقيمته الأثرية البالغة.

وسبق أن سجل الخان ضمن قائمة المواقع الأثرية الوطنية بالقرار الصادر عن وزارة المعارف رقم 59 تاريخ 17-07-1940.
أما الجامع المجاور للخان فقد سجل في لائحة المواقع الأثرية الوطنية بالقرار رقم 90 تاريخ 19/10/1967م.


*الطراز المعماري الرفيع للخان
الخان مستطيل الشكل أبعاده 75 × 65 مترا، بني من الحجارة المزخرفة، جدرانه سميكة مدعومة بعضائد مدخله في جداره الغربي وفي الزوايا الخارجية للجدران أبراج مستديرة تدعمها في الوسط عضائد.

وفي داخل الخان باحة مبلطة يتوسطها حوض كبير كان الماء يتدفق فيه، وتلتف حول الباحة من الجهات الأربع الأجنحة في كل منها بوابة، وفي كل من الجناحين الصغيرين (على طرفي المدخل) بابان صغيران.

تحتوي هذه الأجنحة على غرف واصطبلات واسعة، وهي منورة تنويراً كافياً بحكم وجود فجوات في الجدران، وفيها مصطبة عريضة ذات دعائم تحمل العقد وتقسم المصطبة إلى غرف كان لكل منها مدفأة ذات مدخنة نافذة إلى السطح.

وأمام الأجنحة الأربعة توجد أروقة تحيط بالباحة، وهي ذات أقواس تنتصب على أعمده.

أما مدخل الخان الرئيس، فهو في واجهته الغربية، يليه ممر واسع، سقفه معقود، وعلى جانبيه غرف (دكاكين)، وفي الجانب الأيمن درج يوصل إلى السطح، وفي وسط الواجهة الشمالية معبر موضوع بين غرفتين يدخل منه إلى بعض المباني البارزة من جدار السور، تؤلف مسكناً منفرداً (غرفة وليوانان أمامها باحة صغيرة).

وفي الجهة الشرقية الحمامات وهي بارزة من جدار السور وقد بنيت بإتقان، لأن فيها نوافذ عالية ومناور مثقوبة تعطيها تهوية حسنة، وهناك ساقية ماء أسفل الجدار تصب الماء دائماً في الحمامات كما تصبه في أحواض الماء ومجاري التفريغ.

كما يوجد الجناح الغربي معبر فيه أربع غرف توصل إلى المطبخ الذي كان يطهى فيه الطعام الموزع على المسافرين، وكل هذه الأقسام مجهزة بالماء العذب المجلوب من مسافة بعيدة في قناة تحت الأرض يوزع على الحمامات والجامع والحوض.

أما الماء المستعمل فكان يخرج من الجهة السفلى ويسقي حديقة الخان قبل أن يذهب ليسقي لحقول القرية.
وكان للخان من الخارج باحة يحيط بها سور خفيف مزين أعلاه بالحجارة المضرسة، وفي الباحة فرن وحوانيت عديدة وجامع وحمام يقعان جنوب غربي الخان.

وما يزال الجامع قائماً أيضاً محتفظاً بقبته الكبيرة ومئذنته الجميلة، كما يحتفظ الحمام بأبوابه السبعة وأقسامه: (براني – وسطاني – جواني).

ويعد الخان مع الأبنية المحيطة به كتلة معمارية متكاملة كانت من أهم أسباب ازدهار منطقة "القطيفة" خلال العصر العثماني، لوقوعها على طريق القوافل، حيث كانت محطة للحجاج والمسافرين القادمين ما بين البلاد الشمالية والشرقية، إلى أن مُدّ الخط الحديدي بين دمشق وحلب.

وقد كان تجار دمشق يتوافدون خصيصاً إلى القطيفة لأجل شراء السجاد وغيره من النفائس التي كان يعرضها الحجاج القادمون من ايران والعراق والأناضول وغيرها.



*خان "الوالي"
أو ما يعرف بـ(خان المعز)، وهو ثاني موقع تم استباحته من قبل المجرم "شفيق فياض"، بعد أن استولى عليه وضمه إلى قيادة الفيلق الثالث، ووضع فيه مكتب قائد الفيلق، ورغم علم حافظ الأسد بالأمر في حينها إلا أنه لم يحرك ساكناً بشأن الموضوع.

ومن أشهر كلمات شفيق في حينها "نحن التاريخ ونحن الحاضر" ثم بعد انتقال الفيلق الثالث إلى المنطقة الوسطى عادت الفرقة الثالثة للسيطرة على هذا الخان الأثري التي جعل منها شفيق فياض مكتباً خاصاً له، لقد تم الاعتداء على هذا الخان بشكل كبير حيث تم إضافة أبنية وغرف ضمن حرم وسور القلعة مما أساء لهذه التحفة التاريخية بشكل كبير.

بني خان "المعز" في نهايات القرن الثالث عشر أو بدايات القرن الرابع عشر الميلادي "العصر المملوكي".

الخان مستطيل الشكل، يحوي جناحين شمالي وجنوبي، تقع بوابته في الجناح الجنوبي يليها ممر يؤدي إلى الباحة، وعلى جانبيها إيوانان صغيران ومن خلفهما غرفتان مداخلهما من باحة الخان.

أما الجناح الشمالي المقابل فله باب واحد، يقابل مدخل الخان، ومفتوح على الباحة أيضاً.

الجهتان الشرقية والغربية من المبنى تقتصران على الجدارين وهما خاليتان من أي أبنية.

بني الخان من الحجارة الكلسية المقصبة متوسطة الحجم، باستثناء الفتحات، حيث تصبح الحجارة أكبر وأكثر تشذيباً، سقوف الخان من العقود المتصالبة بنيت من الحجارة والطين وغطيت بطبقة كلسية.

أما الفتحات فهي مستطيلة يعلوها قوس مدبب بفتحات أكثر ضيقاً، ويوجد في أعلى الباب "ساكف" عليه نقش كتابي تؤرخ للبناء، إلا أنها غير مقروءة.

سجل خان المعز في لائحة المواقع الأثرية الوطنية بالقرار الصادر عن وزارة الثقافة رقم 84 / أ تاريخ 28 / 9 / 1967 ، ولم تعد تطالب مديرية الآثار بهذه التحفة المعمارية الأثرية بسبب معرفتها بسيطرة الجيش عليها بشكل كامل ووقوعها بشكل كامل ضمن أبنية قيادة الفيلق الثالث قديماً.


*خان "السلطان"
أو ما يعرف بـ"خان العروس"، الواقع شمال شرق دمشق بنحو 50 كم، على الطريق الدولي (دمشق – حمص) قرب مفرق "معلولا"، وهو مبنى كبير وضخم، أبعاده من الخارج 41.6 × 46.15 مترا.

يتألف من باحة أبعادها (29.3 × 24.6 متر) تلتف حولها الأروقة من كل الجهات، هذه الأروقة مقسومة إلى جناحين متناظرين شرقي وغربي يفصل بينهما بوابة الخان في الجنوب، وإيوان في الشمال، ولكل جناح ثلاثة أبواب تطل على الباحة.

سقفه عبارة عن "قبوات" حجرية نصف اسطوانية، أما مداخل الخان مستطيلة الشكل والواجهات الداخلية تنتظم على شكل فتحتين متناظرتين بينهما فتحة أكبر.

تشير النقوش الموجودة فوق بوابته الرئيسية، إلى أن الخان بني في القرن السادس الهجري 577هـ (القرن الثاني عشر الميلادي) بأمر من السلطان صلاح الدين الأيوبي، وجاء في النص: "بسم الله الرحمن الرحيم - أمر بعمارة هذا الفندق المبارك السيد مولانا الملك الناصر صلاح الدنيا والدين، وسلطان الإسلام والمسلمين أبو المظفر يوسف بن أيوب محي دولة أمير المؤمنين، وذلك سنة سبع وسبعين وخمس مئة".
وسجل خان "العروس" على لائحة المواقع الأثرية الوطنية بالقرار رقم 85 / أ تاريخ 28-9-1967، ووضعت له وجائب على مسافة 100متر من كل الجهات، يمنع البناء فيها.

اتخذت الفرقة الثالثة أيضا من "خان العروس" مقرا احتياطيا للعمليات في حال تم قصف المقر الرئيسي لعمليات الفرقة، حيث تم مد كابلات الاتصالات اللازمة إلى داخل الخان تحت الأرض، من أجل تأمين الاتصالات في حال نقل المقر العملياتي إليه.

كما أن قيادة الفرقة الثالثة تقوم في كل عام تقريباً بتنفيذ مشروع تكتيكي وتتخذ من هذا الخان مقراً لعملياتها التدريبية، بينما يعيث عناصر الفرقة داخل هذا الخان التخريب دون رقيب أو حسيب.

زمان الوصل
(271)    هل أعجبتك المقالة (226)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي