أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حكاية فادي العاسمي... ماهر شرف الدين*

الشيخ فادي العاسمي بعد خروجه من السجن فاقداً ذاكرته جراء التعذيب

بعد اعتقالٍ دامَ أقلَّ من أربعة أشهر في سجون النظام، خرج أحد أقطاب "المصالحات" في درعا الشيخ فادي العاسمي فاقداً للذاكرة.
ربَّما يقول قائل: شخصٌ صدَّق نظام الأسد، ما حاجته إلى الذاكرة؟!


***


لا نعرف بالضبط ما الذي قاله عناصر حاجز "المخابرات الجوية" للشيخ فادي العاسمي، وهم يهمُّون باعتقاله، عندما أبرز لهم "بطاقة التسوية". ولكن في وسعنا أن نتوقَّع، من خلال معرفتنا بالطبائع الوحشية لعناصر هذا الفرع، بأنهم استعملوا أشدَّ العبارات استهزاءً.


وبالطبع هذا الاستهزاء لا يتعلَّق بـ"بطاقة التسوية" فحسب، بل بحاملها الذي صدَّق بأنَّ لها قيمةً قانونيةً لدى جماعة من الناس لا تعترف بقانون أو باتفاق أو بعهد.


الصور التي نُشرت للعاسمي، بعد خروجه من السجن، بدت للوهلة الأولى بأنها لشخصٍ آخر. شخص شبه مجنون لا يمكن لمن لا يعرفه أن يتوقَّع بأنه كان ذات يوم أحد قياديي الثورة في الجنوب السوري.


لم يتعرَّف العاسمي على أحدٍ من أبناء مدينته داعل. لم يتعرَّف على أحدٍ من أقربائه. لقد سلبه التعذيب في السجن جزءاً من عقله.


تلفزيون "سما"، الناطق باسم النظام، قال بأنَّ الاعتقالات الجارية -والمقصود اعتقال العاسمي وغيره من قادة "المصالحات"- جاءت بسبب "دعاوى شخصية لا تنفع معها بطاقة التسوية"!


ولم يذكر هذا التلفزيون شيئاً عن اغتيالات جرت لبعض قادة "المصالحات"، وإذا ما كان السبب أيضاً "دعاوى شخصية"!


***


هل فقدَ الشيخ فادي العاسمي ذاكرته بعد خروجه من الاعتقال حقَّاً؟


جوابي الشخصي: لا. لقد فقدَ ذاكرته في اللحظة التي صدَّق فيها أنَّ للذين ارتكبوا جرائم الإبادة الجماعية يداً ممدودةً وعهوداً ومواثيقَ... و"بطاقة تسوية" يمكن أن تحميَ حاملها من الاعتقال على حواجز "المخابرات الجوية".

*من كتاب "زمان الوصل"
(269)    هل أعجبتك المقالة (295)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي