"جيهان" فتاة في الثامنة والعشرين من عمرها، تنحدر من منطقة "ركن الدين" في العاصمة دمشق، كانت تعمل في مجال التمريض، انفصلت عن زوجها بسبب إصابتها بالعقم، ذات يوم لم تتمكّن من العودة لمنزلها، اضطرت للبقاء في المستشفى التي تعمل فيها لمدّة 15 يوماً بسبب سخونة الأحداث وتوافد عدد كبير من الجرحى المدنيّين، وبعد أن خفّت وتيرة المواجهات وعمليات القصف توجّهت لمنزلها، إلّا أنّ جميع الطرقات كانت مرصودة من قبل عناصر فروع الأمن باختلافها وشبيحة نظام الأسد.
كانت "جيهان" تعتقد أنّ عملها بالتمريض المعروف بإحدى الأنشطة الإنسانية سيعفيها من تسلّط الأمن عليها، لكن خلال مرورها بحاجزٍ لفرع المخابرات الجوّية وبعد صدٍّ وردٍّ بينها وبينهم بسبب مماطلتهم في تسيير السير وعجلتها لطمأنة ذويها قرّروا توقيفها بتهمة التعامل مع الإرهاب واقتادوها للفرع خاصّتهم.
هناك مكثت "جيهان" حوالي أربعة شهورٍ تعرّضت خلالها لكُلّ أشكال التعذيب، إضافةّ لتعرضها للاغتصاب من قبل عناصر الفرع وضبّاطه، ومن ثُمّ تم تحويلها لجناح الإرهاب في سجن "عدرا" المركزي وهي مُصابة بانهيار عصبي رهيب مُماثل للجنون أو اختلال العقل.
التقيت بها في المهجع الخامس بالجناح، آثار الجروح والحروق ظاهرةً بوضوحٍ على جسدها، كانت تصحو لوقتٍ قصيرٍ فقط ثُمّ تعود لحالة الانهيار، أثناء صحوتها تُحدّثنا عمّا تعرّضت له من تعذيب، وأكثر ما تعرّضت له بلّ جسدها بالماء وصعقه بالكهرباء، في إحدى المرات كانت تشكر الله أنّها مُصابة بالعقم ولا تنجب الأطفال مُطمئنّةً أنّها لن تحمل في أحشائها جنيناً نتيجة اغتصابها لمراتٍ عديدة.
صُدمت كثيراً بعد معرفتي بأنّ لـ"جيهان" أخا برتبة عقيد في جيش النظام، وقد باءت كُلّ مُحاولاته في السؤال عنها بالفشل، إلى أن تمّ عرضها للقضاء الذي قرر الاستمرار بإيقافها رغم مرضها وحالتها الصحية السيئة جداً.
دفع والد "جيهان" مبالغ ماليّة كبيرة لإعادة فتح ملف قضيّة ابنته دون جدوى، وعُوقبت أكثر من مرّة بنقلها لجناح "القتل" لأنّها كانت تتحدث عن سرقة "ميريانا" لنقودها، وأُعيدت إلى جناح الإرهاب بعد دفع أموال لمن تسببت بنقلها.
خرجت "جيهان" من سجنها "مٌختلّة العقل" بعد محاولات والدتها بالتوسّل لـ"شبيحة منطقة "ركن الدين" المعروفين بالسطوة والقوة والقُرب من مُخابرات النظام ليتدخّلوا بالأمر.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية