أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حادثة التمثال... حسين الزعبي*

تمثال حافظ في درعا - نشطاء

ثماني سنوات بكل ما حدث فيها من كوارث جاءت على كل شيء في سوريا، لم تكن كفيلة بأن يغير النظام من عقليته الثأرية ‏الانتقامية مع من تبقى من الشعب في تأكيد على مقولة أنا أو الخراب.‏


بالأمس القريب، أعاد النظام نصب تمثال حافظ الأسد الذي أسقط في 27 آذار 2011 وقتل في سبيل الوصول إليه وهدمه نحو ‏‏15 شابا، وسبق له أن أعاد تماثيله، تماثيل الأسد الأب، إلى دير الزور التي تتناهبها الدول من كل حدب وصوب، وكذلك حماة ‏وغيرها، الأمر الذي استفز الأهالي في منطقة درعا البلد فخرجوا بمظاهرة رافضة لوجود التمثال بل وحملت من الشعارات ‏ما هو أبعد مذكرة بالهتافات الأولى للثورة. ‏


والحقيقة لا أعلم أي مصلحة للنظام في إعادة تمثال يعي النظام نفسه أنه مستفز للناس وأنه قد يربك المشهد في ساحة قابلة ‏للتحرك، ناهيك عن أن فكرة نصب أصنام الرؤساء لم تعد نهجا موجودا لا في الدول المتقدمة ولا في الدول المتخلفة.‏


شكلت مظاهرة درعا البلد ومن ثم خروج مظاهرة أخرى ليلية في "طفس" تحمل المضامين نفسها، شكلت حالة من الاستغراب ‏على اعتبار أن المنطقة واقعة تحت سيطرة النظام لدرجة أن البعض راح يشكك بمن خرج بها ويتهمه بالعمالة للنظام، وهنا ‏لست بوارد الرد على اتهامات لا تستحق الرد، إلا أن ما لا بد الإشارة إليه وجوب عدم ترك أي حراك ثوري من دون توظيفه ‏بما يخدم الحالة السورية كلها، التي وصلت ومنذ وقت طويل إلى مرحلة تحتم على الجميع العمل بما ينقذ ما تبقى من سوريا، ‏ضمن تشكيلات سياسة جامعة، تعيد إحياء الفعل السياسي، وربما لا ضير إن بنيت على ما هو قائم من قوى سياسية مع إعادة ‏هيكلة أو اندماج، فما هو أهم إعادة الفعل السياسي المعارض إلى الحياة، أما الاكتفاء بالحديث العاطفي وبمنشورات "فيسبوك" ‏وتدبيج المقالات، فهو مجرد تكرار واجترار لتجربة لم تؤت ثمارها كما يجب لأسباب موضوعية وأخرى ذاتية، وما تكرارها ‏والتعاطي معها بالطريقة نفسها إلا تقليد غير إرادي لآليات تفكير النظام التي لم تتغير منذ أحداث حماة، وهنا لا أقصد درعا ‏فحسب، بل الساحة السورية كلها، ابتداء من دمشق وصولا إلى إدلب ودير الزور.‏


إن كان النظام على استعداد ان يمزق سوريا أكثر مما هي ممزقة في سبيل الحفاظ على الكرسي، فعلى المعارضة أن تسعى ‏لاستعادة بعض القدرة على الفعل بأدوات تتناسب مع المتغيرات التي حصلت في الملف السوري، وهذا الأمر وإن كان يقع ‏على عاتق الجميع، فإن الطبقة السياسية أو من امتهن السياسة خلال السنوات الماضية أولى بامتلاك زمام المبادرة.

*من كتاب "زمان الوصل"
(207)    هل أعجبتك المقالة (216)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي