أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

شبح الترحيل يؤرّق سوريين في ألمانيا.. وحقوقيون: القانون معكم

أرشيف

لا يبدو أن سياسة رئيسة "الحزب المسيحي الديمقراطي" الألماني "أنغريت كرامب كارنباور" بخصوص اللاجئين ستتوافق مع سياسات سلفها "أنجيلا ميركل"، وهو ما كان واضحاً بحسب الكثير من المراقبين بعد تصريحاتها التي أطلقتها مؤخراً والتي أكدت فيها سعيها لاتباع سياسة أكثر تشدداً في حماية الحدود، ودراسة الحكومة الألمانية حالياً مجموعة من القرارات المتعلقة باللجوء على خلفية مطالبة عددٍ من وزراء الحكومة بتسهيل عمليات الترحيل، وشكواهم من صعوبة الإجراءات التي تجعله -الترحيل- في بعض الحالات أمراً صعباً للغاية.

*مستقبل قد لا يكتمل
"تردد التصريحات من قبل السياسيين حول تسهيل عمليات الترحيل قد تبدو للبعض بأنها تصريحات دعائية، ولكن بالنسبة لنا كابوس يراودنا في كل ليلة"، عبارة عرض فيها الشاب "محمد الأحمد" عن قلقه المستمر من إمكانية الترحيل إلى سوريا في ظل الظروف الراهنة، مشيراً إلى أن ورقة اللاجئين باتت ومنذ عام 2015 ورقة السياسيين الألمان الوحيدة لكسب أصوات الناخبين، حتى وإن كان ذلك على حساب حالة الرعب التي سيعيش بها اللاجئ عندما يسمع بهذا الكلام الذي يهدده بالعودة من حيث أتى.

ويضيف أحمد: "نحن شعب يعاني واحدة من أسوأ كوارث العصر من الناحية الإنسانية، معظمنا حتى اليوم يعاني من مشاكل نفسية وآثار مرتبطة بالحرب والدمار والخراب، ورغم ذلك لا زلنا نحاول شق طريقنا، والبحث عن فرصة"، مؤكداً أن استمرار هذا الضغط النفسي كثيرا ما يسهم بإرباك الناس وإعادتهم إلى الوراء، متسائلاً: "كيف أندمج في بلد لا أسمع في أخباره مع كل صباح إلا أخبار اللجوء واللاجئين والترحيل؟".

وطالب "الأحمد" السياسيين الألمان بإعطاء اهتماماً أكبر بحالة اللاجئين النفسية عند تداول مثل هذه التصريحات، مضيفاً: "حتى اليوم أنا والعديد من أصدقائي لا تزال الكوابيس هي زائرنا الليلي في كل يوم، فأرى نفسي عائداً إلى سوريا أو قد تم اعتقالي أو سحبي إلى الخدمة الاحتياطية، كل هذا مرتبط بالحالة النفسية التي نعيشها وتفكيرنا الدائم بقضايا الترحيل وتصريحات السياسيين".

*دفعة إلى الوراء
الشاب "محمد عثمان 23 عاماً"، كان أيضاً من بين السوريين الذين عبروا عن استيائهم من التناول الدائم لقضايا اللاجئين في أروقة السياسة الألمانية وتحولها إلى قضية انتخابية، مضيفاً: "أنا خائف ولا استطيع أن أخفي ذلك، أتيت قبل ثلاث سنوات إلى هنا بحثا عن علاج ليدي المصابة، ورغم ذلك تمكنت من تعلم اللغة والبدء ببناء علاقات داخل المجتمع والبحث عن فرصة عمل، فكيف لي أن أجد نفسي بعد كل ذلك عائداً للمربع الأول في الوقت الذي بدأ فيه اللاجئون في الدول الأخرى الحديث عن الحصول على الجنسيات؟، كيف لي أن أتابع طريقي وأنا أعيش حالة التوتر هذه مع كل تطور تشهده الساحة السياسية الألمانية".

يقول عثمان: "أعرف الكثير من السوريين هنا في ألمانيا مِمّن ، وهناك من يتاجر بك أو يتربص بأي من أخطائك مسألة مرهقة جداً"، لافتاً إلى أن الاستقرار النفسي هو حق أيضاً للاجئين المقيمين في دولة تحترم حقوق الانسان، مضيفاً: "يضعونك تحت كل هذا الضغط ثم يعيبون عليك عدم قدرتك على التقدم والاندماج، أي عدالة هذه؟".

*طمأنينة حذرة
وسط القلق واليأس والترقب، كان هناك من السوريين من رأى أن تشديد سياسات اللجوء لا تتناول كافة اللاجئين، حيث اعتبر الشاب "خلدون العلي" أن موضوع الترحيل ينعكس على حالات، وليس على كل اللاجئين، مضيفاً: "لا ننكر أنَّ نسبة من الألمان ترفض اللاجئين، ولكنهم يشكلون أقلية في هذا البلد ولا يعبروا عن ثقافة الشعب بالكامل يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أنَّ الغالبية لا ترفض اللاجئين ولا تطالب بالترحيل، فالأمر غالباً ما يتوقف عند السياسيين".

ويقول العلي: "من البديهي أن ترفض سياسة الدولة اللاجئين الذين لديهم خلفيات إجرامية أو يميلون إلى العنف وهي الفئة التي قد تتعرض للترحيل في المستقبل"، محملاً هذه الفئة من اللاجئين مسؤولية تغير المزاج لدى نسبة من الشعب الألماني وانتقاله من ثقافة الترحيب إلى المطالبة بالترحيل.

*شروط الترحيل لم تتوفر
بين كل هذه الآراء التي حملت القلق والخوف، أكد المحامي والمستشار القانوني "باسم السالم" أن الحكومة الألمانية لا تملك حتى الآن أيَّ حق بسحب لجوء أي شخص حصل على صفة لاجئ تحت أي ظرف من الظروف طالما أن الأسباب التي مُنِحَ بموجبها هذه الصفة لاتزال قائمة، مضيفاً: "بالنسبة للسوريين تحديداً لا يمكن ترحيل أي سوري سواء أكان لاجئا أو حاصلا على الحماية الثانوية أو طالب لجوء، طالما أن الحكومة الألمانية لا تمتلك بعثة دبلوماسية رسمية وسفارة في دمشق، حتى وإن أُقِرَت سوريا كدولة آمنة أو تحتوي على مناطق آمنة".

وبين "السالم"، أن ما يحدث اليوم في ألمانيا حيال سياسات اللجوء لا يستهدف عمليات الترحيل بشكل مباشر وإنما حالة من التضييق على بعض الحالات التي حصلت على اللجوء كمن أتى إلى ألمانيا بنظام الكفالة ثم تقدم بطلب لجوء على سبيل المثال، مشيراً أن الحديث عن اللاجئين لا يعني بالضرورة أنه يستهدف السوريين بصورة مباشرة، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن الحديث اليوم في ألمانيا يدور حول اللاجئين القادمين وليس المقيمين على أرض ألمانيا، وهو ما دفع الحكومة الألمانية لعقد سلسلة اتفاقيات مع حكومات إفريقية كـ"تشاد ومصر" لإنشاء مخيماتٍ خاصةٍ باللاجئين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا على حد قوله.

وأضاف السالم: "عمليات الترحيل بالنسبة للسوريون حالياً لا تشمل إلا من لديه بصمة في إحدى دول الاتحاد الاوروبي كاليونان أو إيطاليا أو اسبانيا، بهدف تنظيم توزيع اللاجئين في أوروبا"، مجدداً التأكيد على أن كل من حصل على إقامة في ألمانيا سواء لجوءا أو حماية مؤقتة يستحيل ترحيله قبل رؤية بعثة دبلوماسية ألمانية.

يشار إلى أن "كرامباور" اعتبرت في وقت سابق سياسة سلفها المستشارة أنجيلا ميركل بفتح الحدود أمام اللاجئين صيف العام 2015 خطأ فادحاً يجب التعلم منه، وأن النظرة الانسانية لمسألة اللجوء يجب أن تتم وفق عمليات تراعي الحق في الحصول على صفة لاجئ في ألمانيا.

حسام يوسف - زمان الوصل
(182)    هل أعجبتك المقالة (201)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي