أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أساطير آل الأسد.. ماهر شرف الدين*

اليوم يكافح آل الأسد لإنتاج أساطير جديدة حول شخص الرئيس وزوجته وأولاده

عندما بدأ النظام حملة الدعاية والترويج لشخصية بشار الأسد، بعد موت أخيه باسل، قال لي أحد العسكريين من معارفنا بأن بشار الأسد "طلع عبقري"! وحين سألته كيف عرف ذلك؟ أجاب بأنه قرأ هذه المعلومة في مجلَّة "جيش الشعب"!

***
والحقّ أن ماكينة الدعاية الإعلامية للنظام أنتجت العديد من "الأساطير" المرتبطة بشخوص عائلة الأسد، مستعملةً لترويجها إفرازات طول أمد الاستبداد، والتي كان من أبرز تجلّياتها تلك العقول المدجَّنة التي صدَّق أحدُها "عبقرية بشار" لمجرَّد أنَّ مجلَّةً يُصدرها النظام قد كتبت عنها!
ومن بين تلك "الأساطير"، التي علقَ الكثير منها في ذاكرة السوريين، أستذكرُ ثلاثاً: اثنتان تؤسطران لـ"شخصية فذَّة" كان عليها حافظ الأسد، وواحدة تؤسطر لـ"أخلاق لا تُضاهى" كان عليها باسل الأسد.

***
فحوى الأسطورة الأولى تهديدُ حافظ الأسد لإسرائيل بأنها إذا ما هاجمت سوريا فإنَّ الطيّارين الإسرائيليين لن يجدوا مطاراتٍ في إسرائيل يهبطون عليها! بمعنى أنه سيقوم بتدمير تلك المطارات. وقد تبارى إعلاميو النظام في الإسهاب بشرح الجانب البطولي و"الفهلوي" في هذا التهديد الذي ليس لديهم، طبعاً، أيّ إثبات على حصوله.

أما الأسطورة الثانية فقد أخذت الإثارةُ فيها منحىً قصصياً يقول بأنَّ حافظ الأسد حين وصله خبر الحشود العسكرية التركية على الحدود السورية سنة 1998، قام بسحب كلّ قواته المرابطة على الحدود إلى الداخل السوري، مما أثار حيرة الأتراك وقلقهم من هذه الخطوة الغريبة، إلى أن تبيَّن لهم بأنَّ الأسد قام بتوجيه صواريخه باتجاه السدود المائية التركية لتدميرها وإغراق تركيا وجيشها بالماء، فما كان منهم إلا أن أذعنوا وسحبوا حشودهم العسكرية!

وتدور الأسطورة الثالثة حول الأخلاق الرفيعة لباسل الأسد، وحول روحه الرياضية التي نهلت من فروسيته، حتى استحقَّ من خلالهما لقبه الأشهر: "الفارس الذهبي". ولتوكيد حقيقة تينكَ الروح والأخلاق، واظب تلفزيون النظام، ولمئات المرَّات، على عرض تلك التمثيلية المدبَّرة والمصوَّرة لباسل الأسد وهو يُجبر حصانه على التعثُّر أمام حاجز القفز لكي يُعطيَ فرصةً لمنافسه!

***
بخصوص الأسطورة الأولى، فإنَّ المطارات الإسرائيلية، المهدَّدة بالتدمير وفق الحكاية، أخذت تتوسَّع وتنتشر في عهد عائلة الأسد إلى أن وصلت أخيراً إلى الأراضي السورية نفسها، وبالقرب من ضريح الأسد الأب نفسه، حيث كشفت وزارة الدفاع الروسية في بيان رسميّ لها، بتاريخ 15 تشرين الأوَّل 2015، عن دور مطار حميميم (السوري) كخطّ تنسيق روسي - إسرائيلي "تجنُّباً للحوادث بين طائرات البلدين في المجال الجوي السوري"!

وبخصوص الأسطورة الثانية، والتي يمكن تسميتها تهكُّماً بـ"طوفان حافظ"، لا تخفى على أحدٍ فضيحة "إتفاقية أضنة"، الموقَّعة بتاريخ 20 تشرين الأوَّل 1998، والتي هي إذعان كامل، حيث قام حافظ الأسد بموجبها بالتنازل عن سيادة سوريا على أراضيها من خلال إعطاء تركيا الحقّ بالتوغُّل لعمق خمسة كيلومترات في الشمال السوري (الملحق رقم 4)، والتخلّي عن المطالبة بلواء الإسكندرون المحتلّ والاعتراف به كأرضٍ تركيةٍ (الملحق رقم 3).

وبخصوص الأسطورة الثالثة، فقد تحوَّلت الأخلاق الرفيعة لباسل الأسد إلى فضيحة، مادَّتها الجريمة، عقب انكشاف أنه -ولفرط روحه الرياضية- قام بسجن منافسه الأقوى الفارس عدنان قصَّار سنة 1993 بتهمة أنه حاول اغتياله!! وقد بقيَ قصَّار في السجن مدَّة 21 عاماً، وكان في كلّ ذكرى سنويَّة لرحيل باسل الأسد يتذوَّق شتَّى صنوف التعذيب في زنزانته!

***
اليوم يكافح آل الأسد لإنتاج أساطير جديدة حول شخص الرئيس وزوجته وأولاده، ولكن -مع تغيُّر العالم واكتساح وسائل الاتصال الحديثة- لا تكاد "الأسطورة" تطفو على السطح إلا وتتحوَّل إلى مادَّة للسخرية، بل إنَّ بعض الأساطير الجديدة يكفي لتدميرها نشر نتائج مسابقات الرياضيات الدولية التي يشارك فيها حافظ الصغير ويحتلّ آخر المراتب، أو تسريب صورة واحدة كالتي سرَّبها الروس، قبل أيَّام، لبشار الأسد وهو يقف مع الضبَّاط الروس خلف الخط الأصفر بينما يُلقي بوتين كلمته أمام جنوده في قاعدة حميميم.

*من كتاب "زمان الوصل"
(252)    هل أعجبتك المقالة (319)

Wardan Aldure

2019-03-11

فعلاً انهم اسطوره في الخبث والغدر والخيانه لايوجد لهم مثيل في التاريخ القديم والحديث.. لدرجة ان حافظ النعجه غدر باصدقاءه وخانهم حتى يصل إلى الحكم ضمن مخطط مرسوم له بدقه.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي