ردّ الباحث "محمد الخطيب" على من عابَ تعدّد المستويات في بناء معجم الدوحة التاريخي للغة العربية في مرحلته الأولى بأنّ الغرض من ذلك كان تحصين اللفظ والمعجم، حتى لا يفرّ منه شيء، أو يدخل إلى المعجم ما هو ليس فيه.
وأشار في حلقةً جديدة من برنامج السيمنار الأسبوعي (الأربعاء) المنعقد في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، أشار إلى أنّ سبب الفترة الزمنية التي احتاج إليها المعجم هو هذا البحث والتنقيب، على اعتبار أنّ البحث عن كلمة لم تُشرَح يأخذ مدّة من الزمن، يلزم بعدها معرفة المعنى، ممّا قد يضطرّ الباحث إلى التخلّي عن الجذاذة لأنّ المعنى مسبوق، لذا، فما كان للقائمين على المعجم أن ينقلوا كلمة من دون فقه معناها بدقّة.
وأوضح الخبير اللغوي أنه لا يوجد في العالم كله تخصصُ بناء المعجم التاريخي، ولا يوجد عالِمٌ دُرّب على التقاط الألفاظ ومعانيها، لأنّ ذلك يحتاج إلى عالم موسوعي ملمٍّ بعلوم اللغة وغيرها من العلوم الشرعية، وحتّى العلوم الطبيعية، وألفاظها التراثية.
وذكر "الخطيب" الضوابط التي وُضِعَت في منهجٍ صارمٍ يعتمد على "المدونة التي حاولت، قدر استطاعتها، لملمة شتات تلك النصوص وترميزها ووضعها في سياقات مؤرخة بتواريخ وَفَيَات أصحابها"، وعرض آلية صياغة الجذاذة والمراحل التي تمرّ عبرها الكلمة.
ولفت إلى دور المنصة الحاسوبية في تسهيل العمل على مئات العاملين في المعجم، وإتاحته لهم في أوقات مختلفة وبلدان متعددة، وأكّد أنّ هذا المعجم هو الأوّل في التاريخ، إذ اعتمد في بنائه من نواته الأولى حتى اليوم على الحاسوب، وأنه مُنجزٌ فريد في إصداره وشواهده ومعانيه وتأريخه لكل لفظ، وأنه بدأ يُمثّل إلهامًا للعلماء والمؤسسات العلمية في تجاربهم وإنجازاتهم العامة والخاصة.
كما أبرز الخبير اللغوي بعض الصعوبات التي كانت مُعْضِلَة النص العربي، وما فيه من الامتداد وتعدد المصادر، لافتا إلى أنّ المصادر غير المخدومة تمثّل 90 في المئة من تراث الأمة الذي لم يُحقّق، في حين أن المصادر التي حُقّقت تشتمل على العديد من الأخطاء، أو فيها إغفال متعمّد لما هو مُشكل، إضافةً إلى معضلة التصحيف والتحريف بسبب طبيعة اللغة الاشتقاقية، وتشابه رسم حروفها، وانزياح معاني الألفاظ، وانتقال المعنى من الحقيقة إلى المجاز.
وأكّد "الخطيب" أنّ ما تُرك من جذاذات لم تُنشر في المعجم، تخدم اللغة العربية بدقّة التحقيق، وتصويب ما حدث من تحريف، وأنها أسهمت في فرز المعاني والألفاظ بما يُحقق الدقّة المُثلى للمعجم.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية