القارئ لأحاديث الأمير بندر بن سلطان عن بشار الأسد ووصفه له بأنه كذاب وولد، ينتابه ذلك الإحساس بالخجل والعار، من أن يكون هذا الرئيس هو من يحكم الشعب السوري العظيم، فلم يحدث في تاريخ حكام سوريا كله، منذ معاوية بن أبي سفيان وحتى اليوم، أن جلب رئيس لنفسه ولعائلته المذمة وقلة الاحترام، مثلما فعل بشار الأسد، وهذا ديدن الأولاد عندما يتولون حكم البلاد والعباد، وهم ليسوا أهلا لهذه المهمة.
لقد حاول بشار الأسد منذ بداية حكمه أن يبدو متواضعا، ويظهر بين الناس ويضحك ويأخذ ويعطي معهم مثل أي إنسان عادي.
وشخصيا، فوجئت في العام 2008 وخلال تغطيتي لحفل موسيقي للفرقة السيمفونية السورية، بدخوله للحفل، هو وزوجته وثلة من السياسيين اللبنانيين الموالين له وزوجاتهم، وهم سليمان فرنجية، وميشيل سماحة، وطلال أرسلان..ثم أخذ "يشوح" بيده، بحركة بلهاء لا تحمل أي معنى، سوى أن هذا الرجل يفتقد للتوازن العقلي الكافي..يومها قلت لصديق عزيز كان معي، بعد أن اعتبر أن ذلك تواضعا من الرئيس، بأن الفرق بين التواضع والوضاعة، جدا بسيط، وطلبت منه أن يدقق جيدا في باقي تصرفات الرئيس، وفي جلبه لهذه النوعية من السياسيين اللبنانيين لكي يظهروا معه في الحفل هم وزوجاتهم، فهكذا أفعال لا يقوم بها رئيس دولة، وخصوصا أن هؤلاء الزعماء اللبنانيين، كانوا في ذلك الوقت مثار خلاف داخل المجتمع اللبناني، ويمثلون القاع السياسي فيه.
وعلى فكرة، كانت هذه المرة الوحيدة التي أرى فيها بشار الأسد بشكل شخصي، وفي اليوم التالي جاءت أجهزة المخابرات إلى مبنى التلفزيون، وأخذت الأشرطة التي سجلناها، ثم طلبت منا أن لا نذكر شيئا عن الحفل، إدراكا منها بأن تصرف الرئيس كان سيئا ومسيئا لنفسه ولدولته.
وبخصوص أن بشار الأسد كذاب، فهذه المثلبة، لا يعود الفضل في اكتشافها للأمير بندر بن سلطان، فقد قالها الشعب السوري في بداية ثورته مرات عديدة، وصدحت بها حناجر المتظاهرين في كل مكان من سوريا، عندما كانوا ينعتون الرئيس وإعلامه، بأنهم كاذبون.
وقال لي أكثر من شخص، من الوفود الشعبية الذين كانوا يلتقونه في بداية الثورة من أجل التعرف على مطالبهم، أنه منذ الوهلة الأولى التي يبدأ بها الحديث تشعر بأن هذا الرئيس كذاب، فهو يلف ويدور، ويلوي عنق الحديث بطريقة خبيثة، تشعر من خلالها بأنه لا يتمتع بأخلاق الفرسان التي يجب أن يتمتع بها رئيس الدولة عادة، فهو كان يعد بشيء خلال الجلسة، ثم يتصرف بشيئ آخر بعدها، ما يعني بأن الرجل لا يقيم وزنا لمواقفه وكلمته، كما الأولاد تماما.
يكفي ثورتنا فخرا، بأنها وضعت حدا لجموح هذا الرئيس الولد، وسواء طال الزمن أو قصر، فإن من يقتل شعبه لا يتخيل أبدا أن يستمر في حكمه، وما نراه اليوم من محاولات لإعادة تأهيل بشار الأسد، بدعم روسي وإيراني، ليست إلا محاولات يائسة، لن تجدي نفعا، لأن الرئيس فقد هيبته وشرعيته، والأهم أنه فقد سلطته التي لم تعد تتعدى حدود أهل بيته وحراسه الشخصيين، وحتى تلك يشك في أمرها اليوم.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية