صفحة من دفتر ملاحظاتي ... مرهف مينو

سأخبركم مالا تعرفونه طبعا غير الصلعة وتطرفي أحيانا وآرائي المتقلّبة بين انقلابيتي الخضراء والسخط الدائم من الحكومة

أملك نظارتين. أسمّي الأولى OUT DOR  والثانية INDOR  " داخلي وخارجي " والقصة هنا طريفة .

راجعت طبيب عيوني لتلفٍ أصاب الشبكية. صرت أرى غيوما سوداء تتحرك أمام شاشة الحاسب  وأوراقي المبعثرة وتغطي أحيانا بعض وجوه من أحبهم

قال وهو يصفر ...... " لازم عملية ليزر وبسرعة يجب إحاطة التلف ومعالجة المشكلة "

طبعا لم أخف لثقتي بأن ما تبقى من ألياف بصرية سيكون أكثر من مطلوب في المرحلة القادمة

انتهت العملية واختفت البقع السوداء ونصحني بنظارة جديدة قال :

تريد أن تنتحر لا مشكلة ... ولكن ببطء ابتعد عن القراءة والكتابة لفترة ... والحاسب .. فقط ساعة يوميا .

عندما أنهيت النظارة ووضعتها أحسست أن العالم مختلف أضحت الأمور أوضح والتفاصيل أصبحت واضحة بشكل غريب لم أستطع التأقلم معه ... تايتل الأفلام أقرأه من بعد أربع أمتار تقريبا

كنت دائم النظر لأولادي وكأني أراهم أول مرة .  أجوب شوارع مدينتي كالسائح أنظر هنا وهناك مستغربا كل شيء حتى أني مرة قلت لأحدهم وبدون شعور يارجل نظف أسنانك

حالة من الغرابة الكاملة استولت عليّ ...

لم أعد أجد أي صعوبة في قراءة عناوين الصحف حتى وهي على الستندات ...

أنظف المكتب والطاولات كل يوم. زاد ولعي الهستيري بالنظافة والقراءة والكتابة. أصابني شبه إسهال قصصي .

أصبحت الحروف والكلمات وشاشة الحاسب واضحة كرسوم الكارتون وزاد الوجع من  أخبار سوريتي وفلسطين التي أدمنت عليها على القنوات الفضائية .

أصبح الوضع شيئا فشيئا متعبا .... لم أجد بدّا من مراجعة الطبيب. استقبلني ببسمة . شرحت له الوضع بمأساوية وأنا مطرق الرأس .... لم يقطع كلماتي إلا صوت ضحكته وهو يقول :

"والله حزرت .... وكنت مستنّي رجعتك "

نظرت إليه بدهشة ...

" بعرف إنك مارح تتحمل الوضع الجديد أبدا ..... وبعرف إنو تعليماتي كلها الك مارح تنفذها "

أخبرته أني أدمنت أكثر وصار حبي هوسا ........

أجابني

" طيب رح نزلّك الدرجات، واستخدم النظارتين تستطيع هكذا أن ترى العالم كما تريد "

ومنذ ذلك الوقت ...... قسمت عالمي إلى منطقتين

IN DOR   و  OUT DOR   المشكلة هنا إنني عندما أخرج من المكتب  و أبحلق في شيء ما يثير فضولي يضحك همام ويسألني بخبث :

" شو نسيت الـ OUT DOR   بالبيت "