بعد أن قدم له خدمات تلميعية لا تقدر بثمن خلال السنوات الفائتة، حاولت أن تغسل بعض الدم المتراكم على يديه، عاد حمو بشار الأسد إلى دمشق من مقر إقامته في لندن، ليقوم بمهمة جديدة متجددة، تهدف لإعادة ضخ الدولارات في شرايين النظام وتسويق ما استطاع من أوهام وأكاذيب تحت عنوان "التنمية" و"إعادة الإعمار" و"سوريا ما بعد الحرب".
عودة "فواز الأخرس" والد أسماء، جاءت ليرأس ما سمي مؤتمر "البرنامج الوطني التنموي" الذي نظمته "الجمعية البريطانية السورية"، وهي جمعية أسدت تحت رئاسة "الأخرس" خدمات لاتحصى لبشار الأسد ونظامه، شملت على سبيل المثال تحسين وتبرير جرائمه، وتوفير منافذ إعلامية لتسويق أطروحاته، ودعمه بالاستشارات والمستشارين.
إعلام النظام وبتوجيه من رأس النظام، حرص على عدم إبراز دور "الأخرس" وعدم نشر صوره، لكن من حضر المؤتمر يعرف تماما أن اسم "الأخرس" كان قرينا لاسم "عماد خميس" رئيس الحكومة، وكأنه نظيره، أما واقعيا فكانت كلمات "الأخرس" بمثابة توجيهات وجب على جميع من حضر التزامها، وتجنب مناقشتها، كونها صادرة عن "عم الرئيس".
حضر "الأخرس" برفقة طاقمه المفضل من عاصمة الضباب، وفي مقدمتهم الشبيح المعروف "عمار وقاف"، ليطرحوا أفكار بناء سوريا ما بعد الحديثة، على نهج حافظ "باني سوريا الحديثة"!
لكن كل قدرات "الأخرس" الكلامية على تدوير الزوايا الحادة التي غرسها صهره في أجساد السوريين، معارضين وموالين.. كل هذه القدرات لم تسعفه، حيث سقط في المحظور، عندما قال في كلمته أمام "المؤتمر": "التاريخ يذكرنا بدول عديدة أنهكتها الحروب ومن ثم نهضت بسواعد أبنائها وإخلاص حكوماتها وشفافية قوانينها وتشريعاتها وفاعلية إعلامها ووضع السياسات الناجعة لتعليم أبنائها وتقديم الخدمة الصحية لأبنائها كاليابان وألمانيا ومؤخراً رواندا".
وفي مقارنته هذه، يقر "الأخرس" -من حيث لايريد- بوجود "هتلر" سوري دمر البلاد والعباد على شاكلة "هتلر" الألماني أو ربما أشنع، كما يقر بوجود "هوتو" سوري أباد وهجر ملايين "التوتسي" السوريين على غرار مع حدث في "رواندا" مع تبادل أدوار "الأكثرية" و"الأقلية، لكن عم بشار ينسى ويتانسى أن ألمانيا ورواندا نهضتا بعد التخلص من الطغاة والمجرمين، كما إن الذي دمر اليابان كانت قنابل وصواريخ أمريكية وليست "براميل صناعة محلية"!!
8 سنوات من الذبح المتواصل، سالت معها أنهار من الدم، لم تغير شيئا في وجدان "الأخرس" وطروحاته، بل لم تعمله في أضعف الإيمان أن يكون "ساكتا عن الحق"، فهذا السكوت على بشاعته أجمل بملايين المرات من التطبيل لسفاح قاتل لمجرد أنه "زوج الغالية".
أعلم كما يعلم غيري أن "سمفونية" الأخلاق والحق والباطل لا تملأ رأس "الأخرس" ولا تعني له شيئا، فهو في النهاية مثل صهره بشار مهووس على ما يبدو بمهمة اختارها "القدر" له، وهي أن يكون "منقذ سوريا" وجناحي "العنقاء" التي لابد لنهوضها من "رماد"، والرماد متوفر بكثرة في البلاد، ولم يبق لنا إلا أن نهلل للعنقاء كي تخرج من تحته!
وعنقاء هذه الأيام لا تغريها ملاحم شعرية ولا نصوص أسطورية، بل كل ما يغريها هو بريق الدولار، الذي حضر "الأخرس" من أجله، وبشر به من حوله من مسؤولي النظام، حتى نطق أحدهم قائلا إن المؤتمر الذي رعاه "عم الرئيس" ليس سوى "الفاتحة" وأن الأيام القليلة القادمة ستشهد عقد مؤتمرات حول الوضع الاقتصادي في سوريا، ومن بينها، مؤتمر بروكسل (بلجيكا) الذي سيعقد منتصف شباط الجاري.
في سوريا، ليس التناقض الكبير هو أن طبيب العيون أعمى وحسب، فالأكبر منه أن طبيب القلب بلا قلب أيضا!
إيثار عبد الحق-زمان الوصل-خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية