أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

النحات السوري "سهيل ذبيان" لـ"زمان الوصل".. الإبداع موقف جمالي من الحياة

في منحوتاته عشق استثنائي للتراث السوري القديم

"سهيل ذبيان" نحات سوري ولد من رحم التعبيرية وفيها ومن خلالها شد رحاله إلى المستقبل تاركاً وراءه كتلاً نحتية تحاور دواخلها الطافحة بالهم والشجن الإنساني والانتظار ورعشة الحياة.

في منحوتاته عشق استثنائي للتراث السوري القديم بمختلف تجلياته عبر ثنائية الأنا والعالم، الشرق والغرب، الممكن والمتخيل، الحلم والواقع ومن خلال هذه الفضاءات تتكّثف لحظات الشعور وومضات الذاكرة فتنفتح بين أصابعه وعلى إيقاع ضربات إزميله عوالم تنطق بالإبداع والتجاوز. 

للعمل النحتي أبجدية تبدأ من الكتلة والفراغ إلى الظل والنور، إلى الخط الملمس والفكرة، يؤلفها التكوين العام ويمنحها الانسجام وحدتها، من هذه الرؤية تنطلق أعمال ذبيان النحتية المستقاة من الذاكرة البدائية "اللاوعي الجمعي" ومن الذاكرة القريبة التي تشكلت من غيوم وحجارة وتراب وناس قريته "ذبيان" حتى ليخيّل إليه أن فلاحي القرية كانوا يقومون بتشكيلات وتكوينات نحتية في مجمل أعمالهم الزراعية، من البذار إلى الحصاد إلى البيادر إلى التجمع في الساحة إلى دفن الموتى إلى الأعراس، كل ذلك وأكثر كانت عيناه تتشربانه بنهم وبتركيز، ومن هنا -كما يقول لـ"زمان الوصل"- بدأت ذاكرته القريبة بالتشكيل لتكون فيما بعد مادة أولية لمجموعة أفكار وموضوعات؟

ويعتبر أن الإبداع موقف جمالي من الحياة، وهذا جوهر التجربة لأي مبدع، لافتا إلى أن للممارسة دورا في تطوير المهارات واكتساب التكنيك وأسلوب الإخراج وهذا مهم.

وتابع "ذبيان" أن توظيف هذه المهارات مرتبط بموقف الفنان الجمالي من الحياة والناس والواقع المعاش وهذا يلزمه وعي الذات والآخر، مشيرا إلى "أننا لا يجب أن نقلل من الثقافة البصرية والسمعية واللفظية والاستفادة من تجارب الآخرين وتطويرها، حيث لا وجود لتفرد بدون أساس، مضيفاً أن العملية الإبداعية تقوم على (الهدم والبناء)، وعليه فقد تأثر -كما يقول- بكل التجارب من كل أنحاء العالم وليس من السويداء فحسب.

واستمد مخزونه الجمالي والإبداعي من مجموعة القراءات الأدبية والشعرية والعلمية والتجارب العملية والتقنية ومجموعة التوليفات الممكنة في الفنون. 

وعن فضاءات استلهاماته هل هي الذاكرة أم الحلم نوّه "ذبيان" إلى أن للخيال دوره الكبير في أعماله المستقاة من الواقع، حيث يعمل -كما يقول- على تأليف هذا الخيال من جديد وتقديمه بجمال الموقف ويذهب به إلى الخطاب المطلق، بعيداً عن المباشرة فيبسّط الخط و"يليّن" الحركة، حسب تعبيره.

وتتبدى في أعمال "ذبيان" البازلتية المتناثرة في أنحاء مختلفة من أركان حديقة منزله منظومة حوار مع التراث السوري القديم بمختلف عناصره ومعطياته ومخزوناته الجمالية، وكان خطابه للتراث في مرحلة من مراحل إنتاجه –كما يقول- تأكيداً على إمكانية تطوير المنتج الحضاري السوري كباقي المنتج العالمي. 

وعن توظيفه للفراغ في منحوتاته واهتمامه بالتفاصيل والحركة أوضح ذبيان أن "الفراغ هو عنصر هام ككل العناصر فهو كالكتلة تماماً، لكن في مجمل أعماله هناك ديناميكية لا تخطئها العين، مضيفاً أنه لا يميل إلى الأوضاع الساكنة.

وهذا يستوجب حضوراً هاماً للفراغ لأنه بداية حضور للكتلة: "أسكَّن عناصري أحياناً لكنهم من خلال تعبيراتهم يهمون بالحركة ويستطيع المشاهد التنبؤ بالحركة التالية لهم".

وحول رأيه بالعلاقة بين الفن النحتي بمختلف خاماته والمتلقي في عالمنا العربي أكد "ذبيان" أن هناك قطيعة واضحة بين النحت والمتلقي للأسف فهذا المتلقي –حسب قوله- لا يزال ينظر للمنحوتات على أنها أصنام عدا أن هذا المتلقي أولاً وأخير هو إنسان مسحوق في بلدنا بين ضيق الوقت ورغيف الخبز.

وأشار ابن "صلخد" إلى أن الصلة بفنوننا القديمة انقطعت ولاسيما بعد ظهور التأويلات الإسلامية للمنحوتة باعتبارها وثناً أو صنماً وليس على اعتبارها عنصراً جمالياً من صنع الإنسان وهي قضية من الواجب -كما يقول- مناقشتها بوعي وموضوعية.

و"سهيل ذبيان" مواليد قرية "ذيبين" بريف السويداء الجنوبي 1965، ويقيم في مدينة "صلخد"، أقام خمسة معارض فردية موزعة بين سوريا ولبنان والسعودية وساهم في أكثر من 40 معرضاً مشتركاً، ولديه أربع مشاركات دولية في ورشات عمل.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(186)    هل أعجبتك المقالة (213)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي