أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

كواليس الدراما السورية..متفقون على وجود مشكلة .. والبيروقراطية .. المتهـم

الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون رائدة الدراما السورية وقد أثبتت حضوراً متميزاً يوما ما، ولا تزال هذه الأعمال تجدد شبابها في بصمة لم تمحها الأيام،

 

ولم تهمشها الحداثة والمعاصرة والموضة إن صح القول.‏

أثبتت حضورها الجميل في أجيال متعاقبة، وتركت فيها أثراً محبباً ولمسة رقيقة حتى صارت جزءاً من تاريخنا الشخصي، فمن منا لا يذكر أسعد الوراق أو لم يتأثر لساري، وغيره الكثير من الأعمال التي كانت دائماً تهدف إلى تقديم سوية فنية عالية ومضموناً ذا بعد اجتماعي تربوي، ولم تكن الغاية الربحية هي الأولى، فقد كان المعيار لتحديد سوية هذه الأعمال هو الجودة الفنية والمضمون الإيجابي للمجتمع.‏

وبعد الفورة الإعلامية في العالم العربي، وظهور مئات القنوات المتعطشة للجديد دائماً ظهرت العديد من شركات القطاع الخاص، بدأت أول الأمر بمنافسة الهيئة، وسرعان ما تكاثرت هذه الشركات حتى أصبحت هي الوجه الأول للدراما السورية، واختفى حضور نتاجات الهيئة أو ندر..‏

لا أحد ينكر أن هذه الشركات تقدمت بالدراما السورية إلى الصف الأول عربياً، ولكن المعيار هنا انتقل من الهيئة إلى الشركات الفنية وبهت حضور الهيئة وانتاجاتها إلى حد كبير كماً ونوعاً.‏

حالياً الأسواق تتحكم بكثير من الأعمال، فالشركات الخاصة قد يعنيها الاهتمام بالمستوى الفني والمضمون، ولكن بالتأكيد معنية بالربح أكثر، فتستجيب لشروط الأسواق التي تتبع ثقافات مختلفة، وأذواقاً وأعرافاً اجتماعية مغايرة، وصارت شخصية السوري (على كيف الخليجي) نحن نريد أن نستعرض فيها حياتنا كما نعيش فيها حقيقة، ليس كما يتمناها لنا الآخرون.‏

ومن أقدر من الهيئة على التصدي لهذه الظاهرة، ولكن لدى الهيئة ما لديها من الهموم والمشكلات التي تحول دون القيام بدورها.‏

ولهذا كانت لنا هذه الجولة في عوالم وكواليس ذوي الخبرة والمعرفة في هذا المجال لطرح هذه الأفكار..‏

عماد ياسين:‏

الهيئــة غير قــــادرة ومديـــرية الإنتاج مرتبكـــة‏

بداية .. الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بما أنها المعنية مباشرة في هذا الموضوع وكان لنا هذا اللقاء مع مدير الإنتاج التلفزيوني عماد ياسين:‏

< من خلال السياق العام للهيكلية الدرامية السورية ألا ترى أن ارتباط الشخصية بالمكان والقضايا المجتمعية المثارة حولها، بات ضعيفاً ومسطحاً، أو بمعنى هناك تغييب للشخصية المحلية في الدراما السورية، على الرغم من النجاحات التي حققتها ووصلت بها إلى الصفوف الأولى، كما أننا نلاحظ أن كثيراً من الأعمال غير موثقة؟‏

<< لقد لفت نظري، وأنا أول من تحدث عن تغييب الشخصية السورية في الدراما المحلية، وقلت: لدينا أعمال تنتج بأموال مجهولة المصدر، وربما فيها أفكار تطرح وتتناقض مع الشخصية السورية، ولاتتناسب معها، أو مع الطرح المطلوب حالياً، وليس في مصلحة التضامن العربي ولاحتى التاريخ العربي النظيف.‏

الأموال الغريبة توجه، وتشترط نوعية العمل وموضوعه، حتى إنه يفرض على الممثلين أحياناً، رأس المال هو الذي يتحكم بالأعمال، وهو حالياً يطلب دراما الرعب، ألا يكفي البوليسي منها؟ لماذا الرعب، وإذاً يوجد شيء موجه خارجي، وهذا ما يجب علينا التصدي له، هناك خطط سياسية تستخدم الدراما لتشويهنا، ومحاربتنا، ونحن يجب أن نعي هذه النقطة، ومن ضمن الخطة الخارجية طرح أموال، وتوجيه مواضيع لا تمت إلى الشخصية السورية بصلة، وهي تخدم قضايا ليست قضايانا، حتى إن هناك بعض النصوص تأتي مجملة لشخصيات تاريخها معروف وموالاتها معروفة تماماً، مثل «نوري السعيد» ومثل «الملك فاروق» وهذا الأخير حاز جوائز عديدة في المهرجان في الوقت الذي أبعد فيه «عبد الناصر» كلياً عن المهرجان واعتبر غير مطابق لشروط المهرجان.‏

< القطاع العام كان رائد الدراما السورية، ونحن اليوم نلقي اللوم على عاتق الأموال الغريبة أو القطاع الخاص على وجه التحديد، أين دور القطاع العام، في حال وجب علينا التصدي الخارجي الذي تحدثت عنه؟ ونحن نلاحظ تقصيره في انتاج الدراما منذ أعوام مضت؟‏

<< لا مجال للمقارنة بين القطاع العام والقطاع الخاص إذ إن القطاع العام لا يمثل إمكانات أي شركة قطاع خاص، ورغم ذلك نحن أفضل من بعضهم.‏

في العام الماضي مصروفات مديرية الانتاج لم تتجاوز 100 مليون ليرة سورية بينما انتاج مسلسل في القطاع الخاص يكلف 100 مليون ل.س، ولكن التهويل في ميزانيتنا والاتهامات مسؤولة عنها الصحافة وبعض النجوم الكبار.‏

نحن نعمل بخطة سنوية مدروسة ومبرمجة يتم تنفيذها تباعاً، وهذا رأي لجنة التفتيش التي حضرت بناء على طلب من مديريتنا.‏

نحتاج الأدوات‏

< رصيد مديرية الانتاج في العام الماضي كان 200 مليون ل.س، صرف منها النصف وأعيد الباقي إلى الخزينة، ألا يجعلنا هذا نتساءل لماذا لا يتم تحسين انتاج المديرية بهذا المبلغ باستقطاب أسماء مهمة وترفع من سوية العمل كماً ونوعاً؟‏

<< لدينا أنظمة وقوانين قديمة تحول دون ذلك، وقد حاولنا تحديثها ولم ننجح حتى الآن، ولكن تم التحديث جزئياً إلا أن هناك عقبة لم نستطع تجاوزها، لأن الأمر لا يعول علينا فقط، بل هناك جهاز دولة، الإدارة، وزارة المالية، وهي أساسية، وقد شكلنا لجاناً منذ عامين، منذ استلامي الهيئة لدراسة تعرفة الفنانين، وتم رفعها إلى ما يوازي القطاع الخاص، وهذا موضوع أساسي ومهم «وقد صدرت مؤخراً تعرفة الفنانين التي نأمل أن تكون نقطة بداية للأمام»، فالمخرج مثلاً في القطاع الخاص، كان يأخذ عشرة أضعاف مايتقاضاه في الهيئة العامة وهذا ما جعل المميزين منهم يبتعدون عن الهيئة، وبقي من لا يوجد له مكان في القطاع الخاص ويأخذ ربع الأجر في أحسن الأحوال، نحن نحتاج إلى أدوات، ومشكلتنا في مديرية الإنتاج، أننا ضمن مؤسسة كبيرة تفوق مستوى شخص أو اثنين لحلها.‏

الهيئة العامة غير قادرة، ومديرية الإنتاج مرتبكة‏

الدراما السورية أصبحت تضاهي أي منتج في الدعاية الإعلامية، وتأخذ الأولوية في حسن الإنتاج، وتحمل رسالة فقد أوصلتنا للآخر، وتركت لديه أثراً كبيراً وانطباعات إيجابية عن سورية، يكفي أن نقول إن لهجتنا أصبحت مفهومة خارج سورية، ومن العيب أن نكون مديرية تابعة للهيئة العامة، فالهيئة غير قادرة على الإحاطة بكل شيء، لدينا إدارة ومالية واحدة للإذاعة والتلفزيون بقنواته الثلاث!‏

في مصر قطاع الإنتاج فقط هو من يشرف على عملية الإنتاج‏

< لماذا لا يتم فصل المديرية عن الهيئة العامة؟ لماذا لاتكون هيئة اقتصادية أو هيئة إدارية مستقلة بقراراتها، كما حدث في مصر أو كما يحدث في تونس، فهم منذ عامين تقريباً احتفلوا بفصل الإذاعة عن التلفزيون، لاأدري لماذا نحن مصرون على دمج الإذاعة مع التلفزيون مع الإنتاج!!‏

<< نحن كمديرية إنتاج يربكنا هذا لأننا غير قادرين على الالتزام مع أي شخص، عندما نحاول أخذ القرار مع من يتبع لي من رؤساء الدوائر في اختيار عمل أو اختيار أحد المخرجين، لا نستطيع إلا بعد الانتظار لاجتماع لجنة الدراما، ولجنة المالية وغيرها، ولا نستطيع الاتفاق مع أي ممثل نجم، لأن هذا الأمر يتطلب وضوح الموعد وتحديده لأن النجم يخضع لظروف عمله ونحن مواعيدنا غير دقيقة وأحياناً تمتد إلى أكثر من ثلاثة أشهر بسبب ظروف معينة، في هذه الحالة نحن نرجىء كل أعمالنا، ونقف مكتوفي الأيدي، وحتى إذا تغير مدير عام الهيئة، كما هي العادة، تخيفه الناس من الدراما، فيقف متأملاً أكثر من 3-4 أشهر حتى يفهم الدراما، ثم يأذن لنا بالعمل، وقد تكرر هذا الأمر مرات كثيرة، يعني نعاني معهم قليلاً ثم يتعاونون.‏

ممثلون وفنيون وكتّاب ومعايير مختلفة‏

نعاني من مشكلة كبيرة عندما لا يكون المخرج على مستوى العمل.‏

يختلف هذا المعيار بالنسبة لمن هم خارج الهيئة، ومنهم الكتاب، وجدير بالذكر أننا نتعامل اليوم مع مجموعة من الأسماء اللامعة مثل كوليت خوري، فؤاد حميرة، بسام جنيد، نحن نرعى من يكتب لنا، ونتعامل معه بمنهجية وهذا ما أضفى شيئاً من التحسين.‏

مديرية الإنتاج تتحدى الهدر.. وتنجز نصوصاً مهملة‏

<< يقلب ياسين صفحات سابقة ويبدي امتعاضاً من نظرة سابقة عن المديرية حيث يعتقد البعض أن مديرية الانتاج في الهيئة العامة فارغة الأعمال وعن انتاج المديرية في الأعوام الثلاثة الأخيرة يقول:‏

في عام 2007 أنجزنا 6 أفلام تلفزيونية من أصل 8 أعمال وردت في خطة 2007 وفي 2008 أنجزت المديرية أيضاً ما بقي من خطة 2007 بالإضافة إلى 4 أفلام ذات سوية جيدة، والأهم من هذا وذاك أننا أنجزنا نصوصاً كانت مهملة من عشرات السنين، فأعدنا إحياءها وتحسينها مثل قصة الغراب لممدوح عدوان.‏

وبهذا نقول إننا لم نكلف الهيئة ثمن نصوص جديدة، بل سعينا ونسعى إلى ضبط الميزانية، وفي عدة مراحل، ثم إننا الآن ندخل في صميم الإنتاج وفي مفرداته الصعبة للإشراف على التكلفة.‏

مثلاً في «خبر عاجل» تم تخفيض التكلفة حوالي 3 ملايين ل.س.‏

وفي مسلسل «غفلة الأيام» كانت النفقات الانتاجية 5 ملايين ليرة لمدة 105 أيام، وهذا الرقم المدروس نفذ به المسلسل بسوية جيدة.‏

أصبحنا نعطي الممثلين ضعف الأجر ولا تزال الميزانية ضمن المعقول لأن الهدر الذي كان في السابق كان على حساب الممثلين.‏

أما عن خطة 2009 يقول ياسين: لدى مديرية الإنتاج أعمال مشتركة مع السعودية مثل «سوق عكاظ» وهو إنتاج مشترك. ويشير إلى الجديد والأهم، وهو في رواية كوليت خوري «أيام مع الأيام» إخراج هاني الروماني.‏

ويتحدث أيضاً عن مسلسل «غفلة الأيام» للكاتب هوزان عكو الذي يعرض حالياً على الفضائية السورية، وفيه عدد من نجوم سورية/ عبد المنعم عمايري، صباح جزائري، نضال سيجري، ريم علي، جهاد الزغبي، جيهان عبد العظيم، عبد الرحمن آل رشي، إخراج محمود لي.‏

<< وقد وثق ياسين حديثه بما عرضه من نتاجات وبرامج ومخططات مديرية الإنتاج وقال: إن الإنتاج الجيد جداً بما لدينا من إمكانيات ومالدينا من حرية في الحركة، ولكن ليس لدرجة منافسة القطاع الخاص، ومن الظلم أن نقارن به لأن أي شركة خاصة ميزانيتها في العام تفوق ميزانية مديرية الإنتاج بأربعة أضعاف، وأجر المخرجين فيها 400 ألف ل.س على الحلقة الواحدة بينما مخرجنا في الهيئة العامة يتقاضى 25 ألف ل.س ولا نتعامل بالمحسوبيات ولا الإقليميات ولا الشللية ومع كل هذا أحضرنا من مهرجان القاهرة لهذا العام 4 ذهبيات من أصل سبع.‏

وهذا ما لم يحدث سابقاً، وحتى الآن لم تتحدث عنه أي وسيلة إعلامية، بالرغم من أنه إنجاز مميز، بينما البرنامج الذي أخذ فضية «طبلوا وزمروا» له في صباح الورد، وصباح الخير، والتقوا مع المعد لسبب بسيط ربما فيه حرب على الدراما في الهيئة العامة، وليست الدراما من أولويات الهيئة صراحة لأن قيادة الهيئة ورئاستها ليسوا دراميين وليس لهم علاقة بالدراما وهي آخر ما يفكرون به.‏

<< ويقول ياسين أنا ابن المهنة ولم أحضر من عالم غريب كما يقال عني أنا ربيب الدراما والفن هاجسي منذ المرحلة الإعدادية، وأنا كاتب سيناريو وممثل، وصحفي ومخرج مسرحي، قدمت حتى الآن خمس مسلسلات (حكايا الليل- أبو عاكف- قيد التحقيق- طيبون جداً، ومسلسل في السعودية).‏

هاني السعدي :‏

أعمـــــــال القطـــــــــاع العـــــــــــام لاتنشـــــــر‏

هناك تقصير في القطاع العام بإنتاج الأعمال الدرامية، وهذه مشكلة كبيرة وإن توفرت بعض الأعمال الجاهزة تبقى حبيسة العلب داخل ممرات التلفزيون، نفذنا أكثر من عمل من الأعمال الهامة للقطاع العام، وهي جاهزة، وتستحق التسويق والعرض، لكنها ما زالت في الأدراج، لأن إدارة التلفزيون لايوجد فيها أي شخص له علاقة بمهنة التوزيع، في مصر قسم كبير من ميزانية القطاع المشترك يعود إلى الخزينة من خلال الفن، ونحن كل ما ننتجه وندفع تكاليفه يبقى خارج المحطات العربية.‏

الهيئة العامة ليس من أولوياتها الدراما ولا التسويق، للأسف الشديد أتساءل ماذا يفعل القطاع العام خاصة في السنوات الأخيرة، أعماله قليلة، وإن وجدت لا تنشر عبر للمحطات، مع العلم أن القطاع العام يصرف على الإنتاج أكثر مما يصرفه القطاع الخاص لأنها ميزانية دولة، ومع ذلك هذه الأعمال الهامة لا تخرج للناس!!‏

يبدو أن القوانين وشروطها ومضمونها تقف عائقاً، لأن العمل مكلف وليس للمحطة الداخلية، هناك محطات أخرى خارجية. وهناك محطات تتسابق إليها العروض في الدول العربية.‏

وعن دعم الدولة للقطاع العام يقول: الدعم موجود ولكن نريد دعماً من قبل القطاع العام نفسه لأن الربح يعود إليه، ولايوجد أي تقصير في دعم القطاع الخاص، خاصة عندما صدر القرار الهام جداً لشراء الأعمال السورية، ولكن ما أريد قوله إن القطاع العام يجب عليه الالتفات إلى الأعمال التلفزيونية والاهتمام بها ومحاولة نشرها في الأسواق. لأنه يجب أن يكون الأغنى، والأقوى دائماً، ولا يصح أن يشعر بالإحباط لأن الإمكانيات المتوفرة لديه قد لا تتوافر للقطاع الخاص، إلا بالجهات الإنتاجية الكبيرة.‏

يعاني القطاع العام من أزمة تكمن في التقصير من قبل الهيئة العامة في تعجيل حركة الدراما السورية من خلال القطاع العام، وبالتالي الإنتاج يكون قليلاً، ولا تتم عملية التسويق والتوزيع كما يجب. واقترح في حال عدم استطاعتهم التوزيع إلى المحطات العربية أن يستقطبوا أي شخص من خارج الهيئة العامة، يتكفل بالتوزيع وتحريك العجلة وأقول قناعتي: لا توجد حركة إنتاج، ولا من يعول عليه في إدارة هذه الحركة التي تحتاج إلى اختصاصيين ممن لهم علاقة بالإنتاج وتوزيعه.‏

أنا شخصياً تعاملت كثيراً مع القطاع العام في السابق، ولكن مؤخراً قدمت له عملاً واحداً، وكانت تجربة جيدة وسررت منها، وتقاضيت أجراً موازياً لما أتقاضاه في القطاع الخاص، ولكن لا يزال هذا العمل معلباً، ولم يبث إلا محلياً، وليس لدي أي مانع من إعادة التجربة عندما أشعر بالنوايا لمنافسة القطاع الخاص، وأنا مؤمن بالقطاع العام رغم كثرة الشركات الإنتاجية ومؤمن بنوعية الأعمال التي ينتجها، لما لها علاقة بالدولة ونظام الدولة.‏

الشخصية السورية موجودة ومن صلب الواقع‏

لم يلحظ هاني السعدي أي طمس للشخصية السورية في الدراما المحلية ويقول أنا لا أتصور أن هناك تغييباً لملامح الشخصية السورية ولا أحد يمكن أن يتقصد ذلك، ولكن اختيار نوعية الشخصية تتحكم بالحكاية.‏

ويؤكد أن الكتاب انضج من أن يتركوا الحرية للمنتج لإضفاء أي تأثير على الشخصية السورية، فهم يقدمون عملاً سورياً كل شخصياته سورية، وحكاياتهم من صلب الوقع لذلك ليس فيها شيء من التغريب.‏

رفيق سبيعي:‏

«لاحول ولاقـوة إلا بالله» .. هذا مانقول!‏

لأنك في جريدة الثورة سأتحدث إليك بصراحة، وهدفي أن يصل كلامي لأصحابه المسؤولين الذين يجلسون على الكراسي وجل همهم هو المحافظة على كراسيهم فقط، وإذا أرادوا التفكير بالمصلحة العامة يجب أن يعيدوا النظر بأنفسهم بضمائرهم ولكن.. للأسف الشديد، حتى اليوم لم يفكر أن يقدم مقترحاً جديداً يطالب فيه وزارة المالية بتصحيح موضوع معين، الدنيا تغيرت، وكل يوم فيه الجديد، كيف سنواكب العصر من دون مقترحات واجتهادات؟ لا أحد منهم يهتم وإعلامنا للأسف الشديد بشكل عام غير متطور، وغير مواكب للعصر.‏

رفيق سيبعي الشاهد الذي عاصر الفترة الذهبية للدراما السورية وكان من روادها ومن المؤسسين الأوائل يشير إلى تدني المستوى والتراجع الذي آلت إليه الدراما في القطاع العام، يشير إلى أسبابه ويقدم مقترحاته فيقول:« أنا أتابع التلفزيون وأسمع الإذاعة، أشياؤهم تقليدية، الغاية منها تسجيل أرقام، للأسف الشديد، ماذا يريدون «منعرف بس مامنحكي»، المواطن الصالح برأيي هو من يبحث عن المكاسب التي تخدم البلد، وليس عن المصالح أو الأرباح التي تخدمه شخصياً.‏

أقولها بصراحة‏

ويقول السبيعي: مشكلتنا في القطاع العام، المشاريع الفاشلة، لأن الرجال التابعين للمؤسسات الاستهلاكية الحكومية التي أنشأها البلد تباع على التوالي، السبب في ذلك، الروتين المعوق دائماً، والتسيب بالعمل في مؤسسات القطاع العام.‏

هذا التسيب موجود حالياً، علماً أن التلفزيون في بداياته كان رائد الدراما السورية وقدم عدة أعمال كان لها تأثير كبير لدرجة شجعت القطاع الخاص على انتاج الدراما وتفوق على القطاع العام الذي يتحكم في الروتين على الرغم من وجود مديرية انتاج هي بالوقت نفسه في مسيرتها تعطل الدراما عن التقدم والتفوق لسبب أزلي وهو أن «المسؤول عنها ليس هو الرجل المناسب في المكان المناسب»، ولو أن هناك فنانين أصلاء وحقيقيون على علم كاف بأهمية الدراما وهمهم التوجه المشرّف للتلفزيون السوري كانوا هم من يرفضون اقتران أسمائهم بأعمال غير مشرّفة.‏

الغايات الخاصة دهورت الأمور‏

دراما القطاع العام هي من بدأ النجاحات عندما قدمت العبابيد والخشخاش، وأيام شامية. مازال عرضهم على الشاشة مستمراً ومازلنا نفتخر بهذه الأعمال، ولكن للأسف الشديد تدهورت الأمور، وصار هناك غايات خاصة، وكل من يدخل إلى التلفزيون السوري ويعمل في مديرية الانتاج همّه الكسب الشخصي، ومن ثم العملية عملية توزيع ميزانيات تذهب هدراً «وأقولها بصراحة».‏

ثم إن المخرجين «الكسلانين» هم من يجلس في مديرية الانتاج في القطاع العام، أما المخرجون المجتهدون ومن أراد منهم أن يكسب ماء وجهه على الساحة العربية بالنسبة للدراما نلاحظ انتاجهم وعطاءاتهم.‏

مأوى عجزة‏

ويقول السبيعي: إنه حضر مهرجان التلفزيون في القاهرة العام الماضي ولكن: «للأسف الشديد أن تلفزيون القطاع العام السوري لم ينل أياً من الجوائز، ومايؤسفني أننا كنا نحن دائماً متقدمين وأعطينا الدراما كل مانملك منذ أن كان التلفزيون «أبيض وأسود» وحتى الآن، ونحن الآن في عام 2009، ومازالت الدراما السورية في تراجع ودراما القطاع العام بشكل خاص، وهذا التراجع لن يصحح إلا باستقلال قطاع الدراما، وبحكمه لنفسه بنفسه بإدارة مسؤولة أمام الدولة عن الخسائر والأرباح عندئذٍ تصبح إدارة مستقلة تنتج أعمالاً جيدة حسب الرؤية الفنية للفنانين القائمين على إدارتها، أما طالما أنها مأوى عجزة في مديرية الانتاج التلفزيوني، وكل واحد «بيريد حصته» وبصراحة هذا ماأعاد الدراما السورية بالقطاع العام إلى الوراء.‏

أعمال درامية وشخصيات مسطحة ومسؤول سلبي‏

< وفي سؤال عن عمق الشخصية المحلية في الدراما السورية والرسالة التي تطرحها الأعمال الدرامية هل توضح صورة البلد حقيقة أم أنها تخضع لشروط السوق وتحكم الجهات المنتجة غير المحلية؟‏

<< أنا أقر بتسطيح بعض الأعمال التي نشاهدها، يعني لايوجد محاولة للتعمق، والأعمال التي فيها عمق لاتجد رواجاً، الرقابة تلعب دوراً كبيراً في هذه الحالة، لأنها تحاول التهرب من المسؤولية، وعندما يعرض عمل على الرقابة تتحفظ كثيراً.‏

مسؤول سلبي ومزاجيات خاصة‏

لقد عانيت شخصياً من ردود الأفعال هذه عندما كنت أقدم الأغاني، وحدث أكثر من مرة أن «حذفولي بعض المقاطع ونصف الأغنية أحياناً، فكنت أذهب إلى المدير العام ويقول لي: «لأ مافيها شي» فأقوم بإذاعتها.‏

ولكن «لو لم يكن لي جاهة» عند المسؤولين، وهم على علم أنني لا أقدم «علاك مصدي»، ماكنت سأحصل على موافقتهم واستبعاد رأي الرقابة.‏

يعني المسؤول صار سلبياً تجاه أي عمل، ومزاجه شخصياً، وهذا مايحدث لنا فيما نقدمه حتى في الأعمال الدرامية.‏

لاحياة لمن تنادي‏

أما عن تغييب الشخصية المحلية وبهتانها، فمن الطبيعي أن من يدفع تكاليف العمل سيتحكم فيه قلباً وقالباً، ويفرض بصمته علية، لذلك نجد أن القطاع الخاص مضطر أن يخضع لشروط السوق، لأنه يحتاج لرأس المال.‏

الدولة تمتلك رأس المال ونستطيع فعل شيء له قيمة فعلاً‏

وفي القطاع الخاص كل واحد منهم «يدّبر حصته» نقطة انتهى. لايهتمون لنوع العمل، هل هو نافع لمجتمعنا أم لا، هل هو صورة لنا في الخارج، تشاهده البلاد والعباد ويقال عنه دراما تحمل قيمتها، القطاع الخاص لاتعنيه هذه الاستراتيجية لأن منطقهم تجاري ربحي، لذلك لانستطيع أن نلقي اللوم على القطاع الخاص، مع العلم أننا في بعض الأحيان نرى بعض الأعمال الناتجة عنه جيدة جداً.‏

أعود فأقول اللوم على القطاع العام الذي تموله الدولة «تعطيه وتقول له افعل ماتشاء بشرط أن يبيض الوجه أمام الدول والبلدان الأخرى، وتصبح المنافسة شريفة»، لكن لاحياة لمن تنادي.‏

حتى الدراما بالإذاعة كان لها قيمة وأذكر كم كانت الناس تواقة لسماع الإذاعة في البيوت والمحلات والطرقات، حالياً نسمع الإذاعة كواجب نقوم به وتقدم في العام عدد قليل من المسلسلات «وهي أي كلام، والرقيب يبقى خائفاً على رأسه».‏

نحن نصرخ في واد عميق .. لماذا نخجل من تاريخنا؟‏

الرقابة العامة التابعة للدولة في التلفزيون نفسه تعبر بالنصوص إلى القطاع العام والخاص، ومنهم من يسهّل الأمور لنصوص «أي شيء» بحكم وظيفتهم وهناك طريقتان للرقابة إذا كان النص للتلفزيون السوري أو إذا خارج التلفزيون السوري ويعود الموضوع للرقيب وموافقتة، وهناك نصوص تتقدم لمحطات مشفرة وتأخذ الموافقة عليها، ولاتعرض في التلفزيون السوري، ومنها من يتحدث عن تاريخ سورية البعيد القريب من قبل 200-300 سنة، هذا تاريخ مليء بالأحداث، مثلاً أنجز مسلسل من جزأين لم يعرض في سورية هو (الحصرم الشامي) الذي يعالج تاريخ سورية ومامر عليها من حروب ومن غزو ومن اقتتال عندما كانت الحكومة العثمانية، وماحدث أثناءها من أنواع الميليشيات، كل يوم قتل، وكل يوم ضرب مؤرخ بأمانة ولكن لم نشاهده على التلفزيون المحلي، السبب يخشى من اثارة حفيظة أهل البلد لوجود تحفظات «هيك أنا بعرف».‏

مع أننا نشاهد أفلاماً تحكي عن أوروبا في عصر الظلمات، كيف كانوا وحوشاً يقتلون بعضهم، قرصنه، هكذا كانت أوروبا، وتطرح أفلاماً عن هذه الأمور بكل بساطة، لم يخجلوا من تاريخهم، لماذا نحن نخجل من تاريخنا /الحصرم الشامي/ شاهده الملايين على قناة أوربت وأشادوا فيه وحكي عنه الكثير.‏

أولاد القيمرية، كذلك الأمر 45 حلقة من أجمل ماكتب عن التاريخ البعيد القريب أيام الحكم العثماني أيضاً، لايريدون إذاً عرضه لاعلى أرضي ولاعلى فضائي.‏

هذان العملان أنتجهما القطاع الخاص بعد موافقة القطاع العام على ألا يعرضا في المحطات السورية، وافقوا عليه كنص يعني فيه موافقتان!!‏

دائماً هناك اعتراض على القطاع الخاص، بالعكس، ولابد هناك الغث وهناك السمين، وإن لم يكن الغث كيف سنعرف بوجود السمين؟؟‏

القطاع الخاص مثابر ويعمل، غير أن غايته الكبرى هي الربح، ونحن في القطاع العام علينا أن نقدم الثمين دون استهداف الربح وللأسف «ماحدا سائل على حدا، وماحدا بيرد على حدا، مهما حكينا نحنا نصرخ في واد عميق ليس له قرار، ولو حكينا لا أحد يرد علينا».‏

طلحت حمدي:أعمـــال غير ملتزمـــة في زمن الاســتهلاك‏

انطلاقاً من مقارنة بسيطة بين الأمس واليوم يوضح الفنان طلحت حمدي الذي واكب بداية الدراما السورية موقف القطاع العام ومعاناته الحالية تحت وطأة النفوذ والسوق والاستهلاك.‏

مشيراً إلى ثغرات وعثرات من خلال خبرته الطويلة وتاريخه مع الدراما السورية ويقول:‏

كانت الدراما السورية تقوم باعتمادها على كتّاب مهمين، كتّاب رواية وقصة وأدباء مثقفون، أناس لهم حس بالمسؤولية الأخلاقية والوجدانية تجاه الوطن وتجاه المجتمع.‏

الآن كل الأعمال للتسلية وتقطيع الوقت، أعمال على السطح، يعني لا يوجد جدية فيها أو التزام حقيقي تجاه الوطن والمواطن، الأعمال كلها تجارية والناس تشاهد ما يعرض لها ولكن في النهاية العمل لا يدخل الذاكرة ولايترك أثراً، فهو لا يقدم قيمة أدبية أو فنية عالمية.‏

يبدو أن العرض الذي نعيشه هو زمن الاستهلاك لكل شيء حتى في الثقافة والفن، والمواطن يدفع ثمن ضريبة الاستهلاك، ما يعني أن كل شيء في حياتنا واقع تحت عجلة الاستهلاك، سواء كان اقتصادياً أم فكرياً أم ثقافياً، للأسف الشديد.‏

القطاع العام لا يملك مشروعه الثقافي‏

في الشكل العام السوق يصنعه القطاع الخاص، والقطاع العام حالياً لا يقوم بدوره لأنه لا يملك مشروعه الثقافي، وهو ينتج تحصيل حاصل وظيفي، وليس لديه هم إعلامي أو ثقافي من خلال الدراما، لذلك انتاجاته متواضعة وغير دائمة.‏

من المفروض أن دور القطاع العام هو توضيح صورة البلد، ولكن للأسف، انتاجه أدنى مستوى من القطاع الخاص، كماً ونوعاً، وما يؤسفنا أننا نتأمل الخير من القطاع العام الذي أسسناه، وكنا جنوده (وعضايضه) وأدواته ولكن للأسف أصبح مثل أي مؤسسة في هذا البلد.‏

أصحاب القرار غير جديين‏

ولا أحد يحاسبهم‏

هذا ما يجعلني أعتقد أن لدى القطاع العام أزمة في جدية الناس المستولين عليه، ونظرتهم لأهمية الدراما، وأهمية الثقافة، ولا أحد يحاسبهم، في القطاع العام ليس المطلوب منهم أن ينتجوا عملاً، ويتم توزيعه، وبيعه، المهم ما يحققه من فائدة معنوية وفكرية للناس، وهذا المفروض أن تكون من أولوياته ولكنه مثل أي مؤسسة فيها المحسوبيات وفيها الواسطات وفيها الناس غير الأكفاء.‏

حتى الآن لم يأت من يحجم‏

القطاع المالي ويضع له حداً‏

عندما يدعونا القطاع العام للعمل يدفع أجوراً متدنية جداً، وهذا حسب التعرفة المحكومين بها، وبالرغم من هذا نحن نعمل في القطاع العام، لأن شعورنا أنه واجب وطني، ويحتم علينا دعم هذا القطاع، ولو أنه يدفع أقل فأنا لا أعتقد أن الأزمة في الأسعار ولكن عندما نتأمل في النوعية لا نعرف أليس لديهم خطة ثقافية أم مشروع ثقافي؟ أم أنهم يخشون الأماكن الحارة والساخنة وكل منهم يخشى على نفسه، الحقيقة لا ندرك السبب!.‏

مع أني أعتقد أن المناخ مهيأ للتنافس بين القطاع العام والقطاع الخاص، وهو يعطي فرصاً للناس لتشجيعها وتحفيزها على التنافس الشريف، هذا ما لا نلاحظه يعني محكومين بقوانين غريبة، الإدارة والمالية تفكر بمنطق والناس القائمون على الإنتاج يفكرون بمنطق آخر، فهم محكومون لهذه القوانين المالية، المفروض أنهم في خدمة المشروع الثقافي وليس المشروع الثقافي في خدمة العقلية المالية، والفكر المالي همه التوفير ولكن العمل له متطلباته وتكاليفه.‏

نحن دائماً في قطاع الإنتاج التلفزيوني معركة دائمة مع القطاع المالي، ولكن لم يأت حتى الآن من يحجم القطاع المالي، ويوقفه عند حده، أو يوظفه لمصلحة الإنتاج، وهذا ما يحدث!.‏

المؤسسات المستقلة تمتص البطالة‏

منذ عامين قدمت مذكرة للسيد الرئيس وشرحت له وضع الهيئة والمؤسسات الفنية في البلد، اعتقد أنه يجب أن تكون لدينا مؤسسة إنتاج مستقلة عن إدارة التلفزيون، المسؤولون الإعلاميون في التلفزيون السوري يهتمون بالبرامج السياسية ونشرات الأخبار أكثر من اهتمامهم بالنتاج الدرامي لذلك يجب أن تكون هنا مؤسسة مستقلة ذات كيان اقتصادي وبنية اقتصادية ورؤية ثقافية تستطيع من خلالها أن تنتج أعمالاً وتسوقها خارج الوطن، وتمتص البطالة، المعهد العالي يقوم اليوم بتخريج 50 -60 شاباً وفتاة ينتظر أحدهم أكثر من عامين أو ثلاثة لفرصة عمل، وتكون متواضعة خجولة، يعني عندما تكون هناك مؤسسة إنتاج مستقلة وقد رصدت لها موازنات عالية تمتص البطالة الموجودة باستقطابها للخريجين من هذا الوسط.‏

عجز عام والنقابة نفتقد لدورها‏

الإنتاج الخاص يقوم بإنتاج حوالي 40 مسلسلاً في العام، يقوم على هذه الأعمال 10 ممثلين ونفس العشرة تتكرر اسماؤهم في كل عمل، هذا واقع فأين باقي الممثلين؟ أين دور النقابة؟ هل هي عاجزة عن تنظيم موضوع التشغيل؟ علماً أن لديها مكتب تشغيل، والتشغيل ليس يعني فرض فنان فاشل على المنتجين، ولكن هناك أسماء مهمة تحترم نفسها جالسة في بيوتها، لاتعرض نفسها، للأسف الشديد يوجد عجز من كل الجهات.‏

واقع يحتاج إلى علاج جذري‏

موازنة البرامج والدراما في التلفزيون 200 مليون ل،س في العام، القطاع الخاص ينتج عملاً واحداً يكلف 200 مليون، وهذه حقيقة معروفة، وهناك أعمال لبعض القطاعات الخاصة كلفتها 4 ملايين دولار، حتى 200 مليون للدراما في التلفزيون لا تصرف وتعود إلى المالية نهاية العام يعني لم يأت الرجل المناسب إلى المكان المناسب حتى الآن.‏

مدير التلفزيون يأتي ليقول (الله يرضى عليكم أنا لا أفهم في الدراما، وهناك من جلس في كرسي الإدارة العامة ست سنوات، لم ينتج في عهده سهرة تلفزيونية! هذا على حساب من ؟).‏

الواقع كله يحتاج إلى علاج جذري، حالياً أكثر الأعمال تنتج في سورية بتمويل خارجي يعني بتمويل محطات من الخارج.‏

ونحن الآن نطرح سؤالاً: في حال عكفت هذه المحطات عن الإنتاج في سورية، وتوجهت إلى إحدى الدول العربية، هل يعني هذا أن تموت الحركة الفنية في سورية نهائياً؟.‏

يوجد إنتاج ولكن قليل جداً ومتواضع جداً من حيث النوعية عند مراقبتنا للمسلسلات لدينا نجد معظمها لاتخلو من توجه نحو الإثارة والجرائم والقتل، نحو الغرائز البشرية حصراً حب، وجنس، ومال..‏

ألم يعد هناك قيم أخرى غير هذا الاتجاه!؟‏

هذا للأسف ينمي هذه الروح عند الأجيال، روح تنمية الغريزة، وصراعات المال وغيره، حالياً هذا السائد بالإنتاج بل وأصبح هوية الدراما السورية.‏

هاني الروماني :يوجــــز ماأرّختــــه درامــــا القطــاع الخاص‏

بعين ثاقبة خبيرة وحرفية عالية يسرد لنا موجزاً لتاريخ دراما القطاع الخاص منذ بداياته، فهو يجد أن ما استجد على الدراما السورية بدأ في مسلسل (نهاية رجل شجاع) وكان هذا العمل هاماً ولافتاً وترك أثراً كبيراً، وهو باكورة إنتاج القطاع الخاص، وكان عملاً سورياً بامتياز، بعد ذلك بدأت «الألغام» -من وجهة نظره- متمثلة بالأعمال التاريخية التي لا تمت إلى التاريخ بصلة، وفشلها يتمركز أيضاً بخلوّ الذاكرة منها بعد فترة وجيزة من الزمن!‏

الدراما بريئة من صلاح الدين‏

ويقول الروماني: مسلسل صلاح الدين نفذ مرتين، كل ما حفر في ذاكرتنا من هذا العمل، هو الألوان التي تزهو بها الملابس، والأحصنة الكثيرة، والكومبارس، ولكن الدراما الحقيقية «بريئة منه»، وفيما بعد سلسلة الأعمال التاريخية، حضرت الأعمال المحلية «المودرن» التي تعالج الانحراف، وانحراف الناس والمجتمع التي لا علاقة لنا بها في مجتمعنا السوري، ومع ذلك استمر الحال إلى أن ظهر ما سمي «الحارة»، ويتساءل: «أي حارة يحكون عنها؟ هذه أشبه بعصابات مجنحة ليس فيها دليل علم أو ثقافة أو مدرسة يذهب إليها تلميذ كل شبابها «زعران» كل فرد من أفرادها متسلح بخنجر ومتربص للآخر، هذا غير صحيح»، ورغم ذلك تكاثرت الحارات وتتابعت حتى صار أمامنا مليون حارة، ومن يقود هذه الحارات؟ الحلاق، والخباز، والخضرجي، أي حارة هذه، هذا غير صحيح نحن أولاد حارات ونعرفها، كانت حاراتنا في العشرينيات والثلاثينيات!.. وخرجت رجالات سورية المهمين، حاراتنا خرج منها المثقفون والرواد الذين درسوا الحقوق وأكملوا تحصيلهم العلمي في تركيا وفرنسا.‏

وفي وتيرة الانفعال هذه يكمل الروماني حديثه بهذه المقارنة البسيطة ويقول: «حارة أبو شهاب» وغيره وغيره فيها إساءة تاريخية كبيرة لا تغتفر، لأن مدينة دمشق عاصمة للثقافة منذ غابر الزمن وهي حاضنة للجامعة السورية منذ تأسيسها في عام 1903، فهل يعقل ألا نجد في حاراتها سوى الأميين؟؟‏

وفي بحث عن المسؤول يقول: الواسطات وزعت الأماكن الحساسة على أناس ليس لهم علاقة بالمصلحة!. القطاع الخاص لا يعنيه الموضوع بل أكثر ما يهمه هو القيمة الربحية التي يحصل عليها، فهو يعتقد أن عدداً من النجوم وتركيبة بسيطة تحقق له مطالبه، ولكن هذا ليس صحيحاً، وغير سليم.‏

أزمة سببها انعدام المؤهلات‏

بعد حمام القيشـــــاني الذي تألق فيـــــه هاني الروماني قطع عهداً على نفســـــــــه بألا يعود إلى العمل مع القطــــــاع العام، ولكنه اليوم يعدّ العدة لعمل جديد في القطاع العام ونحن نفهـــــم هذا الإخلاص والحــب الكبير للوطــــــــن والعمل ونقدره عاليــــــاً، ونكبر فناننا الجميـــــــل على ما قدمه ويقدمه لنا بكل صدق وأمانة، حمـــــــــام القيشاني مســــــلســـــل مهم قدم خلاله اســــــتعراضاً لمرحلة كبيرة من تاريخ سورية الحديثة، وحمل هذا العمل فكرة أساسية موثقة، أن الشعب السوري له جذور تؤهله للنهضة والتقدم والحضارة وكل ما هو جميل.‏

أزمة سببها الاستسهال..‏

وفي عودة الروماني اليوم يقدم لنا عملاً جديداً وهو رواية للكاتبة كوليت خوري تتحدث عن فترة الستينيات والسبعينيات، يعني عن حرب 67، وحرب 73، معرجة إلى الواقع العربي في ذاك الوقت.‏

العمل جميل وينتظر جهداً كبيراً من القائمين عليه لتكتمل شروطه وليظهر على الشاشة بشكله المشرّف، لكن القطاع العام ما زال من يعمل معه يعاني المرّ لأنه وكما يقول الروماني: يعاني من أزمة حقيقية، ومشكلة كبيرة، سببها الاستسهال، وانتظار النتائج السريعة بأقل التكاليف وأبخسها، وهذا ما جعله يتراجع بالإضافة إلى أن القائمين عليه يفتقدون إلى المؤهلات، ويرى ضرورة البحث في هاتين النقطتين لنأمل بحركة فنية جيدة يكون القطاع العام هو قائدها، لأن باعتقاده القطاع الخاص هو عبارة عن مجموعة تجار من أولوياتهم الربح السريع الرخيص، ويجب ألا يعول عليه في قيادة حركة فنية مهمة إلى هذا الحد، «وربما الأجدر بالقطاع الخاص أن يلتحق بالحركة ويجرب نصيبه»، وهذا ما يجعلنا نتساءل:أين يبدأ دور القطاع العام وأين ينتهي؟‏

بالرغم من أننا في مجتمع مهم، كل الدنيا تعرف هذا، وقد سمعته مؤخراً فبالأمس القريب كنت في مؤتمر وهو منتدى عالمي ضد الإمبربالية، أقيم في لبنان، قيل: «إننا، نحن المجتمع السوري بالذات سواء الآن أو من قبل، سورية منذ الاستقلال وحتى الآن لم تقبل إطلاقاً أن «توطي الراية لأحد»، حتى في العهود الرجعية، إذا دققنا في التاريخ نجد أن الحروب ضد «إسرائيل» صارت حتى في تلك الأيام، وهناك معارك مهمة انتصر فيها السوريون وسجلها لنا التاريخ.‏

وختم الروماني حديثه بقوله: أنا هذا رأيي ومصرّ عليه وقد عرضته «اليوم تحديداً» على مدير الهيئة العامة في التلفزيون، قلت له: كيف يمكن لنا أن ننهض بالهيئة العامة ونبدأ بشيء جديد يحدّ من تبلد وفوضى ما يحدث، ووضع حدّ لإنتاج القطاع الخاص اللا مسؤول؟، وقلت أيضاً: إنني إذا كنت قطاعاً خاصاً، وابن مهنة لا يقنعني إلا الشيء المنطقي، أقتنع بمن يعرف «أين مربط الفرس».‏

ويؤكد الروماني أن القطاع العام هو الرائد وهو القائد، وهو من يجب عليه أن يحدد الأهداف، كي نحمل الدراما رسالة فكرية ثقافية، وليس معنى ذلك أن تكون الأمور معلبة وخشبية، «هناك ملايين القصص ممكن تناولها، مثل نهاية رجل شجاع الذي أتى بكاتب ومخرج وأداء عال وتوجيه على مستوى المسؤولية، هذا ما نريده وهذا هو الحل لمشكلاتنا الكبيرة.‏

ثم يعود الروماني للحديث عن عمله الجديد كمثال يحتذى فيقول: «أنا أشعر بمعاناة كبيرة في جمع وتأمين الوثائق والمصداقية لهذا العمل الذي نستعرض فيها فترة زمينة مهمة لا يحق لي أو لغيري اللعب فيها كيفما نشاء»،. ويضيف: في العام الماضي شاهدنا مسلسلاً عن جمال عبد الناصر، وكان ينضح بالتفاهة، ليس هذا هو جمال عبد الناصر الذي مشت خلفه جماهير وحشود من المحيط إلى الخليج!، هذا العمل أشعرنا أنه عبارة عن صفقة تجارية، المشكلة إما أننا لا نشعر بها أو أننا مرتزقة في هذا المجال.‏

أين من يحمل الراية؟ أين مربط الفرس!‏

نحن اليوم نناضل لأن يأخذ القطاع العام دوره، عندئذٍ سيكتشف أن مشكلته في عدم وجود أناس مؤهلين حقيقة ليحملوا الراية ويتصدرون الواقع، والمؤهلون كثر وموجودون ولكن بعيدون عن الأضواء، منهم من المؤسسين ومنهم من الجيل الشاب المثقف الواعي المؤهل، الذي لم يأخذ فرصته حتى الآن.‏

حالياً أنا أجلس قبالة عدد من المسلسلات الجديدة، جميعها تعالج فكرة الانحراف! وكل الشخصيات فيها «مضروبة» لا تبعث الأمل في غدٍ أفضل.‏

فردوس أتاسي :مقــــال في جريــــــدة لا يكفــــــــي‏

لم تكن زيارتي لنجوم العصر الذهبي خالية من انفعالاتهم القادمة من حرص شديد على المصلحة العامة، والمخرج فردوس أتاسي معاصر للدراما السورية منذ انطلاقتها، فقد أبدى ملاحظاته وتناول بعض الأخطاء الهامة، وقال إن الأمر لا ينتهي بمقال في جريدة، فقد دعيت مراراً لإقامة مؤتمر، أو لجنة تستهدف جلسة تقييم موضوع الدراما السورية... أين كنا؟ إلى أين نذهب؟ أين نحن الآن؟؟‏

لأنه يرى أن (الشغلة صارت شوربة) استسهال في كل شيء، في انتقاء النص والمخرج وغيره وغيره، ويتساءل: القطاع العام من خمس سنين حتى الآن، ما إنجازاته؟؟‏

الكاتب والورق عماد العمل الدرامي‏

بداية تحدث فردوس أتاسي عن بدايات التلفزيون السوري، لم يخل حديثه من الحنين والاعتزاز بأعمال لكبار الكتّاب السوريين مثل عبد العزيز هلال وزكريا تامر، ومحمد الماغوط، وعدنان الداقوق، الذين كتبوا الدراما للتلفزيون في الخمسينيات والستينيات حتى تعود المشاهد السوري على رؤية أهم الأعمال مثل (أسعد الوراق) الذي كتبه صدقي اسماعيل، (قلب السهرة) الذي كتبه د. رياض عصمت ويرى أتاسي أن أهم شيء في الدراما التلفزيونية هو (الورق والكاتب) فهما عماد المسلسل الجيد ثم يأتي المخرج فيرفع من مستوى العمل أيضاً.‏

ويقول: لذلك أنا واحد من المخرجين أعاني ما أعانيه من أجل الفكرة المتميزة إذا وجدت في نص ما، لأننا نفتقر إلى الأكاديمية التي يتخرج منها كتاب السيناريو.‏

الدراما السورية وصلت إلى القمة وهي أفضل ما في الوطن العربي، ولكن من قام بذلك القطاع العام وليس القطاع الخاص الذي (التقط طرف الخيط) ووظف أمواله في مجال تجاري جديد، لذلك يمكننا القول إن القطاع الخاص سرق الأضواء من القطاع العام وبدأنا نرى أعمالاً متميزة أكثر بكثير من الأعمال التي ينتجها القطاع العام، وأود الإشارة إلى أهم ما في الموضوع وهو أننا (ربينا نجوماً) أصبحت مطلوبة في الوطن العربي و(ربينا خصلة التذوق) لدى المشاهد العربي المتذوق للهجة الشامية الخفيفة المحببة الجميلة وللحوار الطبيعي السلس، فوصلنا إلى القلوب، وأصبحت درامانا مفهومة على نطاق واسع، هذا الشيء كان في نطاق اهتمامنا منذ زمن بعيد في القطاع العام، وحافظنا عليه، ولكن مع الأسف الشديد (تراخى) الآن القطاع العام في هذه المسألة وترك الموضوع للقطاع الخاص ليأخذ مداه وخاصة أنه يمتلك مرونة أكبر في دفع الأجور، ومرونة في انتقاء النص.‏

أجور القطاع الخاص أكبر بكثير سواء للكاتب أم للفنيين أولكادر العمل، وبذلك جذبوا المميزين والمتميزين، وهذه صناعة، ثم بدؤوا يقيمون ورشات عمل، لذلك نرى في مسلسل أنه من تأليف فلان ويتميز بمعالجة درامية، وبالتقاط الفكرة الجميلة وتوفر المراجعين.‏

(سكروا الباب).. فهربت النصوص‏

في التلفزيون أرى في البند الأول، من جاء إليه لم يكن ليهتم باختيار أعمال متميزة (المهم أي عمل والسلام) وعندما يتقدم أي مخرج متميز بأي مشروع للتلفزيون يحارب بشدة..!‏

رئيس الرقابة يكتب على بابه (كتّاب النصوص... ستصلكم الأجوبة في البريد)!‏

هل من المعقول أن يغلق باب رئيس الرقابة أمام كتّاب التلفزيون بغض النظر عن مؤهلاتهم؟ هذا الباب يجب أن يفتح على مصراعيه، لأن التقاط الموهبة ليس بالأمر اليسير والمتوفر دائماً. (سكروا الباب، فهربت الناس).‏

أحد الكتاب المهمين قال لي: (يا أستاذ أنا إذا ذهبت إلى الاجتماع أقف في الممر ساعة ولا أحد يستقبلني، بينما في القطاع الخاص تفرش لي الورود، ومن يحضر من أماكن بعيدة يذهبون به إلى (الفندق)، هذا الفكر غير موجود في التلفزيون بل على العكس، الموجود هو فكرة (هبوش وامشي).‏

الحفاظ على القمة أصعب من الوصول إليها‏

منذ أكثر من عام لم يباع عمل في التلفزيون (مثل الخلق والعالم) مع العلم أن لديهم أعمالاً يمكن أن تسوّق وقد تكون في بعض الأحيان أفضل من أعمال القطاع الخاص، ولكن لماذا لا تسوّق، هذا شيء مهم جداً، وبالتالي التساهل ورمي الكرة في ملعب القطاع الخاص، ترك له كل شيء.‏

ونحن نقول: لا يهم من يعمل عملاً متميزاً وإن المنافسة مطلوبة كي ترتقي الدراما من خلالها.‏

قلنا لهم نحن وصلنا إلى القمة ولكن الحفاظ على موقعنا أصعب بكثير، بالمقابل لهذا نرى أنهم ينتقون المسلسلات التافهة، ليضيفوا إليها جزءاً ثانياً وثالثاً ورابعاً تتكئ على بعض النجاحات، وهناك أعمال لايختلف على تفاهتها اثنان، ومع ذلك يعتمد القطاع على شعبيتها في تتابع الأجزاء.‏

أين القطاع العام الذي كان رائداً في هذا الموضوع؟ لم يبق منهم أحد..! لأن القائمين على القطاع العام ليس من اختصاصهم الدراما (الشغلة مو شغلتهم بالأساس) وكما أن المسؤولين لا يهمهم إذا بيع عمل أم لا..!‏

في مصر يتدخل وزير الإعلام ومدير القطاع الاقتصادي ورئيس المدينة السينمائية، يحملون العمل بأيديهم ويذهبون به إلى المحطات الأخرى لعرضه وبيعه، وأحياناً يقحمون السياسة في هذا الموضوع.‏

أين نحن من هذا كله؟؟‏

القطاع الخاص ليست كل أعماله جيدة‏

فبعد إنتاج القطاع الخاص /40/ عملاً، ممكن أن ينجح منها عملان أو ثلاثة، وبالنسبة للأعمال المحلية تقدم شيئا له صلة بالإنسان، وله علاقة بابن الشارع، وهذا مدعاة فخر لنا نحن السوريين، حتى إننا نرى في الأعمال الشعبية نكهة الشام أو حلب أو غيرها.‏

ولكن.. (على أيامي) في القطاع العام اقترحنا تعرفة لرفع الأجور في التلفزيون بما يتناسب قليلاً مع القطاع الخاص (كي لا تهرب الكفاءات) وهنا أريد أن ألفت النظر إلى أن الفنانين يميزون بعضهم بكلمة هذا ممثل قطاع عام، وذاك ممثل قطاع خاص، يعني هذا أجوره عالية وذاك أقل قيمة.‏

أما المعضلة فهي في (من ينتقي النص في التلفزيون؟ أناس ليست لهم علاقة بهذا الموضوع بتاتاً).‏

أهمية درجة عاشرة..!‏

كنا نقول يجب على المخرج أن يقدم مشروعه، ثم يقوم التلفزيون وإدارته بدراسة هذا المشروع ومناقشة التكاليف وطريقة العمل والفكر المطروح فيه، وعندما يكون (المشروع) متكاملاً عندها يبدأ إنتاجه.‏

اليوم ينتظرون (فتات) الكتاب أو أي نص يقدم، وقد سمعت عن نصوص جميلة جداً نفذت بطريقة سيئة جداً، ما السبب؟ كيف تأتي لجنة القراءة في التلفزيون وتثني على النص وتخصص له 30-40 مليوناً ثم ينجز بأسوأ حال (للزبالة)؟!‏

مع العلم أن هناك أعمالاً نفس الرقابة قالت (لا يذاع) ما السبب يا ترى؟‏

هؤلاء الناس الذين نفذوا العمل الهزيل تعاقبوا؟ جاء من يواجههم؟ المشكلة أن الإدارة لا تعير هذا الموضوع أي اهتمام، وبالنسبة لها يأتي (هذا الموضوع) في الدرجة العاشرة من الأهمية، مع أنني أعتقد أن هذا التحديد هو العمل المهم.‏

سابقاً كان المسلسل المصري هو البطل، ولكن عندما دعم هذا الموضوع، وشجع القطاع الخاص لهدف استراتيجي ولم يكن ربحياً أو تجارياً أبداً وصل المسلسل السوري إلى (أقصى المشرق وأقصى المغرب) وبذلك وصل السوري إلى تلك المناطق، هذا الهم لا يحمله القطاع العام الآن.‏

كان أملنا أن يتحول هذا الفن الراقي (المسلسل التلفزيوني) إلى صناعة وتجارة راقية.‏

في أميركا توجد أفلام تجارية.. ولكن ما يباع هو مايحمل الفكر الصحيح والمبهر بفنيته العالية.‏

(ضعنا بعيداً عنكم.. والهبش شغال)‏

النص والإخراج والإنتاج ينهضون بالعمل ويصلون به إلى القمة، وهذا ما نقوله دائماً.‏

بينما القطاع الخاص يستحوذ على نص جميل، ويصرف عليه بسخاء ويستقدم الفنانين المهمين، ثم يأتي منتج من خارج سورية فتظهر الشخصية في نهاية العمل متقمصة بلداً من البلدان وتتغيب الشخصية السورية، أو تتسطح وتبهت.‏

لذلك قلت لك إن (الشغلة) برأيي لا تنتهي بلقاء أو بالحديث لكنها تحتاج إلى المعنيين بالموضوع يعني القطاع العام تحديداً أو القطاع الخاص، فيتحاورون بموضوعية، ويستقدمون الكفاءات القديمة التي خرجت من التلفزيون، وتقول لهم: نحن (ضعنا) بعيداً عنكم.‏

حالياً في التلفزيون « الهبش شغال» فقط، وهذه المشكلة لا أحد يلتفت لها.‏

ثم إن المديرية (ميتة)، أي قطاع اقتصادي ينفق على انتاج معين، يجوب البلاد، يذهب ويجيء، وينمي علاقاته، بالهدايا، والإعلانات، هذه تجارة وهذا ضروري للترويج الذي لا نملكه (شيء مزعج وبيوجع القلب).‏

هشام المالح : صناعـــــة الدرامـــــا‏

لاتحمـــــل قوانـــــــين وضوابـــــط‏

أحد أهم المؤسسين للقطاع الخاص، ينبش الثغرات التي تختبىء في نتاج دراما القطاعين الخاص والعام.‏

ويحمل مشروعاً وطنياً عله ينهض بصناعة الدراما السورية مشيراً إلى أن مفاصل مهمة مغفلة تصب في كيل المصلحة العامة.‏

ويرى أن مسألة التكلفة والتسويق والطلب من قبل الفضائيات على الأعمال السورية، حتى نوعية الكتاب اختفلت عن أيام زمان، أو من البدايات عندما كانوا يعتمدون الروايات المميزة وأعمال الكتاب المبدعين فقط.‏

«حالياً أي شخص لديه فكرة بسيطة‏

يحاول بيعها بمبلغ بسيط»‏

عن صناعة الدراما قال: حتى الآن لم تتبلور ولم تصبح صناعة ذات قوانين وضوابط وخطط انتاجية على مستوى عالمي، والفنانون أصبحوا يذهبون إلى الخارج بهدف الأجور غير المدعومة لدينا، مع كثرة شركات الإنتاج، ومع العلم أن الدراما السورية حققت نجاحاً كبيراً لكن يلزمها الدعم في التسويق.‏

الدراما لاتؤكد على الشخصية السورية‏

ويقول إن بيئتنا جميلة ومتنوعة، أليس من المفروض أن تكون الأفكار بنت البيئة؟ ومحلية! حالياً المسلسلات التركية تأتي شبيهة بالأعمال السورية ويساعدها على ذلك الدبلجة السورية!! فتأخذ الأضواء.‏

أما الدراما السورية فتطرح أفكاراً جديدة وحلوة لكنها لاتحمل التأكيد على الشخصية السورية للأسف، ورغم جهود كادر مهم من خريجين وتقنيين وغيره من الأكاديميين، إلا أن أعمالنا تستقدم أناساً غير أكاديميين، وأحياناً من خارج سورية.‏

الغالي حقه معه‏

المالح يعتبر الدراما كصناعة غير موجودة في بلدنا حتى الآن، لأنها عندما تكون ذات قوانين وضوابط وتهيئة تنظيمية في نوعية النصوص ونوعية الأداء، وكل شيء حتى التكلفة عندها تصل إلى نجاحات كبيرة ويقول: «الغالي حقه معه» ولكن عندما توجد القوانين تكون داعمة للقطاعين العام والخاص وللفن والفنانين بالبلد.‏

التأمين على الفنان والفني مهم جداً‏

هناك شيئ مهم جداً يعتبره المالح، وهو التأمين على الفنان والفني، الذي يجب أن تقدمه شركات الإنتاج، حيث قال: في العالم أجمع، أي عمل فيه عقد تأمين صحي للفنان، والفني وعندما تكون لدينا صناعة مدعومة لها قوانين وأنظمة تكون ناجحة 100٪، وتستمر بنجاحها، ولكن عندما لاتكون الصناعة صحيحة ممكن أن تفشل في المستقبل.‏

ودعم الدولة للقطاع العام في التلفزيون أو السينما مهم جداً وخاصة في مجال التسويق وبما أن الدراما السورية يكثر عليها الطلب حالياً، إلا أن وضع الأجور بالقطاع العام يضعف الإنتاج، ولكن عندما تكون صناعة تكون واضحة في التسعيرة ضمن قوانين سواء بالقطاع العام أم الخاص، وهذا أحد شروط تحقيق النجاح في كل القطاعات.‏

الشركات الخاصة خاضعة للتسويق‏

يقول المالح إن تجربته كانت جيدة في القطاع العام، ومع ذلك فهو أحد أهم المؤسسين للقطاع الخاص، ففي عام 1977 كانت الشركات تنتج إنتاجاً سينمائياً، ولم تكن لدينا كاميرات محمولة، في ذلك الوقت أدخلنا الصورة السينمائية في الأعمال التلفزيونية، وكثرت الشركات، وتضاعف عددها في الأعوام الأخيرة ولكن نرى أن في معظمها يتدخل المنتج في صلب العمل، وأغلب المنتجين ليس لهم علاقة بالفن، ولكن مايهمهم التسويق والربح، حتى السيناريو يكون حسب طلب المنتجين، مثلاً: مرايا، بقعة ضوء، واستنسخوها في الخليج، فعندما يأتي الممول يفرض أفكاراً معينة، وبذلك تخضع الشركات الخاصة للسوق.‏

وزارة الثقافة لاتهتم‏

هناك أيضاً تقصير كبير في القطاع العام من ناحية الاختصاص، فوزارة الثقافة ومؤسسة السينما كانتا تهتمان بالبعثات التخصصية، حالياً لايوجد بعثات ولااهتمام بالموضوع.‏

ونحن على الصعيد الشخصي وبدافع وطني نقوم بدورات على أسس الإنتاج في السينما والتلفزيون والمسرح والإذاعة، ثم نهيىء الكوادر بأسلوب أكاديمي وهذا ما درسناه، ندرب عليه معـظم المصورين في سورية ونهدف إلى تنمية هذه الصناعة بأرضية علمية أكاديمية، ونخرج الناس طالما لاتوجد بعثات خارجية تخصصية.‏

وهذه محاولة لدعم الفن والفنانين في وطننا.‏

المخرج بشار الملا :إذا قضي على القطاع العام..قضي على الخاص أيضاً‏

السفينة الإعلامية سواء المقروءة أم المسموعة أم المرئية التي لدينا تبحر في غمار المحيط الإعلامي دون أشرعة أو مجاديف أو كوادر.‏

نحن اليوم ينقصنا كوادر قيادية وهذه قناعتي..كوادر كاملة لإدارة عملية الدراما.‏

هكذا بدأ بشار الملا حديثه وهو يرى التراجع في انتاج القطاع العام ويقول: القطاع العام هو رائد الدراما السورية ونجاحها اليوم هو نتيجة قطاع عام وليس قطاعاً خاصاً يوماً ما كانت الكوادر الإدارية تعتبر القطاع العام سفيراً لنا. من خلال فن الدراما وفن المنوعات، أما حالياً فالكوادر الإدارية لا تحسب له حساباً وترى الأخبار هي السفير.‏

مع أن سورية هي التي صدرت فيروز وعبد الحليم حافظ..أين منوعاتنا اليوم؟‏

وقت ضائع ولا يوجد مردود‏

المشكلة في عدم رؤية الدراما لمنتج مسوق للبلد في كل جوانبه، اليوم الفنان أو الفني في القطاع العام يصل أجره نصف بالمئة، يعني أن المتفرغ يموت جوعاً.منذ عشر سنوات ونحن نصارع من أجل رفع التعرفة رغم أن أهم ميزانية هي في القطاع العام، بعض الأعمال مثل باب الحارة ميزانيته تفوق 80 مليون ليرة سورية، فماذا تفعل 200 مليون؟ ليس أكثر من عملين ونصف عمل.‏

ترفع الأجور للفنانين بعد اتفاقات ولجنة مصغرة أما الفنيون فالمصور يأخذ 8-15 ألف ل.س باليوم في القطاع الخاص بينما في القطاع العام أجره لا يتعدى 300-350 ل.س.‏

حالياً أنا بصدد إنجاز عمل للأطفال كل من فيه من ممثلين وفنيين يعملون (فزعة) للمخرج وليس للتلفزيون وأغلب المهنيين يعملون معي لأول مرة لأن المميزين يعملون في الخارج ولا أحد يستطيع لومهم. لأنه وقت ضائع ولا يوجد مردود.‏

مطلوب قتل القطاع العام على مستوى الدراما‏

اليوم مطلوب قتل القطاع العام للانتاج الدرامي وعلى مستوى المنوعات لماذا؟نحن ليس لدينا برنامج محدد يحمل العلامة (برنامج المحطة السورية) أسوة بجميع المحطات المجاورة رغم أن المحطة السورية هي المحطة لهذه المنطقة كلها للأردن ولبنان وهي المحطة الثانية بعد القاهرة.‏

القطاع الخاص لم يقدم ما يسيئ‏

يؤكد الملا أن القطاع الخاص خاضع لشروط السوق الاقتصادية لكنه حتى الآن لم يقدم شيئاً يسيئ للبلد.‏

ألا تعتقد أن ما تطرحه دراما القطاع الخاص فيه تغييب للشخصية المحلية؟ وهل تطرح قضايانا من البيئة السورية؟ حقيقة تغييب الشخصية المحلية رؤية ضبابية وليس هناك تسطيح لها، ولكن ليست بيئتنا نعم، الدراما السورية (ما عدا القطاع العام) لو درسناها نجدها تقدم نصوصاً جميلة تجذب المشاهد وتجد سوقها في العالم العربي، وكنا في عامي 1980-1990 نحذف مالا يناسب الرقابة السورية كي يباع العمل، اليوم يوجد شيئ من هذا القبيل ولكن ليس خارج البيئة حتى جاءت فترة كنا نسجل بعض المشاهد التي تعوض المشاهد التي تحذفها السعودية مثلاً.‏

متفائلون رغم الكوادر غير الخبيرة‏

القسم التجاري في التلفزيون نجد فيه أن العمل السوري مطلوب دون الحاجة إلى التحرك من قبل أي شخص، بمعنى أن السوق يحضر إلى القطاع العام وبطرق مختلفة في البيع دون أي عناء ومنها الاهداءات لأن هناك أشياء متبادلة بين المحطات.‏

وزارة الإعلام بالنسبة لنا خدمية وليست اقتصادية لذلك لا نطلب الربح ومع هذا نربح.‏

مشكلتنا الكبيرة في الإذاعة والتلفزيون هي في تبدل المديرين العامين.‏

وجميعهم يحضرون الينا خبرتهم في الشؤون السياسية وليس بالدراما ولا بقضايا الدراما حتى الكوادر القيادية غير خبيرة.‏

التراجع السريع حقيقة بدأ منذ 7-8 سنوات لكننا تفاءلنا هذا العام عندما دارت العجلة حتى وإن كان الانتاج قليل وغير قادر على منافسة السوق فهو غير مجمد على الأقل، فمنذ أربع سنوات كانت نسبة الانتاج في حدود 5٪ ثم ارتفعت وما زالت ترتفع وهذا العام دخلت مديرية الانتاج في عدة أعمال منها للأطفال وهو ما أعمل عليه الآن.‏

عماد ياسين أبدى من خلال وجوده في مديرية الانتاج استعداده للعمل فقد دخل بمجموعة أعمال مثلاً في العام الماضي انتج أكثر من عشر سهرات (أفلام تلفزيونية) بالإضافة إلى عملين هذا العام، دخل بقوة أكبر في عدة أعمال (عمل للأطفال نوهت عنه سابقاً) و(عمل آخر لأسعد عيد وآخر لمحمد اسماعيل ولغازي ابراهيم الخ) كلها مجموعة أعمال ولكن لا يوجد بينها ما ينافس السوق نوعاً.‏

< ما سبب تدني المستوى برأيك؟‏

<< هناك عدة أسباب منها آلية العمل والتعرفة والموازنات يعني عندما نقول 70 مليوناً يندهش التلفزيون السوري مع أن ما يهدر فيه من أموال كثيرة جداً وعلى نوعية ضعيفة.‏

جوليا دومنا بعد أن طواه النسيان‏

بسام الملا منذ خمس سنوات طلب منه التلفزيون أن ينفذ نصاً قديماً موجوداً في التلفزيون من سنوات طويلة هو جوليا دومنا وقد طواه النسيان لخلاف مالي ليس إلا، ومنذ شهرين تقريباً عندما حضر بسام الملا طلب لإنتاج نفس العمل جوليا دومنا 120 مليون ل.س.‏

بعد أن كانت سابقاً تقدر بـ70 مليون ل.س وتم تأجيله حالياً يتم تقييم الأمور على أساس تكلفة مالية وليست على أساس النوع ولكن هل كان في الحسبان ما يقدم هذا العمل جوليا دومنا للدراما السورية؟‏

العبابيد مثلاً كلف 40 مليوناً تقريباً وربما طلب فيه وزير الاعلام إلى التحقيق المالي ولكن بعد عام أو أقل كان مردود هذا العمل ضعفي تكلفته، ونحن نتحدث عن الناحية المالية التي من المفروض ألا يبحث فيها التلفزيون لأن انتاجه بالأساس ليس بهدف البيع حصراً.‏

المشكلة قائمة ولا توجد إدارة حازمة‏

<آلية العمل تعرقل أكثر ما تساعد، فكيف تتم؟‏

<< نعيد الموازنة عشرات المرات ولا يتم الاعتماد على جهة واحدة فقط فهناك المخرج ومدير شؤون الانتاج يحددان الميزانية ثم يتم ارسالها إلى مدير الانتاج مع اللجنة الموجودة لدراستها ومناقشتها واعتمادها، بعد ذلك تذهب إلى لجنة أخرى لها علاقة بالإدارة وأيضاً بعد المناقشة واقتراح تخفيض الموازنة، تذهب إلى لجنة الدراما ثم تحول إلى المدير العام لتوقيعها..ومثال بسيط: في عملي حالياً مطلوب تصوير واجهة الأمن الجنائي أو ماله علاقة بالتحقيق، وهذا غير ممكن لذلك حاولنا ايجاد مخفر للتصوير فيه وافقت وزارة الداخلية، وكان العمل أيضاً يحتم علي تصوير واجهة الأمن الجنائي من الخارج ليأخذ المشهد حقه، فطلبت الموافقة على ذلك منذ أكثر من شهر ولا يزال الطلب في مكتب المدير العام في التلفزيون..السيد المدير العام طالب بتوضيح هذا الطلب والمراد منه..أليس هذا من لوازم العمل الذي نقوم به؟‏

نصوص وأعمال تنفيعية ليس إلا‏

عامة النصوص التي تأتي إلى القطاع العام هي التي لم يقبلها القطاع الخاص وهناك توجه لتلقي نصوص من كتاب كبار وغيرهم لدعمهم مادياً وهناك أمور أخرى مثل أعمال تنفيعية ليس إلا..‏

وفي الرقابة توجد حسابات منطقية تعود لآلية العمل والموازنة ورقابة النصوص ورقابة الشاشة.‏

القطاع العام لا يفتقد للنصوص بل يفتقد لاختيار النصوص.‏

حسن .م .يوسف:قلــــــق وتشـــــــــــاؤم‏

يبدي قلقاً وتشاؤماً من نواح عديدة يشير إليها في حديثه هذا عبر مقارنة بين نتاج القطاع العام وآلية عمله وبين القطاع الخاص كذلك.‏

فهو في اعتقاده أن المنتجين في القطاع الخاص يعرفون من أين تؤكل الكتف، فهم على علم بطبيعة المهنة التي يتعاملون معها ويؤقلمون أنفسهم وطبيعة عملهم مع طبيعة المهنة، ولكن القطاع العام مع الأسف تراجع إنتاجه لأنه بكل بساطة هناك نوع من البيروقراطية وعدم المرونة، القطاع الخاص كالماء يحدد اتجاهه خلال لحظات عندما يعترضه عائق يلتف عليه أو ينكفئ عائداً من حيث جاء.‏

ويرى رغم ما تقدمه الدولة من دعم للقطاع العام إلا أنه وللأسف لا يستفيد منه لأنه وبكل بساطة لا يوجد ضبط أو ربط ولا أريد الإشارة باصبع الاتهام إلى أحد ولكن هناك مشكلة حقيقية يجب أن نتنبه لها جميعاً وأن نفكر بها للوصول إلى حل هذا ما يبدو رغم قلة اطلاعه على جوانب المشكلة مما كان عليه في السبعينيات أيام الأبيض والأسود وهذا مايراه مقلقاً ويجب على العاملين في التلفزيون السوري أن يبحثوا عن أسبابه العميقة.‏

وليست باعتقادي مشكلة أسعار فهي لديهم تضاهي أسعار القطاع الخاص وأقول هذا من تجربتي الشخصية مع التلفزيون لكن المشكلة غير البسيطة تبدأ من لجان القراءة أو لجان الرقابة مروراً باختيار المخرج وانتهاء بكل جوانب العملية الفنية.‏

بينما القطاع الخاص ذكي جداً وباستطاعته استقطاب أي مخرج مميز ويبقى في التلفزيون المخرجون العاديون.‏

إن سر نجاح القطاع الخاص كما يراه حسن يوسف يكمن في كثرة المحطات التلفزيونية التي تطلب المزيد من المواد وهذا ما يجعل الأمر ينعكس بشكل سلبي على مستوى الدراما، لأن كثرة الطلب يؤدي إلى انخفاض النوع وهذا يؤدي إلى أن كتابة ابن الأمس الباهتة تجد فرصتها للوصول إلى الشاشات بسهولة.‏

غياب المنافسة وأشياء أخرى‏

يعتقد حسن يوسف أن غياب المنافسة لم يكن إيجابياً إضافة إلى شيء آخر ينظر إليه بقلق شديد وهو محدودية الوجوه التي لدينا فهو يقول: لدينا عدد محدود من الممثلين ومن مؤلفي الموسيقا التصويرية ومن المشتغلين على الكرافيك هؤلاء جميعاً بدؤوا يكررون أنفسهم حتى إننا بدأنا ندخل في الروتين إن الممثلين يمثلون بنفس الثياب في أكثر من عمل حيث إن المشاهد لم يكن يستطيع التمييز بين عمل وآخر إلا من خلال الشارة وهذاأمر خطير ومقلق.‏

الدراما التركية .. الأمر المقلق والخطير‏

بداية تكرار الدراما السورية هو الذي أطلق الدراما التركية المدبلجة لأن الناس وجدوا فيها شيئاً مختلفاً عما نقدمه، وهذا فعلاً مقلق أنا لست ضد الشللية فهي موجودة في كل بلدان العالم وبالأحرى هناك مجموعات ترتاح في العمل مع بعضها البعض، هذا الأمر موجود حتى في هوليوود موجود نوع من التوافق الترددي الذي يعملون عليه، وهذا أمر طبيعي ولكن غير الطبيعي أن العملية الفنية تحول حضورهم إلى تكرار الأشكال الجوهرية في بعض الماكياج، وفي رسم الشخصيات كما لو أن المخرج لا يشتغل على الشخصية فيقدم الممثل كما هو وجهه اليومي الذي يعيش به حياته.‏

الممثل يجب ألا نراه على الشاشة بوجهه اليومي إلا نادراً وهذه مشكلة بمعنى أن الشخصية لا تترك بصمتها على الممثل، وهذه مسألة فنية تتعلق بالمخرج ومصمم الأزياء والماكيير وبمكونات العملية الفنية ، ولكن رغم كل ماسبق يجد يوسف أن الشخصية السورية غير مختفية ولا مغيبة بل هي حاضرة وبقوة عبر الأعمال الدرامية التي أنتجتها الدراما السورية في ثلاث السنوات الماضية، صحيح أن هذا الحضور يختلف من عمل إلى آخر، ولكن أعتقد أن الشخصية السورية موجودة حتى في أردأ الأعمال التي أنتجت ويجدها أيضاً حاضرة في الأعمال التي تنتج لحساب شركات ومحطات تلفزيونية خارجية لكن حضورها خلف المشهد الذي يره حاضرة في وجهة النظر الابداعية وفي مكونات الإبداع، حاضرة في كل شيء ولست متشائماً من هذه الناحية ولكن من نواح أخرى ومن تصوراتي الأولية أعتقد أن الوضع الراهن فيه عمليات مثبطة للعملية الإبداعية في مجال الدراما ومن واجب من يتقاضون رواتبهم من التلفزيون أن يحددوا المشكلة ويجدوا لها الحل.‏

ماجد الكردي .. مدير إنتاج في القطاع الخاص:‏

تناقضـــــــات مــــــــع واقـــــــــع معـــــاش‏

يرصد وقائع من عمق الدراما المحلية سببها الكثير من التخاذل في القطاع العام.‏

الفنيون فرصهم في الخارج أكثر وعوائدها مضاعفة، لذلك نجدهم «يهربون» من القطاع العام.‏

القطاع العام مادياً أقل دفعاً، وعملياً بطيء جداً ومدة إنتاجه أطول، وربما هذا أحد أسباب ارتباط الممثلين بالقطاع الخاص، حتى إن عملية التنسيق والالتزام متوفرة أكثر في القطاع الخاص، بموجب عقود، بالإضافة إلى أن الفنان ممكن أن ينجز عملين في القطاع الخاص ريثما تأتي الموافقات وما إلى ذلك في القطاع العام.‏

حالياً في التلفزيون توجد خطة عمل العام الماضي وممكن الإطلاع عليها، مفادها أن من المفروض أن ينتج التلفزيون 4 مسلسلات حتى الآن لم ينته أمرها بعد ، بالرغم من أن موعد بثها المفروض كان مخططاً له في الشهر العاشر والحادي عشر.‏

تدخل والتفاف على الشخصية المحلية‏

- ويتحدث عن تغييب الشخصية المحلية فيقول:‏

هذا المعنى ليس دقيقاً ولكن النصوص «يتم تفصيلها في الخارج» حسب الطلب، ما يعني أن القطاع الخاص خاضع للسوق ، وخاصة الخليجي منه والالتزام بالمنتج يأتي لإرضائه والاتفاق على العمل، وهذه «المسايرة» تكون على حساب القصة وعلى حساب علاقة الشخصيات ببعضها، وكثيراً ما نجد تناقضات عندما يتحدث النص عن المجتمع، تناقضات مع واقع معاش ندركه نحن ونعرفه بتفاصيله ولكن هذا يرضي المنتج في الخارج مثلاً باب الحارة غير موثق، وغير أمين للواقع لم يكن لدى نسائنا هذا التعصب والاختباء من المقربين، وكانت الحرية موجودة ولكن مترافقة بالأدب والاحترام والحشمة المطلوبة، ضمن المعقول ، فيه شيء تفصيل وفيه شركات ملتزمة، ولاتقدم تنازلات ولكن بشكل عام الفنان السوري أثبت وجوده في الخارج ومنهم من لايرضخ لتنازلات وممكن في آخر لحظة أن يوقف العمل من أجل جملة يعترض عليها الممثل ، لأن فنانينا مؤخراً شعروا بهذا التدخل والالتفاف على الشخصية المحلية، ومنهم من شعر أنه يستطيع المواجهة، ولديه قيم ومبادئ لا يتنازل عنها، تفرض عليه القيام بعمله بإخلاص، فلم يقبل التنازلات ولم تغره الأموال ، ولم يفاوض.‏

ومنهم من يقف حيادياً من النص والفكرة والتسويق، وما يهمه في الدرجة الأولى هو الأجر فقط «حامض حلو غير مهم».‏

أما الشركات أيضاً هي نوعان فيها من يقبل بالتنازلات، وفيها من لا يقبل مهما كان الثمن ولكن في النهاية الجميع يعمل والإنتاج على قدم وساق.‏

منذ عشر سنوات ظهرت الدراما بشكل لافت وأخذت موقعها الآن، بينما قبل ذلك لم تكن موضع انتباه لأي كان عدا عن بعض الأعمال القليلة التي تعرضها الشاشة المحلية.‏

وهي في المقدمة دائماً ، وأنا أراهن أن ننتج عملاً كبيراً مثل دليلة والزيبق، كانت الأفكار مختلفة آنذاك، ولكن رغم التطور في الفكر من خلال المعاصرة لكثير من الأمور، ولمحطات أخرى، وأعمال كثيرة أخرى، نحن ننظر إلى الكم الهائل من الأعمال اليوم كأننا نرى عملاً واحداً، فالتكرار موجود بكثرة وإن لم يكن بالحدث نفسه يكون بالشخصية والوجوه، والحدث بشكل عام.‏

في فترة زمنية غابرة كان العمل يتطبع بالمخرج وكنا نعرف من خلال العمل من المخرج، ومن خلال المخرج نعرف مستوى العمل، حالياً كله يشبه بعضه، ولو أقمنا استطلاعاً لوجدنا أن المشاهد يرى المسلسل كاملاً باسم مسلسل ثان، أو يتابع حلقات المسلسل من خلال الوجوه فيرى أكثر من عمل على أنه عمل واحد ، ولا يفهم بالتالي منه شيئاً ، هذا إذا افترضنا أنه يوجد قصة مفهومة!!‏

حتى إن المواقع التصويرية 60٪ منها متشابهة، مثلاً هذا المكان صور فيه «فلان» أو هذا منزل فلان، صارت البيوت مثل الاستوديو، لا يوجد تجديد والإنتاج يلعب دوراً مهماً في هذا التبلد، فيقول «هذا المكان اعتدنا عليه ونعلم أسعاره «بلا اللبكة» في البحث عن مكان غيره ، وبلا تضييع وقت بغير محافظة والتورط بإقامة الناس وبأكلهم وشربهم، ومنامتهم، ما اعنيه أن الأمور أصبحت تجارية بحتة، حتى شركات الإنتاج كانت معدودة ومعروفة في الوسط الفني حالياً نسمع بشركات أصحابها ليس لهم علاقة بالفن، ومنهم من كان تاجر سيارات أو متعهد بناء أو تاجر غنم ومواش.‏

لا توجد خبرة ولا يوجد اختصاص وممكن للمنتج أن يعمل عملاً أو اثنين ويدعي الخبرة ثم يضع شروطه ويختار النصوص بنفسه التي ممكن أن تكون مرفوضة في أي شركة رفضاً قاطعاً يقبلها بكل ممنونية وينتجها ويسوقها..!‏

ولكن كثيراً من الأحيان ينفر منها المشاهدون من أول حلقة فتجد سوقها في الخارج بسهولة تلك هي التجارة وليس الفن.‏

كتابة السيناريو هل هي صنعة؟‏

كان كتاب السيناريو يعتمدون على المراجع والتوثيق وكلمة كاتب كانت تعني مواصفات معينة وميزات خاصة.‏

منذ فترة قصيرة حضر إلىَّ أحد أصحاب المطاعم، كاتب نص وفرضه علي لم أستطع تجاوز الحلقتين.. فوجئت منذ أمس أنه باع النص بسعر خيالي ، أخذته منه شركة جديدة، هذا الرجل غير مثقف ولديه من المؤهلات للقراءة والكتابة أنه تجاوز المرحلة الابتدائية في المدراس وتلك هي الحقيقة.‏

كتب قصة خطرت في فكره واعتقد أنه استنجد بأحد ما ليساعده في السيناريو والحوار ، وربط المشاهد، المفارقة أنه طلب مني أن أبارك له فقد باعه بمبلغ خيالي.. أصبحت كتابة السيناريو صنعة.‏

< هذا يحيلنا إلى سؤال للشركات الخاصة عن طريق فصلها عن القطاع العام والرقابة العامة؟‏

<< نحن كشركات خاصة مفصولون تماماً عن القطاع العام ، ولكن لدينا أشياء روتينية هي موافقة النص، من قبل مجموعة قراء في التلفزيون السوري، فعندما يكون النص لخارج سورية لا يعطونا آراءهم بدقة ولكن يقدمون لنا آراء عامة «بيصير أو ما بيصير» وفي النهاية كثير منا لا يلتزم بقول اللجنة ويستمر المشوار.‏

< سمعنا عن بعض النصوص منعتها الرقابة، لكنها نفذت وعرضت في محطات أخرى، وكانت مرفوضة من جميع النواحي السياسية والاجتماعية المعاشة وغيره.‏

<< في أشياء كثيرة تتسرب وليس هناك أي إلزام عليهم على الأقل القوانين الموجودة لا تنفذ بدقة، منذ زمن كنا نضع النص في الرقابة وتوضع عليه الملاحظات ثم نعود مراراً وتكراراً بعد تصحيح الأخطاء التي رأتها اللجنة، وبعد الموافقة «نصور الأشرطة» ونعود بها إلى الرقابة ثم يعطونا الموافقة والتصريح بتصدير العمل ، الآن هناك أعمال تعرض في الخارج بتدابير خاصة من الشركات ، أصبحت الأمور مشاعاً وكل يعمل بطريقته الخاصة ، على اعتبار أن من المفروض العمل الذي أنفق عليه كذا مليون يجب أن تعود هذه الأموال مع الربح أيضاً في أقصر وقت ممكن.‏

< لماذا لا تتوقف الأعمال غير الملتزمة بالشروط؟ باستطاعة التلفزيون أن يوقفها بعدة طرق، ممكن مراسلة المحطة، أو الشركة المنتجة للعمل، وهذا حقه وواجبه!‏

<< لأن العمل يعكس صورة بلدي وهذا حق من حقوقي، المفروض أن يكون لدينا قوانين مشددة على هذا الموضوع، ومعني بهذا الموضوع أكثر من جهة غير التلفزيون مثل نقابة الفنانين يجب أن تتحمل المسؤولية كاملة، فبإمكانها ألا تعطى موافقات أو براءات ذمم إلا بشروط صحيحة مئة بالمئة.‏

لأنه في النهاية احتمال الإنتاج خليجي ولكن الحكاية حكايتنا من بلدنا فالمفروض أن تؤدي المطلوب بالشكل الصحيح ، وبشروط مثلاً ألا يخل العمل بأخلاقياتنا وأعرافنا وطباعنا وتقاليدنا ، يجب أن يحمل صورة صحيحة عن بلدنا ونترك الباقي للمشاهد.‏

نحن لانريد تحميل المسؤولية على جهة أكثر من غيرها، والمفروض أن تفرض القوانين على الجميع، مافي خيار وفقوس بمعنى أن الشركة الملتزمة سيسرقها الوقت وتعاني من الأخذ والرد، «وتعاولاتجي» في تحرير المعاملات ، بينما شركة أخرى تتجاوز كل القوانين والمماطلات وتنهي عملها وتعرضه وبزمن مناسب تسترد الأتعاب وتقبض الربح.‏

وما تخسره فقط قليل من المناورات ، ولعبة سمسرة، وتمشاية حال بتكاليف بسيطة.‏

الكاتب عبد المجيد حيدر:فـــــــــــــــــــــــورة تجـــــــــــــــــاريـــــة‏

ينطلق عبد المجيد من مقارنة بسيطة في واقع الدراما السورية بين الأمس واليوم، موضحا دور القطاع وأهميته في بث رسائل ثقافية وتجسيد الشخصية السورية المحلية.‏

قبل عامين انتج لي القطاع مسلسل طويل اسمه «أشياء تشبه الحب» هذا المسلسل كان زاحزاً بنجوم على المستوى العربي، ولكن للأسف كأنما القطاع العام ينتج كي لايربح، لم يوزع العمل الذي كان بنجومه ممكن توزيعه إلى محطات عربية كبرى ويعود بأرباح جيدة جدا لمديرية الانتاج في التلفزيون السوري ولكن لم يوزع ولا أعرف السبب!!‏

اعتقد أن المشكلة الكبيرة تتعلق بأن مديرية الإنتاج التلفزيون مغطاة من وزارة الإعلام ماليا، الحل الوحيد أن تتحول مديرية الانتاج التلفزيوني إلى موسسة مستقلة اقتصاديا، تمول نفسها بنفسها، ما يجبرها لأن تنتج وتبيع لتربح وهذه مسألة مهمة.‏

الفورة التي قام بها القطاع الخاص بالدراما السورية هي فورة تجارية وليست فورة صناعة فالذي يستطيع انتاج دراما حقيقية هو القطاع العام.‏

تغييب الشخصية السورية في الدراما المحلية‏

لايوجد في القطاع الخاص من ينتج من ماله الشخصي إلا نادراً، عادة يتم انتاجهم بنظام المنتج المنفذ ويكون نتاجهم خاضعاً لشروط القناة التي تطلب العمل وهذه هي العادة أما القنوات العربية عادة فلا تفضل التخصص بالمحلية السورية، وكل الدراما السورية خاضعة لشروط السوق لأننا لانملك سوقاً محلياً ودرامانا تنتج لتعرض خارج بلادنا.‏

ولايتم التركيز على خصوصية الشخصية السورية وعلى خصوصية مجتمعنا إلا بناء على طلب المحطات مثلا بالأعمال الشعبية التاريخية التي شاهدناها، والتي حققت رواجا كبيرا على الرغم من سوء الرسالة الفكرية الواضح فيها والركاكة الفنية واعتقد أنها لاتدل على الشخصية السورية الشعبية حتى في ذلك الوقت.‏

المنتج يفرض ما يريد، هل يعقل أن نرسم المجتمع السوري في الثلاثينيات على أنه مجتمع كامل دون مدرسة أو كتّاب على الأقلََ ، في الوقت الذي نعرف فيه عن خروج مظاهرات نسائية في سورية في العشرينيات. اليوم نساؤنا في المسلسلات همهن فقط حبك المؤامرات على أزواجهن وعلى بعضهن والناس لا يعملون في مهن لها علاقة بالثقافة كل المهن يومية كيف كان يسير اقتصاد البلد أين ثقافته، هناك صحف في سورية من بدايات القرن، هذا كله غيب في هذه المسلسلات واعتقد أنه غيّب بناء على طلب المحطات التي أرادت حكايات سطحية بعيدة عن الغوص في أعماق الشخصيات أو بأعماق المجتمع الذي يعول علينا كدراميين أن نحفر فيه لنكشف الجيد والرديء، ونسلط الضوء على كيفية استمراريته تاريخيا، وهذه مهمتنا وهي إحدى المهام الأساسية للدراما بوصفها شكلاً جماهيرياً من أشكال الفن والأدب وهو شكل جماهيري واسع.‏

بيروقراطية متعفنة وفساد إداري‏

أنا لا أفهم ما سبب أو مبرر أن مديرية الانتاج في التلفزيون لاتنتج بكل ما لديها من مال وتعير نصف ميزانيتها إلى الوزارة؟! في شيء غريب!.‏

كيف يمكن للقطاع الخاص شركة وليست كبيرة تستطيع أن تنتج عملين في العام ومديرية الانتاج التلفزيوني كلها لاتنتج اكثر من عمل واحد، ويمكن أن ينجح!! المشكلة إدارية واضحة، وأعتقد أنها تكمن في نوع من انواع البيروقراطية التي تصل إلى حد الفساد الإداري وهي بيروقراطية متعفنة قديمة جدا، مازال نفس الموظفين يتبادلون المواقع، لم يفسح المجال لأي فكرة جديدة أو موظف جديد!‏

مازالت البرامج التلفزيونية السورية هي ذاتها منذ نشأتها في السبعينيات نفس الشكل، ونفس طريقة الإعداد.‏

المشكلة ليست في الأسعار‏

الاسعار في القطاع العام تضاهي أسعار القطاع الخاص بناء على رفع الأسعار الذي حدث منذ عامين على ما اعتقد. المشكلة ليست بالاسعار لكنها بالبيروقراطية، يعني أنا ككاتب لا أحصل على ثمن النص إلا بعد إنجازه كاملا ومروره في عدة قنوات رقابية وسواها ،ودراسة الانتاجية وتقرر الميزانية العامة للعمل عندها أتمكن من تقاضي كامل حقي وهذا يعني الانتظار لأكثر من 4-5 أشهر.‏

في القطاع الخاص، أقدم الفكرة مع حلقة أو حلقتين من المسلسل واتقاضى سلفة وبالكاد يبدؤون بالتصوير لأكون قد أخذت حقي كاملا.‏

بالمقارنه الأفضل لي أن اتعامل مع القطاع الخاص.‏

بالرغم من أن نص أشياء تشبه الحب مررت به على أكثر من جهة في القطاع الخاص ورفض لأسباب مختلفة بينما أخذ تقييماً من دائرة الرقابة بأنه نص ممتاز.‏

الحل الوحيد‏

يبقى فقط أن نتحرر من البيروقراطية والطريقة الوحيدة هي حركة المال الحرة والسريعة وكل القائمين على صناعة الدراما الذين استقطبهم القطاع الخاص ممكن أن يعودوا إلى القطاع العام الذي أنشأ هذه الصناعة، فالاعمال العظيمة بالدراما السورية التي اسست وذاع صيتها كانت من انتاج القطاع العام من أسعد الوراق إلى هجرة القلوب إلى القلوب وغيرها مع العلم أن الأخير كان أول تعاون بين التلفزيون السوري القطاع العام وتلفزيون دبي بعد ذلك صارت كل شركات القطاع الخاص تتعاون مع دبي، ما عدا التلفزيون السوري، عدا تجربة ثانية وحيدة كانت أبو كامل، وتلاه مسلسل الداية الذي تعرقل كثيرا بسبب البيروقراطية التي تبرز مشكلاتها دائما.‏

الحل الوحيد في تحويل مديرية الانتاج التلفزيوني إلى مؤسسة مستقلة تمول نفسها بنفسها ، في هذه الحالة لا يستطيع مديرها ولا موظفوها أن يكونوا بيروقراطيين وجامدين لانها عندئذ تصبح مؤسسة خاسرة وهي عمليا الآن خاسرة ولو كانت تعيد أموالا..! لكنها لا تقوم بانتاج، يعني المفروض أن تضاعف رأس المال من خلال انتاجها كما يفعل القطاع الخاص هذه الثغرات في القطاع العام تشوه الشخصية الدراميه المحلية السورية.‏

لبيب رسلان .. مهندس ديكور تلفزيوني: الإنتاج المهم هو للقطاع الخاص‏

استعرض جدية الدراما السورية في بداياتها منذ أن كانت فناً ومسؤولية اجتماعية وتربوية.‏

تبدى ذلك في صدق الرواد بنقل وقائع بيئة اجتماعية محلية.. ولاتزال بصماتهم محفورة في ذاكرتنا إلى حد كبير، مثل أسعد الوراق وحكايا الليل وأولاد بلدي وخان الحرير والكثير من الأعمال التي دلت على أن الشاشة السورية كانت تحمل همّ المواطن السوري وحكاياه الحقيقية.‏

بعد تلك الكوكبة جاء مخرجون جعلونا نشعر بالتفاؤل بمستقبل واعد للدراما.‏

وفي الثمانينات بدأ القطاع الخاص يخوض التجربة الإنتاجية، وتعامل معه فنانو القطاع العام أنفسهم، الذين حملوا الراية الوطنية والإنسانية ثم اكتشف الممولون تلك الأرقام الربحية العائدة من الدراما، فدرسوا السوق وقدروا المطلوب وغير ذلك، وأخذت أعمالهم في جذب المشاهد.‏

فعندما ننتج 40 عملاً وينجح منهم 10 هذا جيد، المنتجون الخليجيون أنا أستثنيهم من قائمة المناقشة لأنهم بالأصل يفكرون بأمور مختلفة، أما المخرجون الموجودون في البلد حالياً وعددهم كبير فلديهم بيئة محلية معاصرة، يعني مشكلات تحتاج إلى حل وتوجد أعمال ممتازة في هذا المضمار فيها تأكيد على مقومات المواطن السوري، وهذايظهر بالتعامل مع الشخصية ذاتها.‏

مشكلة القطاع العام شيء آخر، هي مشكلة إنتاجية، المفروض أن يوافق القطاع العام على كل المسلسلات التي ستصور في سورية، ولكنه لايتحمل مسؤوليتها، ولاهو مضطر لشرائها وحالياً إنتاجه يقتصر على عملين أو ثلاثة في العام إضافة إلى بعض التمثيليات المفردة أو الثلاثية.‏

الإنتاج المهم هو للقطاع الخاص وعليه أن يحمل هذا الهم، فالقطاع العام ليس هو المعني الوحيد بالموضوع، أنا اتحدث من وجهة نظر متفائلة لأني أعرف هؤلاء الأشخاص عن قرب وأدرك همهم وطريقة تفكيرهم، بمعنى أن أعمالهم تستدعي الثقة.‏

لكن التطور الحقيقي هو الذي يأتي عن طريق القطاع العام الذي مفروض عليه أن يحمل المفاهيم السياسية والتربوية ممثلاً بمديرية إنتاج مستقلة إدارياً ومالياً تتعامل باستراتيجية واقعية مستعينة بكل وسائل التكنولوجيا الحديثة، فالمدنية الحديثة أصبحت مشكلة حقيقية.‏

وكي نكون أكثر واقعية، إنتاج القطاع العام لايجد التسويق الجيد أما القطاع الخاص فهو يدرك أن ربحه في الإنتاج الجيد.. يعني «واحد ينفق من حسابه الخاص» ليكون لديه حد أدنى من الثقة بقدرته على التسويق، لذلك لن يتغلب القطاع العام على مشكلته دون استقلاله المادي والإداري، آلية العمل في التلفزيون اليوم تتم «بالتخجيل وجبران الخواطر،«هاد تلفزيونك» «منشان خاطري» هذه الطريقة تفرضها الأسعار أو الأجور التي أصبحت غير مقنعة بتاتاً.‏

إذا ما بحثت مديرية الإنتاج في الواقع الموجود في البلد ووحدت طريقة التسويق الحقيقية ستبقى الأمور كما هي لأنه لاجدوى من الحديث والتنظير.‏

وسائل الديكور إن أردنا الحديث عنها فما زالت كما هي عليه منذ بدأ العمل الدرامي في القطاع العام والخاص، بالرغم من أن ذلك ليس معضلة والحل يبدأ في إرسال بعثات خارجية تستقدم التطور وتواكبه في العالم.‏

حالياًتم استيراد أجهزة لصنع المواد البلاستيكية التي تفيد في صنع الديكور التلفزيوني، وخصصت لها قاعة للعمل لتصبح الأجهزة قواعد علبية للأجهزة الهندسية!.‏

وهذا يعكس فقط عدم المعرفة بأهمية فن الديكور، وبأنه في كثير من الأحيان يكون بطل العمل.‏

يعني عدم الفهم وعدم الاهتمام والمعرفة، وفي عودة إلى ماقبل الثمانينات يقول رسلان: كنا نعلم أننا نقف على حدود الإمكانيات الموجودة (مابيصير غير هيك) لم يكن لدينا اطلاع على العالم ومتغيراته، ومع قلة الحيلة والإمكانيات المتواضعة كانت النتائج أعمالاً متميزة وناجحة يجمّلها الصدق الكبير في التعامل مع البيئة.‏

(هجرة القلوب إلى القلوب) من أهم أعمال هيثم حقي كان كل الديكور استوديو ماعدا جزءاً بسيطاً كان خارجياً وخلقنا العلاقة بين الخارج والداخل (الاستديو).‏

لم نكن نشعر بمعاناة، لأن عملنا كان ضمن حدود معرفتنا، ولكن عندما اطلعنا على العالم وقارناه بأدواتنا البدائية التي نعمل بها وجبت علينا المعاصرة.‏

وفي سؤال عن بعض العقبات التي يعاني منها الديكور التلفزيوني يقول: القطاع العام «بيحسبها كثير» ومعظم أعماله تخلو من بناء الديكور، فيها تجهيز ديكور إذا جاز التعبير، يعني توجد مراقبة قاسية على موضوع الاختصار والإيجاز ولكن في الفترة الأخيرة استطاعت شركات الإنتاج الخاصة أن تشعر بهذه الأمور الأساسية في العمل، وصارت تعطي حرية أكبر في التحرك في مجال التكلفة والمشتريات، ومازال القطاع العام يساوم مساومة» عندما يطلع على ماقرر في ميزانية العمل.‏

قمر الزمان علوش:نحــــن أمـــــــام درامـــــــا يكتبهـــا أمــيون‏

أعطى أهمية كبرى للموضوع وبحثه من خلال السياق العام للهيكلية الدرامية، بمعنى ارتباط الشخصية بالمكان، والقضايا المجتمعية المثارة حولها، مؤكداً أن هذا الهروب من حرارة هذه القضايا، يشكل ضعفاً عاماً في البنية الدرامية للعمل السوري الدرامي، وبالتالي ينعكس سلباً على الشخصية، بحيث تظهر ممسوخة وضعيفة الإقناع، وفي نظرة من الداخل لوجد غياب الدراما عن جوهر صراعات الإنسان السوري، مكررة نفسها بموضوعات ممجوجة وبأساليب فنية مختلفة، منذ سنوات طويلة.‏

وعندما اتجهت هذه الدراما للموضوعات التاريخية، كانت ترتاح من عبء كبير في مواجهة الواقع الراهن، وبالتالي كانت رحلاتها داخل هذا التاريخ مبررة، كهروب من مواجهة واقع يجب أن تخوضه، مثل أي فن آخر يواجه هذا الواقع ، ومن هنا أيضاً نجد تراكم المشكلات الأخرى حول نفسها، إذ كانت غيرأمينة، وغير موضوعية لهذا التاريخ، ماعدا بعض الأعمال القليلة، وكانت الصبغة العامة لهذه الدراما التاريخية غير أمينة، وغير صادقة، وخاضعة للأهواء ولأمزجة صناع هذه الدراما،وبالتالي هنا خسرت الدراما مصداقيتها المعاصرة والتاريخية إلا في أعمال نادرة.‏

إذاً نحن أمام دراما يكتبها شبه أميين ويعمل على صناعتها أناس حازوا مؤهلات وخبرات جيدة، حافظـوا على مستواها التقني، وتألقها بشكل عام، وهذا غطى عيوبها الفكرية، التي امتلأت بها على مدى السنوات الماضية، إن أعمالاً أنجزت تحت شعار البيئة الدمشقية أو شعار القيم القديمة، وشعارات كثيرة من هذا النوع هي «شعارات تجارية بحتة» ولكنها في المضمون كانت خسارة كبيرة للفكر، وكانت تعمل لمصلحة التخلف والبدائية، رغم أنها كانت تمتلك القدرة على الجذب والإثارة وهذه معادلة مفهومة دائماً بالفن.‏

أعمال كثيرة قدمت في هذا الاتجاه كانت أشبه بشتيمة للبيئات التي تحدثت عنها.‏

يستمر علوش في استنباطه وشرحه ويستغرب كيف يمكن لهذه الأعمال أن تستمر عبر الجزء الأول والثاني والثالث والرابع وربما أكثر بكثير.‏

ولو تمعن الناقد في هذه الأعمال لوجدها خاوية، خالية من أي فكرة، ومن أي أصالة، ومن أي قيمة، بل مضللة ومغيبة للتاريخ الحقيقي، وكانت دائماً الضحية في هذه الأعمال والضحية الأولى، ليس فقط المجتمع، وإنما تحديداً المرأة، لقد اعتبرت المرأة كشيطان في الأحلام، وهي في الواقع لم تكن كذلك، لكن المشكلة أن هؤلاء الكتاب السطحيين حولوا تلك المراحل التاريخية إلى ملعب صبية، بمجرد تصفيق جمهور ساذج، ومجموعة من المستثمرين، والرأسماليين الذين يبتغون الأرباح.‏

ويستنتج أن البحث ضمن هاتين المعادلتين عن شخصية سورية أصبح العثور عليها أمراً صعباً، ولانقصد هنا الشخصية المحددة المرسومة ضمن إطار محدد «فمجتمعنا مفتوح ويجمع كل المتناقضات البشرية المعروفة».‏

ويرى علوش أنه كان للدراما مساحة أوسع للعب ضمن هذا الإطار لولا أن معظم الذين يعملون في هذا الاتجاه، هم غير معنيين بالجوهر إلا بما يثير الغرائز أو يثير اهتمام المحطات التلفزيونية التي هي بدورها تخضع لهيمنة شركات الإعلان، لذلك فالشركات التجارية في وضع لاتستطيع أن تكون فيه محطات التلفزة نقية، وحرة، ولايمكن صناعة دراما أو فن يكون نقياً، ونظيفاً، وهذا الصراع ما زال قائماً وسيستمر.‏

لقد صرخنا عدداً من المرات لهؤلاء الصناع أن يتوقفوا قليلاً للحظة تاريخية وينظروا بإمعان إلى واقع هذه الدراما الآن، ويقرؤوا بحرفية، ماذا تم، و أين كانت القفزات والنقلات، ليتم عبر ذلك تخطيط لدراما أفضل بالمستويين الفكري والفني، والتقني والتوزيعي، وليكون ذلك بداية لحماية هذه الدراما التي أصبحت صناعة حقيقية بعيدة عن مخاطر الانزلاق نحو أهداف أخرى، ولحمايتها أيضاً من البلادة التي قد تؤثر على انتشارها وعلى تعلق الجمهور بها.‏

هناك أيضاً عدة مشكلات يمكن إثارتها على جوانب هذا الموضوع: من أين يبدأ دور القطاع العام وأين ينتهي؟ وبالتالي أين يبدأ دور القطاع الخاص وأين ينتهي؟‏

في حالة متكاملة تقدم عن طريق التعاون والرؤية المشتركة، تقدم مرحلة درامية جديدة، تتخلص فيها من الشوائب التي عانت منها كثيراً خلال السنوات الماضية، وفي مثل: دائماً نسمع أن هناك خمسين عملاً انجزت هذا العام، ولايذكر المرء منهم إلا العدد النادر والقليل،ثلاثة، على الأكثر.‏

وهل العدد ثلاثة ذي النوعية الجيدة، منطقي أمام هذا الكم من الإنتاج؟‏

اتهام موجه خارج المعقول‏

لاأحد يقول إن جميع الأعمال يجب أن تكون جيدة، ولكن يجب ألايكون هناك أعمال غاية في السوء، وغاية في السطحية والسذاجة، لأن هذا نوعاً من عدم احترام الجمهور، واتهام موجه له بالقصور، فمن سمح لهذا الكاتب أو ذاك المخرج بالحدود الدنيا من التفكير والإمكانيات الثقافية والأدبية، أن يفرض ثقافته على شاشة يراها ملايين البشر، هذا أحياناً خارج المعقول!!‏

إدارة القطاع العام هي السبب‏

من المسؤول أو ما مسؤولية جهات الإنتاج عن هذا وذاك؟‏

أنا أعتقد أن القطاع العام، ولأنه الأسبق والأكثر إمكانيات مادية، وأقصد البنية المادية للأعمال الدرامية، من بنى تحتية لصناعة الدراما، وهوالأسبق تاريخياً بما لا يقاس بعدة عقود من الزمن إذاً المشكلة عندما يقوم بدوره تتوجه الأنظار إلى إدارة القطاع العام بأنها السبب، ولو تعمقنا في إدارة القطاع العام لنتاجه الدرامي، وجدنا أن الخلل في البيروقراطية أساساً، وفي آليات العمل داخل المؤسسة أو الهيئة العامة، تشكل عقبة حقيقية أمام مرونة الإنتاج وتطويره وبالتالي صناعة دراما أفضل ومنافسة لما ينتج في القطاع الخاص، أو تتابع مسيرتها الأولى في إنتاج أعمال لا تزال في ذاكرة المواطن، إذاً المشكلة في القوانين والأعراف والآليات داخل هذه المديرية، هي التي تعيق الإنتاج بدرجة أساسية ومن ثم المبادرة، إن غياب المبادرة في قطاع الإنتاج العام يحرم المديرية من إنتاج أعمال ذات مستوى أفضل للمنافسة، وهذه المبادرة يقوم عليها أساساً القطاع الخاص، وأنا أذكر تماماً أن المبادرات التي بدأت في بداية التسعينيات هي التي أدت إلى تلك الفورة الدرامية التي أدت إلى هذا الكم الهائل من الإنتاج، وهي شبه معدومة في القطاع العام، يجب البحث عن هذه المبادرة والظروف المهيئة لنجاح هذه المبادرات.‏

في القطاع العام لا أحد يستطيع المبادرة، وإذا كان هناك نوع من الخيارات الجيدة تعرقلها العقبات الكثيرة..! لدرجة أن محاسباً مثلا يخطر في باله أنه ليس هناك اعتماد مالي لهذا العمل، يمكن أن يعطل المشروع، يعني موضوعاً فنياً وإبداعياً فما شأن المحاسب مهما كان مستواه ليقرر مصير إنجاز هذا العمل؟‏

المشكلة في البيروقراطية‏

لانستطيع التعميم على كل المخرجين في التلفزيون أنهم غير مميزين وقليلو الخبرة، ولكن نقول هؤلاء المخرجون والفنانون والفنيون أيضاً إذا وجدوا في ظروف جيدة وشروط صحيحة وأجواء وإمكانيات مريحة تمكنهم من أن يبدعوا مثل الآخرين المشكلة هي في غياب الحافز وكثرة العقبات والعثرات والبيروقراطية الموجودة داخل الهيئة العامة، لدرجة أننا لا نعرف من المسؤول، عندما توجد أي مشكلة، الحقيقة أن الواقع مرير في عدم وجود مرجعية أو قوانين،الأمر كله فوضى بفوضى.‏

أعتقد أن هناك أعمالاً يقوم بانجازها القطاع الخاص، وهي مرفوضة بالقطاع العام والحق معه، ولكن يغامر القطاع الخاص من خلال ما يؤمنه من تسويق للعمل، لذلك بغض النظر عن المستوى الفني والفكري وهذا يبرر النسبة غير المعقولة للأعمال الناجحة والتي هي 3 من أصل 50 مثلاً، وأنا اندهش ممن وافق عليها لماذا وكيف وهي مجرد ثرثرة لاعلاقة لها بالدراما.‏

< ما دور الرقابة في هذه الحالة؟‏

<< قناعة التلفزيون السوري أنه إذا كان العمل خالياً من المحظورات وهي السياسة والدين، يعطي موافقته على العمل بغض النظر عن مستواه الفني فهو يترك الخيار لشركة الإنتاج المسؤول عن الربح والخسارة وبالتالي دور الرقابة في التلفزيون من الناحية المحظورة ليس لديها مشكلة، والمستوى الفني لو كان ضعيفاً لا يمنع انتاجه ولايعنيه أصلاً، وبالتالي «مارح يكونوا ملكيين أكثر من الملك».‏

رغم إيماني بالعكس وبأنه من المفروض أن يهتموا بالمستوى الفكري للعمل أكثر من المحظورات أو على الأقل بنفس الاهتمام.‏

وهناك تشابه كبير في تجارب المخرجين، والشركات الخاصة حالياً لديها مروجون وكادر كامل خاص بهم لتغطية أعمالهم وإعلاناتهم.‏

تماضر ابراهيم - الثورة
(130)    هل أعجبتك المقالة (145)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي