أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"بومبيو" يجمع الأضداد لخدمة طهران... فؤاد حميرة*

بومبيو - ارشيف

تسع دول شرق أوسطية شملتها زيارة وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" بهدف الحشد –كما أعلن الأمريكيون - لتحالف إقليمي يتصدى للخطر الإيراني والحقيقة إني أشعر بالقلق على المنطقة وشعوبها من إيران أكثر مع كل إعلان مشابه يصدر عن المسؤولين في واشنطن، فكلما أعلن مسؤول في بلاد العم سام عن خطة جديدة للتصدي للخطر الإيراني، نلحظ توسعا إيرانيا جديدا وتمددا أكثر لنفوذها في الإقليم حتى باتت تلك الجهود والتصريحات اشبه بجرس إنذار على دول المنطقة التنبه لما يليه من تطورات ستصب في صالح إيران وتمكنها أكثر فأكثر من تنفيذ مشروعها الفارسي القديم – الجديد.

في نظرة سريعة على خارطة الزيارة الأخيرة لـ"بومبيو" نلاحظ مدى الهوة التي تفصل بين الدول التي يحاول الوزير الأميركي جمعها ضمن تحالف واحد، فالخلاف الخليجي ومصر من جهة مع قطر من جهة أخرى يستشري ويتعمق يوما بعد يوم ولم تبذل الإدارة الأمريكية أية جهود لحل هذه الأزمة، إضافة إلى الخلاف العربي – العربي فيما يتعلق بالملف السوري فبعض الدول تريد عودة سريعة لعلاقاتها مع نظام دمشق، فيما تتمسك دول عربية أخرى بموقفها الرافض لأي تواصل مع هذا النظام وتصر على فكرة إسقاطه، وكذلك هناك الخلاف التركي – السعودي الذي زاد اتساعا وتجذرا بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. والأهم من ذلك كله هو وجود إسرائيل كعضو أساسي في هذا التحالف والتي مازالت تعتبر في نظر كثير من الدول العربية العدو الأول والرئيسي للعرب، كما أن كثيرا من حكومات المنطقة تكتسب جزءا هاما من شرعيتها أمام شعبها عبر معاداتها لإسرائيل، فشعوب المنطقة مازالت ترى في إسرائيل العدو الأول لتطلعاتها في تحقيق السلام والتقدم، ومشاركتها في تحالف يضم دولا عربية سيحرج حكومات تلك الدول أمام شعوبها خاصة بعد قرار الرئيس دونالد ترامب بالقدس كعاصمة لإسرائيل وعزمه على نقل سفارة بلاده إلى القدس.

واضح أن التحالف الذي يدعو إليه "بومبيو" لن يرى النور ومكتوب عليه الموت في المهد، وواضح أكثر أن الدعوة لتأسيسه لا تعدو عن كونها فقاعة إعلامية يراد منها ترسيخ الخلافات بين دول المنطقة وإقناع حكوماتها أكثر فأكثر بأنها تتحمل مسؤولية ما سوف تقوم به إيران مستقبلا عبر فشلها في تلبية الدعوة الأمريكية لهذا التحالف، وكأن واشنطن تريد أن تغسل يديها من الأحداث التي قد تشهدها المنطقة وتبرّئ نفسها من أية مسؤولية في التمدد القادم للنفوذ الإيراني وتحميل المسؤولية كاملة لحكومات المنطقة.

الهدف المعلن من الزيارة هو الدعوة لتحالف ضد إيران، ولكن الأهداف الخفية حسب قناعتي الشخصية لن تخرج عن رغبة واشنطن في تقديم دعم جديد لإيران ستدفع ثمنه حكومات وشعوب المنطقة، إضافة إلى محاولة تصويب قرار الرئيس ترامب بالانسحاب من سوريا والإيحاء بأن هذا الانسحاب لا يعني تخلي واشنطن عن حلفائها المعلنين، وفي حقيقة الأمر إنها تفعل ذلك لصالح حلفائها المستترين وخاصة إيران، فإسرائيل أصبحت عبئا على كاهل الأمريكيين في ظل تعهد أميركي بتفوق إسرائيل عسكريا على كل الدول العربية ما يحمّل الخزينة الأميركية أعباء مالية كبيرة، أما إيران فإنها دولة تتمتع بثروات نفطية هائلة ولا تحتاج لمساعدات مالية وعسكرية من واشنطن ولا تكلف دافع الضرائب الأميركي أعباء مالية، وهي قادرة على تنفيذ سياسات واشنطن في المنطقة أكثر من إسرائيل، كما أنها تمتلك من الخصائص الأخرى ما يجعلها الأقدر –في نظر واشنطن– على حماية مصالحها في الإقليم.

محاولة "بومبيو" جمع الأضداد المتصارعين في حلف واحد يواجه إيران لن يكون في حال من الأحوال إلا في صالح إيران التي تصر على تقديم نفسها كخادم للمصالح الأميركية أفضل واقوى من الحليف الإسرائيلي دون تحميل واشنطن تكاليف باهظة.

*من كتاب "زمان الوصل"
(198)    هل أعجبتك المقالة (197)

TahaSabri

2019-01-18

اول محلل سياسي بهالوقت بقرالو تحليل دقيق ينم عن فهم ودراية بالواقع بشكل صحيح جهودك مشكورة.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي