نشر الموقع الإلكتروني لقناة دنيا التي تبث تجريبيا - حتى الآن - من المنطقة الحرة في دمشق مقالاً بعنوان " ماجد حليمة ينشر الذعر في صفوف الصحفيين " جاء فيه إن المدير العام للإذاعة والتلفزيون أنذر الصحفيين الذين يجمعون ما بين العمل في التلفزيون السوري الرسمي ومؤسسات صحفية أخرى بتسوية أوضاعهم خلال مدة محدودة .
بداية إنني مع زملائي الصحافيين ولست مع فريق ضد آخر لكن ما حز بنفسي وآلمني فعلا أن الصحافيين أصبحوا وبسبب لقمة العيش مثل ( سائقي التكاسي ) الذين يخرجون من وظائفهم الحكومية للعمل خارج أوقات دوامهم . وما أثر في نفسي أكثر أن هذا الأمر أصبح مألوفا في الإعلام الرسمي بسبب محدودية الراتب وما يتبعه من مبلغ إضافي أيضاً , وبسبب قلة المهمات الخارجية التي في أغلبها تكون للمدعومين , لكن أن يحصل هذا في الإعلام الخاص – التي تنعقد آمال كبيرة عليه وعلى أدائه - فتلك مشكلة كبيرة وخطيرة جداً !
فالكل تفاءل خيراً بالإعلان عن ( قناة شام ) التي أصبحت الآن في خبر كان , أو قناة ( سما الشام ) التي تبخرت كنقطة ماء في شمس حارة . وبقي الأمل معقوداً على قناة دنيا على اعتبار أن هذه القناة تحظى بتمويل كبير من عدد من رجال الأعمال الذين يحظون بسمعة طيبة !
المفاجأة الأخرى كانت من مدير قناة دنيا الذي أعرب عن انزعاجه من صدور تعميم المدير العام للإذاعة والتلفزيون السيد ماجد حليمة الذي أكد فيه على تعميم سابق يحمل الرقم / 36 / تاريخ 31 / 12 / 2006 والصادر عملا بأحكام المادة / 64 / من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم / 50 / لعام 2004 والتعليمات التنفيذية لرئاسة مجلس الوزراء رقم 10987 / 12 تاريخ 30 / 12 / 2004 الخاصة بموضوع الجمع بين العمل الوظيفي والعمل في قطاعات أخرى .
وبناء على ما سبق فإن المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون يطبق القوانين . و كان مثل هذا الإجراء قد اتخذ العام الماضي عندما كان الدكتور فائز الصايغ مديرا عاما واضطر بعض الزملاء الصحافيين لتقديم إجازات طويلة .. استيداع ( كالزميل عبد الحميد توفيق مراسل قناة الجزيرة والزميل أنس أزرق مراسل قناة المنار ) وبعضهم فك عقده مع تلك الوسائل .
والسؤال لماذا ينزعج القائمون على قناة دنيا من هذا القرار على الرغم من أن البعض يرى أن هذا القرار في صالح قناة دنيا لا ضدها , كما هو في الواقع ليس في صالح التلفزيون السوري الذي يخشى - وهذا من حقه – من هروب كوادره الذي أمضى سنين طويلة في تدريبهم , وإن كان هناك لوم على التلفزيون السوري لعدم وضعه خطة تضمن له الاحتفاظ بهذه الكوادر مع ما يتضمن ذلك من زيادة في الأجور والمكافآت .
أما قناة دنيا فتستطيع وبكل بساطة أن تحتضن هؤلاء الصحافيين و تجعل منهم كادراً خاصاً بها بدلا من أن تتركهم ( يتشنشطون ) ما بين التلفزيون السوري وبينها . ولنقيّم الأمور بشكل آخر هل كانت قناة دنيا ستسمح لأي قناة أخرى بأخذ كوادرها التي دربتهم وتعبت عليهم ؟ وللتذكير فإن أحد الزملاء تم فصله من القناة لأنه أخذ تصريحاً من ضيف لبناني لصالح أحد البرامج في التلفزيون السوري خلال دوامه في قناة دنيا , علماً أنه من العاملين المثبتين في التلفزيون السوري .
والسؤال الآخر لماذا لا تقوم ( دنيا ) بإعطاء من يعملون فيها وفي التلفزيون السوري في آن . . رواتب تغنيهم و أولادهم عن التلفزيون السوري وعن غيره ! وبالتالي يعملون فيها بكل طاقة وحيوية وتوفر لهم شرطي المادة والراحة النفسية وهما الشرطان الأساسيان اللذان يحتاج لهما أي صحفي . أليس ذلك أفضل من أن يأتي الصحافي متعبا . . منهكاً من عمله في الإذاعة والتلفزيون أو حتى في الصحف
حتى إن بعض زملائنا يستيقظ في الرابعة صباحا ولا يعود إلى بيته إلا بعد الحادية عشر ليلاً ! وتصوروا مدى الجهد والتعب الذي سيصيب مثل هذا الصحافي ؟
وكيف سينعكس هذا التعب على عطائه سواء في التلفزيون السوري أو في القنوات الخاصة الأخرى ؟
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فسأورد هذه الحكاية التي نقلها لي الزميل بسام القادري العامل في قناة الجزيرة . يقول بسام : " كنت مغرما بالإذاعة كوني بدأت عملي كمذيع إذاعي , وعندما عملت في قناة الجزيرة طلبت مني إذاعة قطر أن أقدم برنامجا لا تتجاوز مدته الربع ساعة إلا إن مدير قناة الجزيرة رفض الفكرة وعندما قلت له إن لدي أربعة أيام من الراحة في الأسبوع قال : " هذه الأيام هي أيام راحة لك تستطيع أن تقرأ فيها إذا أحببت أو ترفه عن نفسك , أما أن تعمل فلا " . تصوروا مدى التشابه بين قنواتنا التلفزيونية الناشئة وقناة الجزيرة !
ولنترك الجزيرة جانبا ففي قناة روسيا اليوم التي يعمل فيها عدد غير محدود من زملائنا السوريين , فإن العمل فيها يتوزع ما بين أسبوع عمل وأسبوع راحة بالتناوب فإلى أين نحن ذاهبون ؟! وإذا كان مدير قناة دنيا - أعود لأقول المعقود الأمل عليها - يقاتل من أجل أن يظل الصحفيون العاملون لديه يعملون في التلفزيون الرسمي كموظفين أساسيين بينما يعملون عنده خارج أوقات دوامهم بدلا من أن يجعلهم يستغنون عن العمل في أي مكان آخر سوى قناته , وفي هذا احترام لهم وللقناة ؟! لا بل وصل فيه الأمر إلى حد وصفهم بـ ( المساكين ) وهنا أقتبس حرفيا هذا المقطع: " نتيجة لهذا الذعر الذي اجتاح صحفيي دنيا ( العاملين في التلفزيون السوري ) خوفا من حليمة وجماعته فقد بدأ هؤلاء المساكين المهددين بألاعيب حليمة البحث في معاني كلامه وفي مواصفات الأسلحة التي يملكها " .
وهنا لنا أن نتساءل هل يحق للقطاع الخاص أن يعتمد على الكوادر المدربة في القطاع العام , وهم على رأس عملهم ؟ وبالتالي يصبح هذا القطاع عبئاً على الوطن بدلا من أن يكون قطاعاً فاعلاً في خدمة الوطن !
وهنا ينطبق هذا الافتراض على تلفزيون دنيا لأنه التلفزيون الخاص المعوَّل عليه أن يكون منافسا للقنوات الناطقة بالعربية والمدعومة أمريكيا ( الحرة – العربية – المستقبل –lbc ... الخ ) لا أن تفتح هذه القناة معارك وهمية مع التلفزيون الرسمي وإدارته وتسعى لتقاسم الموظفين ليصبح كل صحفي يعمل في التلفزيون السوري وقناة دنيا معاً . ككرة القدم التي يتقاذفها اللاعبون! وإذا كان هذا آخر ما توصل إليه القائمون على قناة دنيا وتوقفوا عنده ! فإننا هنا نكتب لندق ناقوس الخطر ونبعث برسالة قوية إلى كل المسؤولين عن الإعلام في هذا الوطن مفادها : أن التفتوا إلى إعلامكم الرسمي لأن لا أمل يرتجى من إعلام خاص يدور في فلك الإعلام العام , ويتعلم منه , لا بل يقلده في أحيان كثيرة !!
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية