أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الموت ولا المذلة.. فؤاد حميرة*

الكاتب: خسارة المنتخب تعني التدني الذي تعيشه سوريا في ظل هذا النظام - جيتي

يعكس المستوى السيئ الذي ظهر فيه المنتخب السوري في تصفيات كأس آسيا المقامة في الإمارات، المستوى العام للبلاد من النواحي كافة سواء الاقتصادية منها أم السياسية، وحتى الاجتماعية والفنية والعلمية لدرجة أن ابن الرئيس ذاته شارك في مونديال علمي وحصل على ترتيب متأخر جدا أثار سخرية الكثيرين على وسائل التواصل وفي الإعلام، ما يعني أن سوريا وصلت إلى القاع في مجال التأخر والتخلف ومع ذلك يصر النظام ومؤيدوه على أنهم انتصروا على المؤامرة، فماذا يعني الانتصار بالنسبة لهم؟ 

الانتصار الذي أودى بالبلاد إلى خراب يحتاج عقودا لإصلاحه، يعني بالنسبة للنظام الاحتفاظ بالكرسي والبقاء في السلطة، وما تبقى تفاصيل لا تستحق الاهتمام أو الالتفات إليها، المهم أن النظام فاز بالكرسي بغض النظر عن خسارته لمائة وعشرين ألف قتيل من محاربيه وعناصر جيشه وأبناء طائفته وبغض النظر عن تهجير نحو 12 مليون مواطن، وبغض النظر عن الأزمة الاقتصادية التي بدأ المواطن يشعر ببوادرها مع أنها لم تدخل في العمق بعد ولم تتضح كوارثها ومعالمها بعد والتي ستكون في رأيي الشخصي السبب الرئيسي في ثورة جديدة يقوم بها أبناء الداخل السوري الذين عانوا الويلات من هذا النظام ومن حربه على كل رأس مرفوعة في طول الب وعرضها، فالنظام يريد مواطنين مطيعين مذعورين من جيشه وشبيحته وعناصر أمنه بعد أن رأوا بأم العين طائراته ودباباته وهي تقصف المدن والقرى، ورأوا أبناء وطنهم يقتلون تحت التعذيب في أقبيته الأمنية وبذلك يضمن النظام، حسب ظنه، وعبر نشر الذعر والتهديد صمت الناس الذين تبقوا في البلد وجالدوا الجوع والحرمان والندرة. 

تعادل المنتخب مع فريق ضعيف كالمنتخب الفلسطيني وخسارته أمام الأردن بهدفين لا تعني الخسارة في الرياضة فقط، بل إن الأمر ينسحب على الفن أيضا وبخاصة الدراما التي كان النظام يتشدق بأنها إحدى إنجازاته فيما هي في الحقيقة جهد فردي لعدد من الكتب المميزين والمخرجين والنجوم الذي أبدعوا رغم الطروف غير الصحية للإنتاج في تقديم دراما عالية المستوى.

خسارة المنتخب تعني التدني الذي تعيشه سوريا في ظل هذا النظام الذي أصر منذ البداية على اتباع طريق الحرب والحل العسكري بدلا من النقاش والحوار مع معارضيه، فخسر الناس وخسر البلد، ولكنه احتفظ بالكرسي وهذا هو الأهم بالنسبة له، لم أسمع في حياتي ولم أقرأ في التاريخ عن وطن كان فداء لشخص إلا في سوريا، فكل هذا الدمار وكل هذا الخراب والقتل والتهجير كان فداء لشخص واحد، وهنا لا يتساوى الشخص مع الوطن، بل هو أغلى وأثمن من الوطن، هو أغلى من مليون شهيد و12 مليون مهجر وأثمن من دمار 70 في المائة من سوريا، ناهيك عن الخسائر الاقتصادية التي لن يستطيع أحد تقديرها إلا بعد سقوط النظام لأنه يخفي كل الأرقام الحقيقية، غير أن ما تراه العين يكشف كل ما يحاول النظام التعمية عنه وإخفائه خلف ادعاءات بالانتصار الفاشل.

هي ليست خسارة منتخب، بل خسارة وطن، وطن مات ليعيش شخص، وطن تم اغتياله بأنانية وجنون شخص واحد يدعي أنه انتصر على المؤامرة التي يحيكها شعبه.

مات أهلنا في الخيام تحت البرد والثلج ولم يعودوا للوطن الذي يحكمه هذا النظام، عانوا لوعة البرد والحاجة ولم يفكروا في العودة رغم دعوات النظام لماذا؟ إن في إصرارهم على الموت تحت البرد ورفض العودة، رسالة مفادها أن الموت بلسعات البرد أهون من العيش في ظل حكم قتل إخوتنا وأهلنا وشردنا بحجة القضاء على المؤامرة، أهلنا في الخيام في رفضهم دعوات العودة كأنما يرددون هتاف الثورة الأولى (الموت ولا المذلة).


*من كتاب "زمان الوصل"
(190)    هل أعجبتك المقالة (207)

طرفة الشاعر

2019-01-11

أيها الصديق: أنا فعلاً آمل أنك تعرف أن الأمر ليس مصحلة شخص الرئيس. فمصحلة فخامة الرئيس كانت التنحي منذ اليوم الأول والاستمتاع بتقاعد مريح في سوريا أو خارجها مثلاُ. ما يسمى ب"النظام" متغلل في المعارضة وفي الشعب وفي الفصائل أكثر من تغلغله في الدولة. فشلت المعارضة الوطنية، وخصوصاً السلمية منها، في تقديم عرض حقيقي للدولة ينقذ الرئيس أو منصب الرئاسة وينقذ البلاد والعباد. وهذا ليس بالضرورة بسبب قلة الحيلة أو حتى الرغبة بالانتقام من فئة أو جماعة محددة، بل مع الأسف من باب المؤامرة والانتهازية فحسب..


سوري حر

2019-01-11

نعم لايمكن ان تقوم قائمة في سوريا إلا بعد التخلص من هذا النظام الفاسد والقاتل لكل شيء..


فؤاد حميرة

2019-01-11

الأخ طرفة ...معك الحق في كثير مما قلته ولكن هذا لا يلغي حقيقة أن هذا النظام قابل للثورة.


إبراهيم العلوش

2019-01-12

مقال رائع شكرا جزيلا لك.


التعليقات (4)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي