كشفت القائمة التي تم تداولها بأسماء قتلى تفجيري طرطوس أن مؤسسات النظام تعمل بإدارة وعقلية تشبه كل شيء إلا عقلية المؤسسات التي تحترم نفسها وتحترم خصوصيات البشر.
القائمة التي اطلعت عليها "زمان الوصل"، وهي بالمناسبة قائمة تداولتها الصفحات المؤيدة دون أدنى حرج، كشفت أن النظام ركز على مواصفات الجثث المجهولة، وفصّل كثيرا في وصف ما كانت ترتديه وصولا إلى الملابس الداخلية (كيلوت، شورت)، وهو ما يشكل وصمة عار جديدة في جبين نظام استهتر بكل شيء، حتى بخصوصيات من يفترض أنهم موالوه.
وفي حين أن هناك وسائل أفضل وأكثر إنسانية للتعرف على جثث المجهولين، يبدو أن النظام لا يطيق تكاليف تطبيق هذه الأساليب، أو لايريد تفعيلها، خشية أن تنقص الميزانية التي خصصها لقتل السوريين وتدمير سوريا، أو أن يتقلص حجم ما "تشفطه" الأجهزة المخابراتية والتشبيحية من أموال بدعوى "محاربة الإرهاب" و"حماية المواطن"، في حين تتنقل السيارات المفخخة بين المناطق السورية بأريحية.
وبالعودة إلى القائمة المتداولة، فقد تم توثيق 22 من القتلى بنهم أناس تم التعريف عنهم بأسمائهم الصريحة، وآخرون تم التطرق إلى توصيفهم وتوصيف ما يرتدون وصولا إلى "ملابسهم الداخلية".
فبمحاذاة الرقم 6 تم التنويه بأن صاحبة الجثة "امرأة شقراء.. ترتدي بلوزة خضراء تحتها صدرية زرقاء اللون.. وبنطال جينز ازرق تحته شورت سيفون".
وأمام الرقم 8، دوّن توصيف يفيد بوجود جثة "شاب.. يرتدي بنطال جينز وكيلوت أحمر"، ومثله تقريبا ما ورد في الخانة 9 حول شاب يرتدي "كيلوت كيوي بخط أصفر".
وعند الرقم 10 تم توصيف اللباس الذي كانت ترتديه طفلة بالعقد الأول من عمرها، وصلوا إلى القول إنها تلبس "كيلوت بلون أبيض وزهري".
والغريب في القائمة أنها اتبعت إجراء لا ينتهك خصوصيات الناس فحسب، ولكنه يتسم بالسذاجة إن لم نقل الغباء، فإذا سلمنا بأن الملابس الداخلية التي يرتديها طفل أو طفلة تكون معروفة لذويه، كونهم هم من يلبسونه إياها، وبالتالي فإن هذه الملابس يمكن أن تساعد في سرعة التعرف على الجثة.. فما هو مبرر توصيف الملابس الداخلية للكبار، وهل من المعتاد أن يبلغ شاب أو امرأة أهله وذويه بلون ومواصفات الملابس الداخلية التي يرتديها كل صباح.
ثم أين اختفت العلامات المميزة لأي شخص، وهل من المنطقي أن لايعرف الرجل أخاه أو المرأة ابنتها مثلا إلا من الملابس الداخلية، خصوصا أن توصيف الجثث يوحي بأنها غير متفحمة أو متهتكة تماما، وإلا لما كان بقي أثر للملابس، فلماذا الإصرار على انتهاك خصوصية الناس حتى بعد موتهم.. ومن هو المسؤول عن هذه المهزلة التي ارتكبها النظام بحق أناس يقطنون في مناطق تدين له بالولاء، ويدعي هو أنه يدين له بالحماية، بينما يعتدي على خصوصياتهم.
*44 قتيلا على الأقل
وفي موضوع ذي صلة، أظهرت لائحة بأسماء قتلى تفجيري طرطوس أن عدد القتلى تجاوز على اقل تقدير حاجز 44 قتيلا، حيث تم توثيق 29 منهم بالأسماء، فضلا عن وجود 6 جثث مجهولة الهوية، و9 أكياس أشلاء.
وصباح الاثنين، ضرب انفجاران متزامنان منطقة جسر أرزونة عند الطريق الرابطة بين طرطوس وحمص، كشفت الصور المسربة من الموقع أنهما أحدثا دمارا كبيرا، فيما سارع النظام لإلقاء اللوم على "الجماعات الإرهابية" دون أن يقدم ولو تفسيرا مقنعا واحدا لطريقة وصول السيارات المفخخة إلى قلب معقل من أهم وأحصن مواقع الموالاة.

زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية