تستمر لليوم الرابع على التوالي معركة "عاصفة الجنوب" التي أطلقها ثوار درعا لتحرير مركز مدينتهم من قبضة قوات الأسد، وأنشؤوا من أجل ذلك غرفة قيادة مركزية للعمليات، ينبثق عنها 7 غرف عمليات وهيئات إسعافية وطبية ووحدة للاتصالات والمعلومات والتنسيق، كما تم تعيين ناطق باسم المعركة وغرفة إعلامية بهدف التحكم وتنظيم الرسالة الإعلاميّة بما يخدم مصلحة المعركة.
ورغم تواضع الإنجاز الميداني حتى الآن، الذي يعزوه مراقبون إلى حجم قوات النظام وانتشارها داخل مدينة درعا، إلا أن فوضى الإعلام وتعدد مصادره دون توخي المصداقيّة أو مراعاة حساسيّة المعركة، كان له دور سلبي كبير على مجريات "عاصفة الجنوب".
لقد تم الإعلان من قبل بعض الناشطين عن ساعة بدء المعركة قبيل انطلاقها بأيام، وبعد ساعات من بدئها سارع نشطاء ومنهم أصحاب مصداقية لدى وسائل إعلاميّة، إلى إعلان تحرير مساحات واسعة من المدينة وقتل مئات من جنود النظام، وغيرها من أخبار الانتصارات التي لا يستند كثير منها إلى وقائع.
يرى عضو الغرفة الإعلامية في "عاصفة الجنوب" شفيع أبازيد بأن فوضى الإعلام و الجري وراء تحقيق سبق صحفي بالنسبة لبعض الإعلاميين؛ كان له دور "هدّام" في المعركة، وذلك عبر جوانب عدّة، منها:
_ إخطار النظام ومؤيديه إلى اقتراب المعركة قبل بدئها، وبالتالي أخذ احتياطاتهم اللازمة واستعدادهم لها، ورغم أن النظام قد يكون يمتلك بعض المعلومات -عبر عملائه- حول اقتراب معركة المدينة؛ إلا أن هذه الضوضاء الإعلاميّة الكبيرة عززت ما لديه من معلومات.
_ المساهمة في تسليط الضوء على مدينة درعا، وبالتالي قصفها بعشرات البراميل والصواريخ، حتى قبل بدء المعركة بأيام، حيث أحصى ناشطون أكثر من 100 برميل ومئات القذائف والصواريخ قبل بدء المعركة بيومين والتي أودت بحياة عشرات الأبرياء.
_ ذهب بعض النشطاء ومنهم أيضاً بعض إعلاميي فصائل الجبهة الجنوبية -ممن لديهم معلومات حساسة- إلى نشر جوانب من خطة المعركة، وذلك بدافع "حب الظهور الإعلامي" لبعض الناشطين.
_ استعجال بعض إعلاميي الفصائل المشاركة ونشرهم مقاطع مصورة عن الاشتباكات؛ وبالتالي إرشاد النظام -بشكل غير مقصود- إلى أماكن انتشار الثوار، ماقد يؤدي إلى استهدافهم.
_ عمد النظام إلى قصف مواقع مدنية تحت سيطرته في "درعا المحطة" واتهم في ذلك قوات الثوار، مستندا إلى تصريحات وبيانات تناقلها ناشطون تتحدث عن توجيه فصائل الثوار تحذيرات إلى قاطني مناطق سيطرة النظام بقصد استهدافها والطلب من الأهالي أخذ الحيطة.
يقول "شفيع أبازيد" ضمن حديثه لـ"زمان الوصل" بأنهم في غرفة القيادة المركزية للمعركة اتفقوا على تبني استراتيجية إعلاميّة مركزية وتوحيد الخطاب الإعلامي بحيث تذوب كافة المسميات الفصائلية لصالح اسم "عاصفة الجنوب"؛ ويمنع نشر أي مقطع مصور أو تصريح إلا عبر هذه الغرفة وموقعها على الشبكة العنكبوتية، إلا أنه لم يلتزم في ذلك إلا قلة من الفصائل والنشطاء.
بالمقابل لم تتمكن هذه الغرفة من كبح فوضى الإعلام، والتسابق في نشر الأخبار وكثير منها غير صحيح، وهذا الأمر أيضا -حسب محدثنا- ساهم بنوع من الإحباط لدى المتابعين بعد اكتشافهم وقائع مخالفة لما نُشر.
كما طالب "أبازيد" بمحاسبة أي إعلامي أو ناشط يساهم في نشر تحركات الجيش الحر ويخرج عن هذه السياسة الإعلاميّة وعدم استضافته من قبل الوسائل الإعلامية، والاعتماد فقط على البيانات الصادرة عبر المكتب الإعلامي لـ"عاصفة الجنوب" والناطق الإعلامي المكلف.
رغم محاولات القيمين على معركة "عاصفة الجنوب" بانتهاج سياسة تكتم إعلامي، كما حصل سابقا في معركة تحرير "بصرى الشام"، حيث كان لتعاطي الإعلام الثوري حينها دور بارز في حسم المعركة وخلق بلبلة وتخبط عند قوات النظام، إلا أن الواقع الحالي يبدو مغايرا، وعلى ما يبدو لم ترتقِ فوضى الإعلام الحالية، وطريقة تعاطيه إلى حجم وأهميّة هذه المعركة التي تستهدف طرد النظام من مركز محافظة درعا.
سفيان جباوي - درعا - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية