أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"رويترز" تنتخب الأسد في دمشق وتسقط في بئر الدفاع عن "الديكتاتور"

اليوم، ترسخ "رويترز" صورتها كمنبر لقلة المصداقية بل والمهنية

لأن الشيء بالشيء يذكر، فقد ذكرتني المادة المدبجة لأم الوكالات "رويترز" عن "الانتخابات الرئاسية" بموضوع كنت أؤجل الحديث عنه مرارا وتكرارا، يدور حول عدم مهنية وسائل إعلامية كبيرة، فضلا عن جهلها، وسطحيتها المدقعة التي كشفتها الثورة السورية.

ولأن الوكالات تقدم للناس أخبارا من جميع أنحاء العالم، وهي نافذتهم على كثير من البقاع التي يمكن أن يجهلوا حتى موقعها على الخريطة، فإن أهل البلد الذين يخصهم الخبر هم الأقدر على كشف مدى مصداقيته، وإلمام كاتبه بحيثيات ما يكتب عنه، ناهيك عن معرفته بأبسط المعلومات الجغرافية والتاريخية عن البلد الذي يكتب بشأنه.

والحقيقة أن "رويترز" لم تكن الممارس الوحيد لهوايتي خلط الأوراق والتسطيح المقرون بالجهل المخزي، بل إن عددا غير قليل من وسائل الإعلام "الكبرى!" مارست هاتين الهوايتين عمدا أو عن غير قصد، لكن "رويترز" بقيت في مقدمة تلك الوسائل، عطفا على حجم السقطات التي وقعت فيها خلال تغطية الثورة السورية، وانطلاقا من حجمها، عملا بالمبدأ القائل إن خطأ الكبير مهما صغر يبقى كبيرا، فكيف إن كان الخطأ كبيرا إلى درجة يساوي فيها الخطيئة؟!

واليوم، ترسخ "رويترز" صورتها كمنبر لقلة المصداقية بل والمهنية، فبعد يوم واحد من انتهاء العرس الديمقراطي البشاري، أدلت الوكالة "العريقة" بدلوها، لكنها لم تخرج بما يروي عطش القارئ للمعلومة الصحيحة، بقدر ما غرفت من قاذورات، وعذرها طبيعة "البئر" الذي كانت تنزح منه، وطبيعة الدلو الذي ألقته وأخرجته بطريقة لاتقل فجاجة عن "إخراج" مسرحية الانتخابات نفسها.

وخلافا لأي ضمير صحافي أو حتى مبدأ مهني، افتتحت "رويترز" تقريرها بحكم مطلق ينبغي التسليم به، ولايقبل التشكيك، أو لايجب أن يقبل التشكيك، فقط لأن من تبنته "رويترز".. قالت فيه: "كثير من السوريين أدلوا بأصواتهم لصالح بشار الأسد في انتخابات الرئاسة التي جرت يوم الثلاثاء، اعتقادا منهم أن البديل للنظام الحالي هو استيلاء متطرفين إسلاميين على السلطة".

لاحظوا التكثير، في بداية التقرير، والذي يوازيه في إعلام بشار "جماهير غفيرة"، ولاحظوا كلمات "البديل" "المتطرفين الإسلاميين"، والتي تشابه عبارات كررها بشار وإعلامه حتى باتت "كذبة مصدقة"، من قبيل: "آخر حصن للعلمانية"، "حماية الأقليات"، "الإرهابيون"، "التكفيريون"، "الوهابيون".. إلخ.

فأين هو الخط الفاصل بين أكاذيب بشار و"حقائق" رويترز"، التي تلحق هذه المقدمة "الفضيحة" بمزيد من الدجل، لتعمم قائلة "يتفق قادة غربيون مع هذا الرأي (أن لابديل عن الأسد سوى المتطرفين!) على نحو متزايد"، لكن "أم الوكالات" لا تورد من كل أقاويل "القادة الغربيين" سوى قول سفير سابق لدى نظام حافظ مورث بشار، وهو "ريان كروكر" الذي عايش مرحلتي حافظ وبشار، وشهد ما سمته وزيرة خارجيته مادلين أولبريت "الانتقال السلس للسلطة، بل وربما كان من مخططيه ومدبريه حين كان سفير واشنطن في دمشق من 1998 حتى 2001؛ أي في أحرج فترات التوريث.


وتنقل "رويترز" عن "كروكر" –باعتبارها قادة!- قوله: "على سوء النظام فإن هناك من هو أسوأ منه، وهو العناصر المتطرفة في المعارضة".

لطالما كانت أمثلة السقطات النامة عن جهل الوكالات وقلة حرفيتها حاضرة في ذهني، لكن هذا التقرير "الفاقع" من رويترز غطى عليها كلها، رغم أنها سقطات راسخة في ذهني لفداحتها، ومن تلك الطوام على سبيل المثال.. وزعت وكالة عالمية قبل سنوات صورة من مقام السيدة زينب لإيرانيات متلفعات بالتشادور (الزي الأسود)، وعلقت تحتها "يزداد الإقبال على اللباس الإسلامي في صفوف السوريات"، ونشرت وكالة أخرى خبرا كانت تتحدث فيه عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لتخلص إلى أن النبي الكريم "ولد في السعودية"، والطامة أن صحيفة سعودية كبرى نشرت الخبر كما هو، ثقة منها بـ"موسوعية" محرري الوكالات العالمية وجهبذتهم.

وقبل أيام كنت أترجم تحقيقا مطولا ومفزعا عن جرائم الاغتصاب في سوريا من قبل جيش النظام وشبيحته، وبدا لي للوهلة الأولى أني عثرت أخيرا على صحافي غربي "مطلع" على الوضع السوري و"فاهم" نوعا ما لحيثياته ومداخله ومخارجه، إلى أن ارتطمت بجبل من الجهل، أطار من عقلي جل التقدير الذي حملته لصاحب التحقيق، باعتباره لامس موضوعا خطيرا وشائكا.

ففي خضم التحقيق سرد الصحافي الطرق القانونية التي يمكن للسوريين أن يفعّلوا من خلالها ملف ملاحقة المجرمين المتورطين في جرائم الاغتصاب، حتى وصل إلى خيار تشكيل محكمة سورية، وهنا استشتهد برأي "المشرع السوري" شريف شحادة، أي والله، والله على ما أقول شهيد، حيث يصرح "شحادة" لإحدى كبرى الوكالات بإمكانية تأسيس محاكم سورية لملاحقة هؤلاء!

لم يعد جهل الصحافي يحتاج إلى دليل، لاسيما أنه سمى "شحادة" مشرعا، وليس عضو مجلس شعب، ما جعلني أتأكد أن الصحافي خدع بلفظة "مشرع" وظن أن "شحادة" عضو في البرلمان الفرنسي أو السويسري مثلا، رغم أنه كتب تحقيقه من الحدود السورية وخالط عشرات السوريين من ضحايا النظام.

لكن هل يعذر الصحافي –فضلا عن وكالة ضخمة-.. هل يعذران بجهلهما بواقع سوريا، الذي بات موضوع كل شاشة وخبر كل ساعة، وكيف لنا أن نفهم هذا التناقض الصارخ بين الاعتراف بوجود نظام مجرم مخادع، وهو طرف في "حرب أهلية" كما توصّف الوكالات، وبين الإصرار على اعتماده مصدرا موثوقا للمعلومات والصور والفيديوهات، فيما لاتزال أخبار المعارضة وصورها وفيديوهاتها توصم باللاحقة البلهاء "هذا ولم يتسن لنا التأكد من مصدر مستقل".. وهل في "الحرب الأهلية" مصدر مستقل؟!، أم إن الأطراف كلها ينبغي أن تعامل بنفس السوية، من ناحية نشر أخبارها بلا جزم، هذا إن كانت بالفعل حربا أهلية من الطراز المتعارف عليه، وليست حرب إبادة يقاتل فيها إلى جانب "الحكومة!" قرابة 30 مليشيا طائفية، لكل منها أهدافها وطرائقها، وإن كانت تتوافق في خطها العام.

لن أدخل في بحث الخلفيات التي كان وما زال يتبناها نظام الأسد لقبول مراسلي كبرى الوكالات في بلاطه (سوريا الأسد)، فهذا شأن آخر مليئ بالمفاجأت الصاعقة، والتي قد لايعرفها إلا من خالط مجتمع الوكالات ومراسليها الأشبه بمندوبي المبيعات لدى الأنظمة القمعية، وقد نجح نظام بشار في عقد صفقة إسكات أصوات ضمن "رويترز" نفسها، كانت تكتب تقارير عن الثورة السورية في بداياتها، تميزت بقدر كبير من المعقولية والاطلاع، لتظهر مكانها أقلام سطحية تتعامل مع الخبر السوري بمنطق تجار "الخردة"، دون مبالغة بالوصف.

أعلم أن أعرق وسيلة إعلامية لم ولن تنجو من تأثير الأفراد فيها وأحيانا في خطها العام، وأعلم أن الحيادية في الإعلام وهم وسراب وكذبة ممجوجة، وأعلم أن "رويترز" ووكالات أخرى كانت ومازالت تدس السم في العسل، ولكن مع بعض الاحترافية، أما أن نصل إلى مرحلة تقديم السم الزعاف صِرفا، وبطريقة لا تلتزم أدنى المعايير، فإن هذا مؤشر على تحول "أم الوكالات" إلى أكبر معمل لإنتاج الملمعات، في سبيل تلميع صورة من "لايُلمع"، متناسية أن قبح بشار أعيى أقرب مقربيه في تجمليه. 

إيثار عبدالحق - من أسرة "زمان الوصل"
(120)    هل أعجبتك المقالة (145)

2014-06-04

انتو لا تكتبو 3000 برميل بعدين نظرو على رويترز صدقوني ما حدا خرب الثورة غيركم اعلام تافه.


الى ابو تنظير

2014-06-04

اهم شي ما يطقلك عرق وكتوب اسمك الصريح يا منحبكجي زمان الوصل بتسوى راسك شفت التسريبات الي نشروها صار نظامك بالزلط عقبالك يا ابوتنظير.


ايهم القربي

2014-06-05

كل الكذب والفبركة والتزوير والتدجيل يللي مارستو انتو والاعلام يللي وراكن وبالاّخر غصيتو بخبر واحد من رويترز.


عامر القلموني

2014-06-09

رح امشي مع المتفزلكين بالتعليقات ولكن أن تخطئ أو "تفبرك" زمان الوصل أو غيرها من شبكات حديثة العهد مو متل شبكة عريقة متل رويترز طلعت تباع وتشرى بالأموال السياسية وبكل أسف المشكلة انكم حتى انتو معترفين أنو هالشي صحيح والموضوع كلو مسخرة بمسخرة ولكن لاتعمى الأبصار انما تعمى القلوب ...


التعليقات (4)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي