كلم المقطع المصور.. تكلم فأوجز وأفصح، وكشف عمن يتاجر ويبيع، وعمن يرفض أن يباع تحت راية شعارات مستهلكة، صيغت في أقبية المخابرات.
أفصح المقطع الذي كانت تبثه إحدى شاشات النظام دون أن تدري ما سيحدث فيه.. أفصح عن شخصية المنظر الأكبر لـ"هدنة" ببيلا، الذي كان يلقي خطبة عصماء في "الوحدة الوطنية" وحقن الدماء، واضعا كتفه إلى كتف رجال النظام، الذي أهدر الدماء.
أفصح المقطع أكثر عندما هب من يرفضون المتاجرة بهم، ليهتفوا ولأول مرة على شاشة النظام "سيدنا للأبد قائدنا محمد"، هتفوا به على شاشة لم يكن فيها متسع إلا لشعار "قائدنا للأبد حافظ -أو بشار!- الأسد".
أفصح المقطع أكثر وأكثر، عندما كشف عن عمق "إيمان الشيخ" الذي لم يكلف نفسه التوقف قليلا للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، بل تابع إلقاء الخطبة التي لقنها، بينما كاد وجه ممثل النظام يمتقع خجلا من "الشعار الطائفي!"، في دولة الميزان الوحيد فيها لتقدير الناس هو "مواطنتهم"!!.. وكأنه يقول: "له ياشباب موهيك، لا تكونوا طائفيين، خليكن وطنيين، ورددوا شعارات وطنية"!.
وحتى يأخذ كلام "صاحب الخطبة" –قُدس "سره!"- مفعوله، كان لابد أن تكون أقرب "الميكرفونات" إلى فمه، تلك الخاصة بقنوات "العالم" وبرس تي في" الإيرانيتين، ومن لف لفهما من القنوات التي لاترى الثورة إلا مؤامرة، ولا الثوار إلا تكفيريين إرهابيين، ولا المليشيات الشيعية المتغولة في سوريا، إلا مدافعين عن "المقدسات والمقامات".
إذن فهو "مهرجان خطابي حاشد" لم يقده هذه المرة الأمين العام لحزب البعث، ولا "رفيق" من القيادة القطرية، بل قاده "رجل المرحلة" الذي يراد له تخدير الناس، مع فرق واحد جوهري، أن الجماهير الحاضرة للمهرجان صححت بوصلتها، واختارت الشعار الذي تريده، والذي يتواءم مع روحها وثقافتها، وليس الشعار الذي فرضته "القيادة الحكيمة".
من البلد | |
|
إيثار عبدالحق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية