بمناسبة عرض المسلسل التلفزيوني "تحت سماء الوطن"، من تأليف د. هالة دياب، إخراج نجدت إسماعيل أنزور، على قناة رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (N.B.N)، تتوارد في ذهني خواطر وذكريات ما تزال راسخة في عقولنا، وكأنها طازجة..
هبط المخرج نجدت أنزور- الذي يصر على استخدام اسم أبيه (اسماعيل) في وسط اسمه- من سماء الدراما السورية على أرضها، مثلما كان مظليو رفعت الأسد يهبطون فوق الجامعات السورية، ويدرسون في كلية الطب، غصباً عن الذي يريد والذي لا يريد، مع أنهم اجتازوا المرحلة التعليمية الثانوية بمعدل علامات مُخجل.
كان ذلك في أوائل التسعينيات من القرن التسعين، وقد قيل يومها- بعد تقديم فروض الولاء والطاعة والإجلال والإكبار للأب القائد حافظ الأسد- إن هذا المخرج، شأنه شأن "رابسو" في مسرحية مدرسة المشاغبين- جاء ليمحو المخرجين السوريين من على الخارطة!!. وعلى رأس هؤلاء الممحوين سيكون "هيثم حقي" الأب الروحي للدراما السورية، وأول من استخدم الكاميرا المحمولة الواحدة (في مسلسل دائرة النار)، وأول
من دخل من باب الإنتاج الخاص برفقة السيناريست الشهير آنذاك داوود شيخاني، بمعنى أنه يقف وراء الفورة الإنتاجية التي حصلت في تلك الآونة.
قلنا: يعني الأستاذ نجدت هو شغل هوليود؟!
قالوا: لا والله. إنه من جماعة (الخبرة)!!.. وكان رصيده في الإخراج شوية إعلانات تجارية نفذها في المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة.. وأضافوا: ههنا مكمن العبقرية!!
نزل الأنزور إلى الميدان لأول مرة، بمسلسل "نهاية رجل شجاع" المأخوذ عن رواية لحنا مينة.. وأما الشركة المنتجة، فهي "شام الدولية" التي اشتراها الأستاذ أبو جمال عبد الحليم خدام لابنه "باسم" من وفورات راتبه حيث كان يعمل نائباً لرئيس الجمهورية العربية السورية، ومنافحاً عن الحريات والديمقراطيات والعدالة والمساواة، بدليل أنه زَوَّر، في سنة 2000، عدة مراسيم جمهورية، بقصد تنصيب الفتى بشار الأسد، وتحويل سوريا التي يحبها ويبكي عليها ليلاً ونهاراً إلى جمهورية مخابراتية وراثية!
لا يستطيع رجل ممانع، محب لسوريا ولشعب سوريا حتى النخاع، مثل أخينا نجدت اسماعيل أنزور، أن يقف مكتوف الأيدي وهو يرى دعاة الحرية وهم يتحدون الإخوة رجال الأمن والمخابرات، الساهرين على أمن الوطن والمواطن، ويخرجون في الشوارع لإشاعة الفوضى، وتنفيذ المؤامرات على هذا النظام الممانع المسكين، ثم يجعلونهم يضطرون لأن يعتقلوهم، ويعذبوهم، ويشردوهم، ويهدموا بيوتهم فوق رؤوسهم، ومع ذلك لا يعودون إلى بيوتهم..
بأي سلاح يحارب الفنان يا شباب؟.. طبعاً بسلاح الكاميرا والصوت والإضاءة، والدراما الإنسانية النبيلة.. ولهذا كله كان مسلسله الذي أنتجه على شكل (تلحيقة) لأول أيام شهر رمضان المبارك.. تحت سماء الوطن..
في المسلسل حوارات ساخنة، تدعو كلها، من دون استثناء إلى حب سوريا، والحرص على سوريا، وعدم تهديم سوريا.. وإلى شيء آخر هو: الإصلاح!
تقول الزوجة الثانية (يا سمين) للزوجة العتيقة: تفتحون لهم (تقصد للإرهابيين طبعاً) بيوتكم ثم تتباكون أمام كاميرات التلفزيون؟
وتسأل زوجةٌ زوجَها: مفكر نسافر إلى مكان ثاني؟
فيرد عليه: لا لا، كلها على بعضها عشرة أيام ويدخل الجيش ويخلصنا من هذه القصة.
بالمناسبة: الجيش السوري الذي يقوم بتدمير سوريا هو الأمل الوحيد بالنسبة لمعظم شخصيات المسلسل.
إن الأستاذ أنزور، الذي جاء ليمسح مخرجي التلفزيون السوريين من على الخارطة (وكان قد هدد الكاتب المصري الكبير أسامة أنور عكاشة بالمسح، واتهمه بأنه ضحل).. لا يتوانى، وهو يصور عملاً عن سوريا أثناء الحرب (يسميها "الحرب" طبعاً، وليس "الثورة")، أن يأخذ لقطة بانورامية بطيئة لأبنية متهدمة.. لماذا؟ ليقول لنا، بشكل مباشر وغير مباشر، إن هذا كله بسبب المؤامرة على النظام السوري الممانع.
لا تتأملوا بأن تكون الحلقات القادمة من هذا المسلسل أفضل من سابقاتها.. فلقد سبق سبق السيف العذل.
خطيب بدلة - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية