أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

زهراوي الشوك عمر حجو... عَرَّاب الكوميديا السورية

المقابلة التلفزيونية مع الفنان الكبير المخضرم عمر حجو التي قدمتها قناة "سوريا دراما" في اليوم الأول من شهر رمضان تنطوي على مفارقة طريفة يستحيل أن ينتبه لها المتفرجُ العادي، وأما أنا، محسوبكم، فسرعان ما التقطتُها.. بسبب علاقتي الطويلة مع مبنى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ومعرفتي بخباياه، وأسراره.
تتلخص المفارقة في أن "عمر حجو" هو الشخص الأكثر دماثة، وتهذيباً، وظرفاً، وشعبية، ومقدرةً على المزاح الذكي اللماح بين فريق الممثلين الموجودين على قيد الحياة الآن..،.. وأما معد البرنامج الذي أجرى المقابلة معه، "الياس الحاج" فهو الرجل الأكثر ثقلاً، وغلاظة، ووقاحة، بين العاملين في الحقل التلفزيوني الموجودين على قيد الحياة الآن!!
وإذا كان النسق الأول من الفساد الإعلامي السوري يتجلى في المبدأ المُعْلَن (دون خجل) الذي يقضي بـ عَلْوَنة الإعلام، أي تسليم المفاصل الرئيسية في الوزارة والهيئات التابعة لها إلى أشخاص علويين موالين للنظام (وطبعاً يوجد علويون غير موالين، بل ومغضوب عليهم)،.. فإن النسق الثاني كان يتجلى بوجود الياس الحاج الذي لا يفهم شيئاً، ويفهم- مع ذلك- في كل شيء!!.. لا يجيد الكتابة، ويكتب- مع ذلك- لإذاعة البرنامج العام، وإذاعة صوت الشعب، وإذاعة صوت الشباب، والتلفزيون الأرضي بقناتيه الأولى والثانية، والفضائية، والإخبارية، والتعليمية، وقناة البوطي الدينية، و"السورية- دراما".. وقد لا يصدق القارىء الكريم أن الياس، المسيحي، يكتب مسلسلات إذاعية رمضانية تتحدث عن فوائد الصيام عند المسلمين، وضرورة أن يتحلى الصائم بالأخلاق الحسنة، لأن الصيام- برأيه- ليس مجرد جوع وعطش.. 

ولأجل أن يمرر الياس الحاج كل هذه الأعمال الطوفانية، عُرف عنه استعداده لدفع الرشاوي لمن يقبلها منه، ومن دون تردد.. ومن لا يقبل منه الرشوة يسارع إلى التشهير به، زاعماً أنه رشاه، وأحياناً تحصل مشاجرات (بالأيدي) بينه وبين الناس الشرفاء الذين يرفضون أسلوبه الرخيص.

وأما "عمر حجو" فهو، برأيي، حالة خاصة في الدراما السورية.. إنه العراب الحقيقي للأعمال الكوميدية التي شاهدها الجمهور السوري بعد وفاة الرائد الأول نهاد قلعي.. وربما أن الأخ القارىء لا يعرف أن معظم (الأفكار) الرئيسية للمسرحيات الكوميدية السايسية التي لاقت شعبية كبرى في سوريا والعالم العربي، مثل "ضيعة تشرين" التي كتبها دريد لحام ومحمد الماغوط هي من ابتكار عمر حجو.. وأما "كاسك يا وطن" فليست سوى نقل تلفزيوني لأعمال مسرح الشوك الذي أسسه عمر حجو بغياب دريد لحام، وحينما شاهده هذا الأخير انجذب وعاد إلى العمل معهم بكل سرور.
سألت الفنان عمر حجو، بينما نحن ذاهبان إلى دمشق، بسيارته، لتسجيل مسلسل "تلك الأيام" من تأليفي وإخراج رياض دياربكرلي، عن حقيقة الفكرة التي بُني عليها فيلم "الحدود" الذي أخرجه دريد لحام، وكنا قد بلغنا منطقة "خان شيخون".. فقال لي: 

انظر إلى هذه اللوحة المكتوب عليها (محافظة إدلب تشكر زيارتكم).. الآن نمشي عدة كيلومترات حتى نصل إلى لوحة مكتوب عليها (محافظة حماه ترحب بكم).. طيب، أنا سألت نفسي: ولك عمر، هذه الكيلومترات القليلة الفاصلة بين المحافظتين لمن؟ السؤال نفسه يمكن أن يطرح عن المساحات الموجودة بين دولتين، لمن؟..
أليست هذه، بالضبط، فكرة فيلم "الحدود"؟

لا يهتم عمر حجو إن نسبت الفكرة التي يبتكرها إليه، أو إلى غيره، وحينما ينجز النص، لا يَشترط أن يكون العمل من بطولته، أو أن يُفَصَّلَ على مقاسه، فهو شخص لا يهتم (للبروظة) ولا يحب العمل إلا ضمن الفريق المتكامل.. 

جدير بالذكر أن عمر حجو كان هو الشخص الذي حمل الإضبارة الخاصة بتشكيل نقابة الفنانين السوريين وذهب بها من وزارة إلى وزارة، ومن مكان إلى مكان، حتى أنجزت.. الأغرب من هذا أن الشخص الذي ساعده في ذلك هو حافظ الأسد حينما كان وزيراً للدفاع.. وكا يعمل، حينئذ، على زرع شعبية له في أوساط الفنانين والمثقفين.. لأنه كان ينوي احتلال سوريا.

الفنان عمر حجو، عراب الكوميديا السورية، اليوم، في الثانية والثمانين من عمره.. وقد أصبح يعاني من النطق، ومن التعب الجسدي.. ولكن عمر حجو عاشق الفن.. لا يمكن أن يفلت الراية.. 
تحية له.  

خطيب بدلة - زمان الوصل
(216)    هل أعجبتك المقالة (191)

إبن البلد

2013-07-12

الكبير عمر حجو يحمل قسماً كبيراً من ملامح والدي رحمه الله و قد تبينت ذلك من خلال مشاهدتي لأكثر من برنامج يحكي عنه و لاحظت انه يشارك والدي بالعديد من الطباع و الأخلاق أيضاً اطال الله في عمرك و حفظك من كل سوء و شر يا والدي.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي