هل زار محرر "فرانس برس" سامي كيتز قرية الغسانية فعلاً قبل إعداد تقريره عنها، أم أن الوكالة الفرنسية العريقة غارت من "مهنية" إعلام النظام لكي تقدمه على أنه حامٍ للأقليات.
يذكرنا تقرير الفرنسية ببعض النكات المرة التي حصلت فعلاً على أيدي مخابرات النظام السوري حين اتهم أكثر من شخص مسيحي بأنه من الإخوان المسلمين، أو سلفي!
كما تسترجع الذاكرة لوحة كاريكاتورية لناجي العلي يظهر فيها مسيحي ماروني يعترف بأنه من الإخوان المسلمين تحت التعذيب!
إذ يقدم محرر الفرنسية القرية التي يقطنها مواطنون مرشديون قدموا من الجولان المحتل على أن غالبية سكانها مسيحيون وما المرشديون سوى أقلية.
وبعيداً عن مآرب "فرانس برس" وغيرها من بعض الإعلام الغربي في التركيز على المسيحيين السوريين فقط وإظهارهم كموالين للنظام تصريحاً أوتلميحاً، تعطي "زمان الوصل" لمحة عن ظروف قرية الغسانية التي لا يتجاوز عدد سكانها 8 آلاف نسمة من الطائفة المرشدية إلى جوارها قرية الحيدرية أيضاً من الطائفة نفسها.
حافظ أهالي القرية على حيادهم تجاه الثورة والنظام تقريباً، حتى يوم ارتكاب شبيحة النظام مجزرة الحولة، حين هاجم الجيش الحر في ردة فعل مباشرة ثكنة عسكرية على أطراف قرية الشومرية شمال الغسانية التي أعلن عناصر من الشبيحة فيها انحيازهم للنظام عندما نصبوا كميناً لمجموعة من الحر،و قتلوا عدداً منهم وأسروا آخرين ومنهم ضباط منشقون سلمّوهم إلى الشبيحة ليجهزوا عليهم، وهم من أبناء قرى المنطقة نفسها.
وحينها وقع مندوب النظام في الأمم المتحدة بشار الجعفري في خطأ يظهر جهله وجهل من أعد له التقرير بجغرافيا بلد يفترض أنه يمثله، فقدم ملخصاً عن مجزرة الحولة على أنها حصلت على أيدي "الإرهابيين" في ثلاث بلدات هي الحولة وتلدو والشومرية، ومرت سقطة الجعفري دون أي إيضاحات، فلم يصحح أحد له أن تلدو بلدة ضمن منطقة الحولة نفسها، والحولة ليست بلدة وإنما منطقة تضم أربع بلدات، أما الشومرية المجاورة للغسانية فهي بعيدة عن الحولة مسافة تربو عن 30 كم، ليظهر كذب النظام في أوضح صوره، ويمر تقريره المشين على مسامع أناس ما عرفوا من جغرافيا البلدات السورية إلا حدوداً رسمتها دماء ضحايا مجازر قوات الأسد.
وبالرجوع إلى كمين شبيحة في الغسانية، فقد جاء رد الحر سريعاً بفرض حصار على القرية، ما اضطر أهلها للاعتماد على القوارب والإبحار في بحيرة قطينة لقضاء حاجيات السكان، وتصدير محاصيلهم إلى الضفة الأخرى من البحيرة في قرية دبين، إضافة إلى بضائع اخرى لا يعلم ماهيتها إلا من يصدرها و يأتي بها ويستلمها!
*قالت "فرانس برس"
كان ذلك ملخصاً عن تلك القرية التي تتقاسم ضفاف بحيرة قطينة مع جيرانها من قرى ريف حمص الجنوبي الغربي، ولكن فلنتمعن في تقرير "الفرنسية" كيف قدمت القرية في هذا النص الذي ننشره دون تدخل:
"سكان قرية مسيحية في ريف القصير مرتاحون لتقدم القوات السورية
سوريا/نزاع/مسيحيون
بقلم سامي كيتز
الغسانية, 12-05-2013 (ا ف ب) -
يبدي سكان قرية مسيحية قرب بحيرة قطينة في ريف القصير وسط سوريا ارتياحهم لتقدم القوات النظامية، اذ بات في امكانهم للمرة الاولى منذ ثمانية اشهر، استخدام الطريق المؤيدة اليها، بدلا من القوارب التي استخدموها لتفادي الطوق المفروض من مقاتلي المعارضة.
وتقع الغسانية على بعد 13 كلم شمال غرب القصير، معقل المقاتلين المعارضين الذي تحاول قوات النظام السوري استعادته، وتربط بينهما طريق وسط حقول القمح تنبت فيها زهور الخشخاش.
ويقيم في القرية نحو ثمانية آلاف مسيحي، اضافة الى اقلية من المرشديين، الطائفة الصغيرة التي ظهرت في سوريا مطلع القرن العشرين. وتقع القصير والغسانية في محافظة حمص وسط سوريا، والتي تضم مزيجا متنوعا من السنة والعلويين والمسيحيين وغيرهم.
ويقول مختار القرية غسان حمدان لوكالة فرانس برس "فرض المسلحون الموجودون في القرى المجاورة، طوقا على قريتنا لمدة ثمانية اشهر، ومنعونا من استخدام الطريق. لم يتبق لنا سوى البحيرة".
وعلى بعد كيلومترين من الغسانية، تقع قرية الشومرية التي استحالت خرابا جراء المعارك التي مكنت القوات النظامية من اخراج مقاتلي المعارضة والسماح بفتح الطريق الواصل بالغسانية. وتشهد المنازل المدمرة والجدران التي كساها الكلس على حدة المعارك.
ويقول رئيس بلدية الغسانية احمد العالي "كان يتوجب علينا عبور البحيرة ليلا لاحضار المازوت والبنزين والطحين والمواد الغذائية الاخرى. كان الامر محنة لان المسلحين كانوا يطلقون النار في حال لمحوا قاربا".
وعرضت مجموعة مقاتلة تطلق على نفسها اسم "كتائب اهل الاثر"، شريطا مصورا على موقع "يوتيوب" في 15 ايلول/سبتمبر 2012، يظهر عددا من عناصرها يطلقون النار على ما قالوا انها "زوارق شبيحة" تحاول عبور البحيرة. وتستخدم عبارة "شبيحة" للاشارة الى عناصر الميليشيات الموالية للنظام.
وتقع البحيرة على مسافة 12 كلم من مدينة حمص، ثالث اكبر المدن السورية والتي يعدها الناشطون المعارضون "عاصمة الثورة". وتتغذى البحيرة من مياه نهر العاصي، وتبلغ مساحتها نحو 61 كيلومترا مربعا.
ويقول حسن بشير المحمود، وهو مالك احد الزوارق "بسبب الحصار الذي فرضه المقاتلون، تحديت الهواء والامواج والعواصف لنقل ما كانت قريتي في حاجة اليه".
يضيف هذا الشاب الذي كان ينتقل الى دبين على الضفة المجاورة لابتياع الحاجيات "في يوم من الايام، غرق ثلاثة شبان يحملون الخبز بسبب الطقس الرديء".
واستنجدت هذه القرية التي تعتمد على زراعة البطاطا والملفوف، بصياديها لتوفير ما تحتاج اليه اثناء الحصار. ويشير حسن الى ان هؤلاء اعتمدوا "في الشهر الاول على قواربهم الخشبية القديمة، قبل ان يبتاعوا قوارب صغيرة مزودة بمحركات لتسهيل الانتقال".
ولا يبدو ان المعارك في المنطقة قد اقتربت من نهايتها، اذ ما زال المقاتلون المعارضون يسيطرون على اربع قرى لجهة الشمال الغربي من مدينة القصير.
ويقول حمدان ان "على الجيش (النظامي) السيطرة على هذه القرى ليفك الطوق في شكل كامل، وما زال يتوجب عليه طرد اربعة آلاف مسلح من المنطقة".
ويؤكد حمدان ان القوات النظامية هي التي قامت "بتحرير" المنطقة. ويتابع "حزب الله موجود الى جهة الغرب قرب الحدود اللبنانية، وليس هنا"، وذلك ردا على سؤال عن دور الحزب اللبناني الشيعي في القتال الى جانب القوات السورية في القصير.
وحققت هذه القوات في الشهر الماضي تقدما في منطقة القصير التي تعد صلة وصل اساسية بين دمشق والمناطق الساحلية عبر محافظة حمص. واقر الامين العام لحزب الله حسن نصرالله بان عناصر من حزبه يقاتلون في القصير "للدفاع" عن قرى حدودية سورية يقطنها لبنانيون.
على مدخل الغسانية، يحتسي جورج الثلاثيني قدحا من الشاي، وهي يتكىء الى وسادات موضوعة على الارض.
عاد هذا العامل في البناء، من مدينة طرابلس في شمال لبنان الى قريته للمرة الاولى منذ اشهر. ويقول "عندما ابلغتني ابنتي قبل يومين ان الطريق باتت مفتوحة، تركت كل شيء وعدت الى هنا".
"فرانس برس" تدّعي الأكثرية المسيحية في قرية لا يقطنها أي منهم!

زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية